تنص المادة 110 من الدستور على انه : « لا يجوز إسقاط عضوية احد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، او فقد احد شروط العضوية التى انتخب على أساسها أو أخل بواجباتها. ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضائه». كما تنص المادة السادسة من قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014: على أنه : « يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظاً بالصفة التى تم انتخابه على أساسها ، فإن فقد هذه الصفة أو غير انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلاً ، أو صار المستقل حزبياً ، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس» . والسؤال المطروح هو: ماذا يقصد بالصفة الانتخابية ؟ إن المادتين الثانية والخامسة من قانون مجلس النواب نصتا صراحة على أن «الصفات هى العامل ، الفلاح ، الشباب ، المواطن ذو الإعاقة ، المصرى المقيم فى الخارج». وأضافت المادة السادسة من قانون مجلس النواب أن « من يفقد الصفة التى تم انتخابه على أساسها تسقط عضويته وهى بذلك تحافظ على تطبيق المادتين الانتقاليتين فى الدستور وهما 243 ، 244 اللتين أوجبتا على الدولة أن تعمل على تمثيل العمال والفلاحين والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج تمثيلاً ملائماً فى أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار الدستور على النحو الذى يحدده القانون . أما فى شأن ما تضمنته المادة السادسة من قانون مجلس النواب أن العضوية تسقط أيضا إذا غيّر العضو انتماءه الحزبى الذى انتخب على أساسه أو أصبح مستقلاً ، أو صار المستقل حزبياً , فهذه الاضافة من قبل المشرع محل نظر لعدة أسباب هي: أولاً : أن الأصل العام هو عدم جواز إسقاط العضوية, لكن المادة 110 من الدستور وضعت استثناءات وهى : فقدان الثقة والاعتبار . وفقدان احد شروط العضوية . والإخلال بواجبات العضوية. ثانياً : إن إسقاط العضوية وفقاً لحكم المادة 110 من الدستور حال فقدان الثقة والاعتبار او الإخلال بواجبات العضوية هى بكل المعايير عقوبة . ثالثاً : أن طبيعة الأسباب التى تتصل بفقد شروط العضوية تقتضى أن يكون إسقاط العضوية فى هذه الحالة منوطا بسببه وجوداً وعدماً بحيث إذا استوفى العضو الشرط الذى تخلف فيه والذى سقطت عضويته بسببه جاز له الترشح مرة أخرى ولو فى ذات الفصل التشريعى الذى أسقطت عضويته فيه، أما النوع الثانى من الأسباب المتعلقة بفقدان الثقة والاعتبار أو الإخلال بواجبات العضوية فإن قرار إسقاط العضوية المبنى عليه يعتبر جزاءً مسلكياً ينال من صلاحية العضو للترشح فى الفصل التشريعى الذى أسقطت العضوية فيه الا اذا اصدر المجلس قرارا بإلغاء الأثر المانع من الترشح والمترتب على إسقاط العضوية بسبب الإخلال بواجباتها ( لقرار هنا يصدر بأغلبية الثلثين). وطالما لم يرتب المشرع (مادة 8 من قانون مجلس النواب) الحرمان من الترشح فى ذات الفصل التشريعى بالنسبة لحالة إسقاط العضوية بسبب فقد شروط الترشح ، فالنتيجة أن من سقطت عضويته لهذا السبب يمكنه الترشح على ذات المقعد وفى نفس الفصل التشريعى . لكن ذلك لن يتحقق الا بالنسبة للمقاعد الفردية حيث تجرى انتخابات تكميلية على المقعد الفردى ، أما اذا كان خلو المقعد جراء إسقاط عضوية احد المنتخبين بنظام القوائم فلن توجد انتخابات تكميلية لأن المادة 25 من القانون رقم 46 لسنة 2014 نصت على أن « يحل أحد المترشحين الاحتياطيين وفقاً لترتيب الأسماء الاحتياطية من ذات صفة من خلا مكانه . وهنا يبرز وجه من وجوه الإخلال بمبدأ المساواة بين أعضاء مجلس النواب, فلمجرد كون من أسقطت عضويته بسبب فقدان احد شروط العضوية - و هو مستقل - سيتاح له الترشح على ذات المقعد فى نفس الفصل التشريعى ، وان كان من القوائم فلن تتاح له نفس الفرصة نظرا لتصعيد الاحتياطى من القائمة, و فى هذا إخلال واضح بمبدأ المساواة بين الأعضاء المستقلين والأعضاء فى القوائم. رابعاً : ومن زاوية الأعضاء المنتخبين والأعضاء المعينين ، سنجد أن المادة السادسة من القانون 46 لسنة 2014 إنما تخاطب الأعضاء المنتخبين فقط (..غيّر انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه.. ) ومفاد ذلك أن الأعضاء المعينين بمقدورهم التغيير وهم بمأمن من إسقاط العضوية، وهنا يبرز وجه آخر من أوجه عدم المساواة بين المعينين والمنتخبين. يدرك المشتغلون بالقانون والدارسون له «إن القوانين نافذة ويعمل بها بعد ثلاثين يوماً من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلا إذا حُدد لذلك ميعاد آخر ، وتظل نافذة حتى يقرر المشرع إلغاءها أو أن تقضى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها . لكننا فى هذا المقام نؤكد أنه من غير المستساغ أن تنسب غايات شخصية إلى السلطة التشريعية لأنها دوماً تستعمل سلطتها فى مجال التشريع لتحقيق المصلحة العامة ولا غاية لها غير ذلك ومن دون إهدار لغاية مخصصة تكون قد رسمت لتشريع معين. إننا فى ذلك اهتممنا بدلالة المنطوق و بالمعانى الحقيقية للألفاظ, كما بحثنا عن مقاصد التشريع مؤكدين أنه إذا اتحدت الواقعات تساوت النتائج, كما أن الأحكام تدور مع العلة ولا تدور مع الحكمة منها, حيث لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة حال وجود نص واضح يجعل المعنى قاطعا فى الدلالة على المراد. و المؤكد أن النائب فى البرلمان يمثل الأمة كافة. هذه مبررات لإعادة القراءة الهادئة للمادة السادسة من قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014.
------------------------------- أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنصورة. لمزيد من مقالات د.صلاح الدين فوزى