«من إحدى شرفات أطلال حارة المغاربة فى القدس الشريف، رأينا الآثار الفلسطينية والإسلامية تنهبها يد الصهيونى الغاصب على مر عصور الاحتلال جهاراً نهاراً»، بهذا الفيلم التسجيلى بدأت فعاليات الاحتفال بيوم التراث الثقافى العربى بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، بحضور السفير بدر الدين العلالى الأمين العام المساعد للجامعة العربية، والكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصرى، والدكتور خليل قراجه الرفاعى، وكيل وزارة الأوقاف والشئون الدينية بفلسطين، والدكتور غيث فريز مدير مكتب اليونسكو بالقاهرة، ولفيف من العلماء وخبراء الآثار. .................................................. أدار الاحتفال الدكتور محمد سعد الهاجرى مدير إدارة الثقافة بقطاع الشئون الاجتماعية بالجامعة العربية، مؤكدا أن الهدف من هذا اليوم هو إحياء التراث الثقافى العربى وإظهار قيمته التى تكمن فى بناء الحضارة والقيم الإنسانية والاعتزاز بالماضى ومحاربة التشويه الذى استهدف التاريخ والحضارة العربية، وكذلك خلق التواصل بين الاجيال والتشجيع على الابداع من أجل تحقيق التنمية المستدامة. ونيابة عن الأمين العام لجامعة الدول العربية، رحب السفير بدر الدين العلالى رئيس قطاع الشئون الاجتماعية بالأمانة، بالحضور قائلا: يطيب لى توضيح أن الجامعة أقرت يوم 27 فبراير من كل عام احتفالا بالتراث العربي؛ حيث إنه ذكرى أليمة لتدمير متاحف الموصل بالعراق على يد الإرهاب الغادر، لنضعه دائماً نصب أعيننا وأذهاننا، ونعى ضرورة الحفاظ على التراث الثقافى العربى فخر الأمة وعزتها. وتابع: تنفيذا لتوصيات الاحتفالية العام الماضى جرى عقد مؤتمر «التطرف وأثره السلبى فى مستقبل التراث الثقافى العربى» بالتعاون مع الأزهر الشريف فى مقر المشيخة، وصدر عنه بيان ختامى وتوصيات، كان من أهمها: استحداث مادة الحضارة العربية والثقافة الإسلامية؛ لتدريسها بالمعاهد والمدارس بالدول الأعضاء الجامعة العربية. تلاه وزير الأوقاف المصرى فى الكلمة مشيداً بأوراق العمل المقدمة وعلى رأسها أثر الاحتلال فى الموروث الحضارى، وأثر الإرهاب والتطرف فى التراث الثقافى بالوطن العربى، وقال: لا شك أن أمتنا العربية تملك تراثاً إنسانياً وأخلاقياً وحضارياً، لنا أن نفخر به فى كل المجالات، ناهينا عن أن هذا التراث عمل أعداؤنا على مدى التاريخ على طمسه؛ لذلك يعد الحفاظ عليه جزءًا من الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية معاً، مؤكداً أن حضارتنا تقوم على التسامح والتعدد والتنوع. أما الكاتب الصحفى مكرم محمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ففى كلمته حيّا الجامعة العربية، التى لا تزال تناضل رغم ظروفها الصعبة، من أجل عالم عربى أكثر تضامنًا وقوة، وتدفع بالعمل العربى المشترك إلى مستوى الأمنيات التى ينشدها الشعب العربى من المحيط إلى الخليج، بقيام دولة فلسطينية تعيش فى أمن وسلام عاصمتها القدسالشرقية، ولا تزال الجامعة تعتبر هذين الشرطين الواجبين، الأساس الممكن والوحيد لقيام سلام شامل وعادل فى الشرق الأوسط، تحت شعار المبادرة العربية، «كل الأرض مقابل كل السلام». وأضاف قائلا: تحية إجلال واحترام للجامعة العربية التى تحافظ من موقعها على هوية العرب الثقافية التى يتهددها أخطار تنذر باندثار حقوقهم التاريخية وتفتيت عناصر وحدتهم وتضامنهم، والاحتفال بيوم تراث الثقافة العربية حدث يؤكد القيمة الإنسانية لتراث العرب الثقافى الذى وحد الأمم والشعوب وقارب بين ثقافاتهم المختلفة فى العصر الوسيط، عندما كانت أوروبا لا تزال تعيش عصور الجهالة والخرافة، بينما يدرس العرب تراث سقراط وأرسطو بحثًا عن الحقيقة، ويعلون قيمة العقل الإنسانى، ويجعلون حسن استخدامه واحترامه فضيلة إنسانية واجبة ويفردون له مكانة تسبق مكانة النقل، إلا أن يكون النقل قرآنًا أو سنةً، ويبقون على باب الاجتهاد مفتوحًا بلا قيود. وتابع: من حقنا أن نفخر بتراثنا العربى فى مجالات عديدة ونعده جزءًا من هوية العرب وشخصيتهم، وقد يكون من الضرورى أن نبقى على هذا التراث حيًا ينبض بالحياة، لا يموت ولا يتقادم لأنه يجدد نفسه على نحو منتظم، مثل شجرة صالحة أصلها ثابت فى الأرض،. وأظن أننا عانينا الكثير من سوء فهمنا لتراثنا التاريخى، وفصلنا غير الصحيح بين الموروث الثقافى وبيئته الأصلية، وتأويلنا المتعسف لكثير من المنقول، بما يوجب إعادة فحص هذا التراث وتقييمه فى ضوء معارف العلم ومطالب العصر الجديد. ومن فلسطين قال الدكتور خليل الرفاعى، معلقاً على الفيلم التسجيلى حول تاريخ حارة المغاربة فى القدس وسرقة التراث المقدسي: أى حديث بدون القدس يكون «خِداج»، فالقدس فى الرؤية العربية والإسلامية ليست مجرد أرض محتلة، وإنما هى جزء من العقيدة الإسلامية والقومية، محذرا من سعى المحتل الغاشم إلى تهويدها وطمس هويتها العربية والإسلامية والمسيحية، فى الوقت الذى تشكل فيه الصهيونية تاريخها المزيف وتجسيد فكرة الهيكل المزعوم، مع هدم المساجد أو تحويلها لكنيس. وختم بالتأكيد أن القدس بالهمم ستبقى عاصمة أبدية لفلسطين. وفى الجلسة الثانية تم عرض أوراق عمل حول التراث، وعناوينها هى: «تسويق التراث المصرى»، والإبداع التراثى فى الفن المصرى»، و«التراث التقليدى لسلطنة عمان»، و«متاحف الفنون مدخل لتعميق التراث الثقافى الفنى»، و«الحفاظ على الموروث الثقافى فى مواجهة التطرف»، و«مشروع الحفاظ على مدينة القصر الأثرية بالواحات الداخلة». وفى ختام الجلسة أصدر البيان الختامى والتوصيات، وكان فى صدارتها: إدانة الانتهاكات الاسرائيلية فى محاولة طمس الهوية التراثية الثقافية العربية الانسانية فى القدس خاصة ودولة فلسطين عموما، وتأكيد اعتبار القدس عاصمة التراث العربى بصفة عامة، وأن يكون محور الاحتفال لعام 2019 حول «تراث القدس تراث الامة العربية». وكان الحفل قد تضمن معرضا يضم أشكال الموروث الثقافى العربى مقدما من بعض الدول (أزياء - لوحات مأكولات - مشروبات - حلى - خزف - مشغولات يدوية) بالإضافة إلى بعض المنتجات والصور والكتب والخرائط التراثية مقدمة من: «الجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية»، و«مركز ارسيكا/ اسطنبول»، و»مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية»، كتب عن التراث الثقافى مقدمة من منظمة الاسيسكو، و»المعهد الثقافى الافريقى العربى»، ومركز الفسطاط للحرف التراثية، وكلية الاثار جامعة الفيوم، ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بالإمارات، بالإضافة إلى متحف إلكترونى مقدم من كلية السياحة والفنادق بجامعة السادات.