* محافظة القاهرة : اللجوء للقضاء يعرقل تنفيذ القرارات أحيانا ..والحل تفعيل قانون اتحاد الشاغلين فى مشهد يتكرر على فترات.. تنهار عقارات قديمة متهالكة كانت تنذر بالسقوط قبلها بوقت كافِ بظهور شروخ فى جدرانها أو أساساتها أو سقوط جزء منها ..بيوت قائمة منذ سنوات طويلة ولم تطلها صيانة أو ترميم أو تنكيس ودائما ننتظر الفاجعة ..وقتها تشكل لجان هندسية لمعاينة البيوت المحيطة بالعقار المنهار، ولا يحدث أى جديد إلى أن يمر الوقت ويصبح الموضوع فى طى النسيان ..السطور التالية تتناول المشكلة التى تتجسد فى أحد الاحياء فى قلب العاصمة. استغاث ب«الأهرام» عدد من سكان «منية السيرج» بمنطقة شبرا فتوجهنا إلى تلك المنطقة رصدنا بالكلمة والصورة، بيوتا حفر عليها الزمن علاماته من شروخ وأجزاء منهارة وأرضيات هابطة وأسقف خشبية، عندما التقينا سكان المنطقة انقسموا إلى فريقين اول يريد البقاء فى منطقته التى لا يعرف العيش فى غيرها، حتى لو تعرض لمخاطر وكان أغلب هؤلاء من الملاك، أما الجانب الآخر فأكثره من المستأجرين وقليل من الملاك تمنوا ترك المكان وانتقالهم إلى أماكن أخرى يشعرون فيها بأمان. محمد جمال أحد الشباب يقول : ولدت فى هذا البيت وتزوجت فى إحدى غرفه المتهالكة فلا يوجد لديّ بديل، أعمل سائقًا وبالكاد يكفينا ما أحصل عليه يوميًا مصروفات أكل فقط ..وبرغم أن السقف يكاد يلامس الرءوس من آثار التصدع. ابتسام عبد الله تعيش بالمنطقة منذ أكثر من 30 عامًا، وكانت تعيش مع والدة زوجها قبل أن يتوفاها الله قبل 20 عاما، تقول ندفع إيجارا 150 جنيها وهو يتناسب مع دخولنا البسيطة وعلى قدر مساحة الشقة غرفتين ودورة مياه، ونتوقع وقوع البيت فى أى لحظة. أم ناصر تعمل فى البوص و تقيم فى منية السيرج منذ نحو 50 عامًا، وبعد مرض زوجها تحملت العمل بمفردها دون كلل، وبعد أن تصدع جزء كبير من المنزل وتهاوت أرضيته أقامت حائطا على نفقتها ليسند باقى الجدران . تقول: صاحب البيت لا علاقة له بالمنزل، فهو يتقاضى مبلغا زهيدا ومنذ مرض زوجى وعدم قدرته على الحركة تمامًا، توقف عن مطالبتنا بإيجار، نحن نتمنى أى مكان بديل توفره لنا الدولة حتى نعيش أيامنا الباقية فى أمان. أم وجيه تجاوزت الستين، فتحت عينيها على هذا البيت المقام على سطح الأرض دون أعمدة، تقول: أذكر أيام الزلزال عندما تراقص البيت يمينًا ويسارًا بقوة جعلتنا نتوقع سقوطه . نحتاج حياة ومن خلال فتحة ضيقة طلت أم صابر السيدة العجوز برأسها وقالت إنها تسكن هذا القبو منذ 60 عامًا، فمنذ أن وعت للدنيا وجدت نفسها تعيش فيه مع أسرتها، فهو ملك لوالدها وتزوجت وأنجبت أبناءها فيه .. قبو به فتحة لا تسمح بدخول شعاع الشمس عندما تنظر للداخل.. سألناها ماذا تحتاجين ؟ قالت فى حسرة: «نحتاج حياة». وفى الطابق الأول فوق الأرضى التقينا زوجة أحد ورثة المنزل فى شقة مكونة من حجرة وصالة والتى تستخدم أيضا كمطبخ لأسرة من 6 أفراد، بينهم طفلتان مصابتان بإعاقة ذهنية وجسدية، تقول رضا السنوسى: تزوجت ابن خالى وسكنت هنا فى منزل والده، وكان فى البداية «دور أرضى» فقط ثم ارتفع مالكه بطابقين آخرين بدون ترخيص، وخلال السنوات الماضية تم ترميم البيت مرتين، وتسكن والدة زوجى فى الطابق العلوي، وهى سيدة مسنة تتحرك بصعوبة بالغة، وتقول هذا ما يملكه زوجى وأشقاؤه من حطام الدنيا، وليس لدينا أموال لتجديد المنزل أو السكن فى مكان آخر. إبلاغ الحي حملنا هموم الأهالى وحصيلة جولتنا إلى خالد مصطفى المتحدث الإعلامى لمحافظة القاهرة الذى أوضح أن معظم أحياء القاهرة القديمة تعانى قدم المنازل وخاصة أحياء الخليفة وبولاق أبو العلا وشبرا، وهناك منازل فى القاهرة تخطى عمرها 500 عام ومازالت مشغولة، ومن المعتاد أن يقوم سكان العقار بإبلاغ الحى إذا حدث شروخ أو تصدع بالمنزل من الداخل أو الخارج، والذى بدوره يشكل لجنة هندسية على الفور لمعاينة العقار وتقدم اللجنة توصياتها، وترفع للجنة أعلى مٌشكلة من أساتذة جامعات للتأكد من سلامة توصيات لجنة الحي، سواء كان ترميمًا أو تنكيسًا أو إزالًة، وإذا كان العقار فى حالة خطورة داهمة يحول الملف للجنة «الخطورة الداهمة» والتى تقرر إزالته ، ويصدر قرار باخلاء المنزل وتوفر المحافظة شققًا بديلة لتسكين المواطنين، مشيرًا إلى أن المشكلة التى تواجهنا غالبًا فى البيوت القديمة أن ساكنيها مستأجرون بمبالغ زهيدة جدًا، وإن كان المنزل يحتاج إلى ترميم فأصحابه - ويكونون غالبًا من الورثة وغير منتفعين منه لأنه بمثابة وقف لهم - يرفضون الدفع للترميم، وعلى الجانب الآخر يرفض المستأجر أيضًا المساهمة فى الترميم بحجة أن للمنزل أصحابا هم أولى به ، فنظل ندور فى هذه الدائرة المفرغة ..لذلك شدد المحافظ على تفعيل القانون 118 الخاص باتحاد الشاغلين ، وهو كيان قانونى نستطيع من خلاله إلزام السكان بتنفيذ القرارات الصادرة من الإدارة المحلية. حصر شامل وأضاف خالد مصطفى أن المحافظ وجه تعليماته لرؤساء الأحياء، فكل رئيس حى عليه عمل حصر شامل للعقارات القديمة الكائنة فى نطاق حيه، ويحدد القرارات الصادرة لها وما هى أسباب ومعوقات تنفيذ هذه القرارات، والتى تكون أحيانًا صادرة منذ سنوات طويلة، . من جانبه قال الدكتور خالد الذهبى رئيس المركز القومى لبحوث اسكان والبناء، إن المركز يقتصر دوره على البحث الميدانى فقط، والوقوف على أهم المشكلات التى تواجه القاطنين فى المناطق التى تحتاج إلى تطوير، وكيفية التغلب على هذه المشكلات، وقدمنا بالفعل عددا من الأبحاث والدراسات للعديد من المناطق التى تحتاج إلى تطوير.
تطوير المناطق غير المخططة بعد الانتهاء من «الخطرة»يتكلف 350 مليار جنيه المهندس خالد صديق المدير التنفيذى لصندوق تطوير العشوائيات، أوضح أن العشوائيات تنقسم إلى قسمين : مناطق آمنة وأخرى غير آمنة والتى بدورها تنقسم إلى عدة أقسام : مناطق ذات خطورة داهمة، يليها مناطق السكن غير الملائم، ثم السكن الخطر على الصحة - مثل العيش بالقرب من خطوط الضغط العالى أو المناطق الصناعية أو مناطق البرك والمستنقعات - وأخيرًا مناطق الحيازة غير المستقرة والتى لا يملكها الساكن بالرغم من صلاحيته إنشائيًا. واضاف أن هناك مناطق غير مخططة تشغل 40 % من مسطح المدن والحضر بواقع 160 ألف فدان، والتى تتحدد طبقا للمعايير التى تنص على أن المنطقة التى يكون 50% من منازلها غير آمنة تندرج تحت المناطق غير الآمنة والخطرة. وكشف عن أن صندوق تطوير العشوائيات سيبدأ فى تطوير المناطق غير المخططة فور الانتهاء من تطوير المناطق الخطرة التى سننتهى منها هذا العام، موضحًا أن المناطق غير المخططة تحتاج إلى ما يقرب من 350 مليار جنيه للتطوير.