رأيت وجهه علي الشاشة.. واستعدت حكاية زمن كامل يوشك علي السقوط. بدا إبراهيم نافع في الصورة أقرب إلي الضحية. ضحية ألقت به السلطة لإلهاء الجماهير التعيسة بدوام الحال.. واستقرار الفاسدين علي مقاعد السلطة.. والتقطها أعداء الفساد لينتقموا من ظلم وطغيان كانت أياديه ممتدة في كل مكان من أبواب الرزق بدءاً من المصانع.. إلي منصات الرأي في الصحف. إبراهيم نافع واحد من بارونات الصحافة، في 25 عامًا وصل إلي قمة الأهرام.. أو صحيفة الرئاسة.. وصل في عصر صحافة عرجاء.. تسير في زفة السلطة.. وتجهز فرق مداحين.. وتفرش الأرض بالسجاجيد والورود أمام أنصاف المواهب أو أرباعها أو شطار القفز في أي عروة جاكتة لكبير في السلطة أو حتي مخبر صغير يجد حظوة في مقار أمن الدولة. هو بارون من هذا الزمن غير السعيد. صورة الضحية أعجبت إبراهيم نافع. ملامح وجهه للوهلة الأولي توحي بأنه خُلق لهذه الصورة لا غيرها. وهو فعلاً، ومن حكايات أصدقاء أهراميين، مختلف عن بارونات الصحافة في عصر مبارك.. فهو دمث.. ولطيف وطيب.. يرفض أن يصعد وحده في أسانسير المؤسسة كما يفعل أشباه بارونات وحالمون بالمقعد الذي جلس عليه هيكل. قالوا أيضاً إنه مهذب في الحديث.. يتكلم بفخامة.. عارف بالأمور.. واثق من موقعه في خريطة الكبار بالبلد.. وحتي لو اضطر لخوض معارك ذبح للخصوم.. خصومه داخل المؤسسة أو خصوم الرئيس من حكام آخرين أو من معارضة خرجت عن الصف.. كان يذبح بشوكة وسكينة.. ذبح ناعم لا ردح فيه كما كان يفعل سمير رجب.. أو قتل بالهراوات كما كان يفعل إبراهيم سعدة. هؤلاء هم البارونات الثلاثة الذين أنهوا الصحافة في مؤسسات أممتها الثورة لتكون صحافة كل الشعب وانتهي بها الحال لتكون ميكروفون دعاية للرئيس وأحيانا للحاشية القريبة. رحلة صعود لإبراهيم نافع من محرر في الصفحة الاقتصادية إلي الصحفي الأقرب إلي الرئيس. رغم أنه لم يكن فلتة في الكتابة الصحفية ولم تظهر له كرامات في التحليل الصحفي.. ويفتقد أسلوبه إلي رشاقة أو سخونة يمكنها أن تمرر الوجبة الثقيلة من مدائح الرئيس. صحيح أن الرئيس مبارك أعلن عن إعجابه بسمير رجب.. وهو إعجاب يكشف عن ذوق خاص في الكتابة الصحفية. لكن الأهم أنه كان يثق أكثر في إبراهيم نافع.. سمح له بالتقدم إلي منصب النقيب 6 مرات. والسبب لم يكن نجوميته في الصحافة بل في مهارته كمدير شاطر في السيطرة علي جموع الصحفيين الصغار برشاوي صغيرة (بدل التكنولوجيا في النقابة.. وسيارات التقسيط في الأهرام).. يشعر معها الصحفي بأن هناك رعاية ما.. ولا يدرك أن هناك غنائم أخري تقسم علي مقاسات أخري. وفي الحقيقة، إبراهيم نافع ناظر مدرسة في الإدارة بهذه الطريقة.. بل إن الطريقة نفسها يمكن أن تُسجل باسمه في موسوعة السيطرة الناعمة علي الجماعات المحرومة من أصغر حقوقها. وهذه ميزة إبراهيم نافع في صحافة البارونات.