يأتي العيد كل عام حاملا معه عادات وتقاليد ثابتة بمرور الزمن لا تتغير، وطقوسا اعتاد الناس في كل مكان ممارستها ليكتمل العيد.. ومن أهم مظاهر بهجة العيد الملابس الجديدة التي ينتظرها الكبار والصغار ليشعروا بلذة العيد وفرحته.. ولكن بعد تغير الأحوال والظروف وتداخل المواسم المتتالية مع بعضها تراجعت تلك البهجة لدي العديد من المواطنين.. فقد تزامن العيد هذا العام مع موسم المدارس وما يتطلب من مصاريف طائلة وأصبحت الأولوية لدي الكثيرين شراء متطلبات العام الدراسي الجديد وتأجيل حلم الملابس الجديدة لحين إشعار آخر. قامت «تحقيقات الأهرام» بجولة شملت بعض المناطق الشعبية التي يقبل عليها شريحة كبيرة من المواطنين لشراء ملابسهم واحتياجاتهم، وكذلك أحد كبري «المولات» الشهيرة ببيع الماركات العالمية للملابس، لترصد حركة البيع والشراء قبل العيد. ومن داخل سوق الوكالة الشهيرة الذي يقبل عليها العديد من الأطياف باختلاف مستوياتها والتي توقعنا وجود ازدحام شديد بها من اجل شراء ملابس العيد الا اننا وجدنا عدد قليل منهم، وعندما اقتربنا وجدنا العديد منهم منهمكا في شراء ملابس بسيطة للصغار، والبعض الآخر شغله السؤال عن الملابس المدرسية.. تقول سعاد الزيات: قدمت من محافظة القليوبية إلي الوكالة التي اعتدت أن أشتري احتياجاتي من الملابس منها كل عام، ولكن هذه المرة جئت لشراء «بلوزة» و«جيبة» لابنتي الطالبة بالمرحلة الثانوية، وأجلت شراء ملابس جديدة لها للعيد حتي أنتهي من شراء ملابس المدرسة وإذا تبقي مبلغ فسأرضيها.. كما قررت شراء «بلوزة» جديدة لأختها الصغري لترتديها علي «بنطلون» قديم لديها ، لأن الأطفال لا يعرفون معني الأزمات المالية التي نمر بها، وقد جئت إلي وكالة البلح تحديدا لأنني أعرف الأسعار المنخفضة وقدرتي علي شراء ما أحتاجه وفقا لإمكانياتي البسيطة. أما فؤاد السيد فهو أب لثلاثة أبناء بمراحل التعليم المختلفة يقول: الأولوية الآن في هذا التوقيت لشراء ملابس العام الدراسي الجديد، فسوف اشتري لهم ثلاثة «بنطلونات» وثلاثة «قمصان» للمدرسة، وللأسف لن أستطيع شراء أكثر من ذلك، فحتي لو تبقي معي أي مبلغ فسأدخره لباقي المستلزمات المدرسية من كشاكيل وكراسات. وعن الأسعار المعروضة بالوكالة تقول زينب إبراهيم: علي الرغم من أن وكالة البلح قبلتنا الدائمة في الشراء، فإن الأسعار ارتفعت كثيرا عن العام الماضي، فبعد أن كنت أشتري لكل أطفالي ملابس جديدة في العيد اكتفيت بالشراء لابني الصغير لأنه سيحزن إذا لم يقض العيد بملابس جديدة، أما الكبار فهم يتفهمون ظروفنا الاقتصادية جيدا. وفي لقاء مع بعض الباعة بالوكالة، أكد محمود حمدان أنه يعمل هنا منذ سنوات عديدة وكان ينتظر موسم العيد بفارغ الصبر حتي يبيع كل ما لديه من بضاعة، أما الآن فهو لم يبع أكثر من ربعها وذلك بسبب ضعف الإقبال من جانب الزبائن. وعن شكوي البعض من زيادة الأسعار يقول: إذا كانت هناك زيادة فهي علينا نحن أيضا، فما كنا نشتريه بجنيه أصبحنا نشتريه بجنيهين، وهكذا الأسعار زادت علينا نحن أيضا ووقف الحال يصيب الجميع. بينما قال رمضان السيد: معظم الزبائن تأتي الآن لشراء ملابس المدرسة من «قمصان بيضاء» و»بنطلونات جينز» وغيرها مما يحتاجه الأولاد للمدارس، وكنا نتوقع ذلك بعد العيد وأن نبيع الآن ملابس للعيد ولكن للأسف لم يحدث هذا وبدأنا نعرض ملابس تتناسب مع احتياجاتهم من المدارس حتي تسير الأمور. وعلي جانب آخر، انتقلنا لأحد المولات الشهيرة بالقاهرة الجديدة حيث الحركة تدب في صمت شديد وأعداد هائلة تتجول في طرقات المول الواسع، وتوقعنا أن نجد حركة شراء واسعة للملابس فدخلنا أحد المحال التي اشتهرت بالملابس المستوردة منخفضة الثمن، ووجدنا الزحام علي ملابس الاطفال الصغار أما ركن الرجالي والسيدات فلم نجد سوي متفرجين فقط علي الرغم من أن هذا المحل رفع شعار خصم يصل إلي 50%. وفي لقاء مع أحمد صقر أحد المشترين قال: إنني جئت لاشتري لابني وابنتي ملابس جديدة لأنني لا أستطيع أن يمر العيد دون أن أدخل السرور والبهجة عليهم، ولكن للأسف الأسعار مرتفعة جدا ولا أشعر بأن هناك «أوكازيون» في ظل هذا الارتفاع الكبير، وربما أثر ارتفاع سعر الدولار بشكل كبير، لأن هذا المحل يعتمد بشكل كامل علي المستورد. أما نهلة الصياد فقالت: أشاهد فقط الملابس الحريمي ولن اشتري، فبعد أن كنت في فترة «الأوكازيون» أشتري «البلوزة» ب200 جنيه أصبح سعرها 400 جنيه، وكذلك الأولوية للشراء لأطفالي. أما أحمد السيد فيقول إن الأسعار مبالغ فيها بشكل كبير في كل محال هذا «المول» حيث اننا نتعامل مع ماركات عالمية مستوردة أثر عليها ارتفاع سعر الدولار ولكن ليس لهذه الدرجة، فللأسف التجار استغلوا رفع سعر الدولار كذريعة لرفع الأسعار، فحتي إذا ارتفع الدولار، فالزيادة في الأسعار أكثر بكثير من نسبة هذا الارتفاع.. أنا أري أن الاستغلال هو السمة السائدة الآن وخاصة استغلال موسم العيد، لذلك لن اشتري، فحتي أطفالي تفاهمت معهم واقنعتهم بعدم الشراء حتي نواجه هذا الجشع. وفي لقاء مع مسئول أحد المحال، أكد أن حركة الشراء ضعيفة إلي حد كبير، ومعظم الناس إما أن تشاهد وتمشي، أو تشتري لصغارها فقط، وليس بقدر الأعياد السابقة، ففي السابق كانوا يقبلون علي شراء طقم كامل، أما الآن فيقتصر الأمر علي شراء «تيشرت» فقط أو «بلوزة». وعلي جانب آخر، التقينا أيمن الحسيني، صاحب محل بأحد المولات الذي قال: تراجع البيع بشكل كبير جدا عن الأعوام السابقة، ويرجع ذلك أولا لتعويم الجنيه والارتفاع الجنوني في سعر الدولار، وبالتالي ارتفع المنتج للضعف فبعد أن كنت أبيع القميص المستورد ب150 و 160 جنيها، وصل سعره إلي 350 و 360 جنيها، والطقم أصبح يكلف المواطن نحو 2000جنيه، فمن سيقدر علي ذلك ومن دخله سيسمح بالشراء.. و»السويتر» بعد أن كان يكلفني200 جنيه أصبحت تكلفته 500 جنيه فبكم سأبيعه؟ حتي بعد أن تحولت للبيع بالمنتج المصري وجدت التاجر يقارن نفسه بسعر المستورد ويرفع هو الآخر . وأضاف: كذلك عدم وجود المستورد أثر علي مستوي الذوق العام، فقد كنا ننقل منه أحدث الموضات ونعرضها بشكل محلي، أما الآن فنحن نجتهد من أجل التطوير، ونتمني أن تنتهي الأزمة سريعا وتعود الحركة الشرائية من جديد.