كان مهما أن يكون إبراهيم نافع صحفيا ذا خلفية اقتصادية، حين تولي رئاسة مجلس إدارة الأهرام خلفا لعبد الله عبد الباري، وقد كان لي وأنا متدرب مبتدئ، حظ حضور مشهد الاجتماع الأخير لعبد الباري قبل مغادرته الأهرام إلي وجهته الجديدة وتسليمه رئيس التحرير إبراهيم نافع رئاسة مجلس إدارة الأهرام. وقفت متفرجا مشدودا إلي تقاليد الاحترام والشياكة التي تمتع بها المشهد، . كان هو الذي يؤكد عن نفسه، بفخر، مفهوم الصحفي الاقتصادي، قولا وعملا بالأهرام وقفزا بالصحيفة والمؤسسة الي آفاق رحبة، من التوسع محليا وإقليميا ودوليا. وكان لي حظ لقاء الأستاذ هيكل في لندن أكثر من مرة، وفي احدها ذكر إبراهيم نافع بهذا المعني، في سياق حديثه عن أهدافه من جعل الأهرام مؤسسة لا تنال منها التحولات السياسية وتقلبات مزاج السلطة. أدرك نافع بوعي ومقدرة معني علاقة الصحافة بالسلطة، وهو معني متداول عالميا، وإن اختلفت نسبه، بحسب طبيعة النظام السياسي، لكن علميا، كلاهما مشدود للآخر بحبل دقيق من تبادل المصالح المهنية بالطبع لكل منهما. صحيح ارتبط نافع وشائجيا بالرئيس مبارك، ولكنه كان ارتباطا، ذكيا بدرجات، حرص فيه نافع، وأعتقد أنه أقنع مبارك أو من حوله بذلك، علي أن يكون مختلفا عن أقرانه من رؤساء تحرير الصحف القومية. فمد من خلال عمله النقابي يدا إلي أقطاب الصحافة المعارضة، واستكتبهم في الأهرام، ليجعلها منبرا للجميع، وكانوا يدركون حساسية موقفه، فكتبوا للأهرام بلغته لا بلغتهم في صحفهم، وحققوا لنافع مرورا آمنا بالأهرام، إلي ضلع ثالث بعد السلطة والصحافة، وهو الدولة المصرية الأشمل بمكوناتها، ومعها كبر الأهرام، وبات الأهراميون يدركون قيمة مؤسستهم، التي أصبحت عافيتها مؤشرا علي عافية الدولة، والعكس صحيحا إلي أبعد الحدود. لا شك في أن لإبراهيم نافع مواقف من الشهامة والتشجيع الإنساني كثيرة يستطيع كل فرد في أجيال أهرامية أن يذكرها ومنهم العبد لله، حين دعمني بشدة في الالتحاق بالعمل بالإذاعة البريطانية، وكانت فرصة بعدها، للتعرف عليه عن قرب في أكثر من بلد، جمعتنا فيه الأحداث. وكان يتهلل مصافحا مرحبا كلما رآني، ويسألني رأيت جماعة »الأهرام«؟ كان ينطق كلمة »الأهرام« بفخر واعتزاز لا يمكن أن يمر علي السامع مرور الكرام. رحمه الله.