مجزرة جديدة.. 18 شهيدا في قصف الاحتلال لمسجد يؤوي نازحين بدير البلح    ملك إسبانيا: الحرب في غزة جلبت دمارا لا يوصف ويجب أن تنتهي    «مفيش خروج من البيت».. محمد رمضان يفاجئ لاعبي الأهلي بقرارات جديدة نارية (تفاصيل)    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة اليوم وتحذيرات من الشبورة المائية على الطرق السريعة    أحمد السقا يمازح علاء مرسي ويبعده عن ابنته ليرقص معها (فيديو)    ستجني ثمار مجهودك اليوم.. توقعات برج الجوزاء في يوم الأحد 6 أكتوبر    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    والد زين الدين بلعيد ل "الفجر الرياضي": كرماني لا يمثلنا ولذلك جاء بشاهدة كاذبة ليعكر الجو    أول تعليق من كارفخال بعد تعرضه لإصابة قوية مع ريال مدريد    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    رئيس الجزائر لا يستبعد تعديل الدستور وإجراء انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة    السيطرة على حريق فيلا بالتجمع الأول    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    في ذكرى انتصارات أكتوبر.. كيف خدع «السادات» إسرائيل؟    44 ألف سيارة.. الحكومة تعلن مفاجأة جديدة بشأن ذوي الهمم    غارات إسرائيلية عنيفة على طريق المطار ومناطق متعددة بالضاحية الجنوبية لبيروت    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    لتجنب التسمم الغذائي.. الخطوات الصحيحة لتنظيف وغسل «الفراخ»    شعبة الدواء تكشف عن سبب ظهور السوق السوداء    غارات إسرائيلية على منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية اللبنانية    عالية المهدي: الدعم النقدي ليس حلا لمشاكلنا.. و85% من الأسر رفضته في 2006    الأمن العام يداهم بؤرة إجرامية.. ومصرع 3 عناصر شديدة الخطورة بقنا    «مصر للطيران» تنقل 286 مصريًا عالقين في لبنان إلى أرض الوطن.. صور    عيار 21 يسجل 3600 جنيها.. مفاجأة بشأن ارتفاع أسعار الذهب    الإعلامية السعودية ملاك الحسيني تعلن انفصالها بعد إقامة دعوى فسخ نكاح..ماذا قالت؟    قبل عرضه.. تعرف على تفاصيل فيلم آل شنب    مدحت شلبي يوجه صدمة قوية لجماهير الزمالك بشأن أحمد فتوح    حمد إبراهيم: أثق في لاعبي الإسماعيلي..ويجب أن نكون على قلب رجل واحد    مدحت شلبي: نجم الأهلي يهدد بالرحيل    «زي النهارده».. وفاة الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد 6 أكتوبر 2012    يقي من الخرف والألزهايمر.. 5 فوائد صحية لتناول البيض    ريهام أيمن أمام حمام السباحة و"سيلفي" مايان السيد وهيدي كرم.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| علاء مرسي يبكي في فرح ابنته وأخرى تجري عملية جراحية وحقيقة وفاة إعلامي شهير    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    حدث في منتصف الليل| حقيقة تعرض البلاد لشتاء قارس.. وأسباب ارتفاع أسعار الدواجن    صافرات الإنذار تدوي في عدة مناطق بشمال إسرائيل    رئيس " الحرية المصري": انتصارات أكتوبر ستظل علامة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية    من أسرة واحدة.. إصابة 6 أشخاص في حادث سيارة ببني سويف    استئصال ورم كبير من قلب مريضة بمستشفى جامعة أسيوط    نائبا رئيس الوزراء أمام «النواب» غدًا    رابع مُنتج للمشروبات في العالم يبحث التوسع في السوق المصرية    عرض «فرص الاستثمار» على 350 شركة فرنسية    أحمد عبدالحليم: الزمالك استحق لقب السوبر الإفريقي و«الجماهير من حقها الفرحة»    قفزة في سعر الفراخ البيضاء والبلدي وثبات كرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    « عز يرتفع والاستثماري يتراجع».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    أعشق السينما ومهمومة بكل تفاصيلها.. كلوديا حنا عن مشاركتها كعضو لجنة تحكيم بمهرجان الإسكندرية    وائل جسار: عايشين حالة رعب وخوف في لبنان.. ودعم مصر مش جديد علينا    إعلام لبناني: صعوبات في وصول الإطفاء والدفاع المدني لأماكن الغارات الإسرائيلية    "نيويورك تايمز" ترصد تأثيرات صراع الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي    كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    تعيينات وتنقلات جديدة للكهنة في مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس    مصرع طفلة وشقيقها سقطا من الطابق السادس أثناء اللهو ب15 مايو    جوجل والجنيه.. دعم ل«الصناعة المحلية» أم عقاب لصنّاع المحتوى؟    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    ملخص أهداف مباراة الأهلي والهلال في كلاسيكو دوري روشن السعودي    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بنصر أكتوبر مهم لأنه أمر إلهي    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع الأزهر وحكمة التعايش خيارًا
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 06 - 2017

إن ممارسة الحياة فى عالم متنوع ومختلف، وأيضًا فى سياق مشروعية ذلك التنوع والاختلاف سواء الطبيعى منه أو المكتسب، تفرض الحكمة- بوصفها مهمومة بالهداية- أن ترتكز هذه الممارسة أساسًا على صواب الاهتداء فى السلوكين الخاص والعام؛ إذ التلازم بين المعرفى والسلوك، هو ما يشكل الامتياز المعرفى للحكمة، التى هى السبيل إلى ضبط التصرف الإنساني؛ لذا فرهان الحكمة يتجسد فى شجاعة قبول الحياة بوصفها تعايشًا وخيارًا لكل ممارسيها، حيث يفضى التعدد والاختلاف إلى التنوع الخصب للتآلف البشري، الذى يسهم فى إثراء الرصيد المتنامى للتنوير المتجدد، المدعوم بالتواصل كفعالية إنسانية، أى عبر الآخر الذى لا غنى عنه، حيث يحقق التواصل فتحًا على المشترك بين المختلفين، بمعنى أن حتمية صلاحة الأفعال السلوكية مشروطة بأن تكون رهينة دوافعها وأهدافها الإنسانية؛ بل أشكال تجسدها التى تؤكد جدارتها، وذلك ما يعنى أنه ليس ثمة تعصب ضاغط ينتج تمايزًا بين الذات والآخر، بثنائية تبخس الآخر، وتفضى إلى متوالية من المتعارضات التى تسوغ اختراق الآخر، بفرض أو إلزام أو إكراه ذلك الآخر، بأفكار أو أفعال أو معتقدات. صحيح أن هذا الاعتصام بالذات وإقصاء الآخر يشكل آلية الكراهية والتطرف التى تؤسس العيش فى خطر، إذ هذا التوتر يضخ ويستولد التنافر والقطيعة والكراهية بين الذات والآخر التى تنتظم حول رهانات وسجالات استعلائية متطرفة ممزوجة بتخيلات ورغبات وليدة فهم قاصر، تنتج فى مجتمعاتها صراعات لجماعات دينية لقوى صاعدة وأخرى متراجعة فتعمق الكراهية فى أوطانها، لتصبح دار حرب، تتبدى فيها فوضى احتراب المواطنين فيما بينهم عبر الصور الإكراهية التى يذكيها التعصب والتطرف والعنف باسم الدين، وصحيح أيضًا أن بعض هذه الجماعات الدينية، قد غدت ركائز لتحالفات لصالح دول أجنبية ضد أوطانها؛ إذ وفقًا لما أقره «جريهام فولر»، النائب السابق لرئيس مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكية، فى كتابه «عالم بلا إسلام»، الصادر عام 2010، فإن الولايات المتحدة قد مولت بعض تلك الجماعات، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين لمعارضتها نظام جمال عبد الناصر، كما استعانت أيضًا بالإخوان المسلمين للإطاحة بنظام حكم موال لعبد الناصر فى اليمن عام 1962، كما فضح علنًا عام 2015 الجنرال «مايكل فلين»، رئيس الاستخبارات الدفاعية الأمريكية السابق، الدور الخفى للرئيس «أوباما» فى تأسيس تنظيم داعش، مستندا إلى وثائق محظورة تم رفع الحظر عنها بموجب دعوى قضائية، وهكذا يتبدى استبداد الغرب بتفعيله تلك الازدواجية فى التعامل مع المجتمعات الإسلامية، حيث يتمثل الاستبداد فى خلق وهم «الإسلاموفوبيا» بممارسة التهويل النفسى ترويجًا لصورة سلبية منمطة عن الإسلام تستزرع الخوف والعداء والكراهية فى عقول الناس من الإسلام والمسلمين، وهو ما يعد رفضًا عشوائيًا للإسلام يستهدف النيل منه وكأنه تجسيد للشر، ثم بالتوازى تمارس الولايات المتحدة فى الخفاء دعم وإنشاء الجماعات الدينية المتطرفة، لتنفذ- عنفًا- استراتيجية الهيمنة الأمريكية عن طريق الحرب بالوكالة، وبذلك يتبدى خلط الإسلام بالتطرف والكراهية والإرهاب.
ولأن الحكمة مهمومة بالهداية؛ لذا فإنها تؤكد ضرورة إدانة وفك التمفصل- المصطنع، والزائف، والمغاير للحقيقة- فيما بين الإسلام و الكراهية والتطرف والعنف، بوصفها خصائص تتعارض مع الخطاب القرآنى وينفيها ولا يتوافق معها، ولا شك أن فك ذلك التمفصل لا يتأتى إلا من خلال إشهار خطاب الحق، تصديًا للظواهر الزائفة التى يلصقونها بالإسلام، واستصدار التشريعات التى تتضمن صياغة القواعد والنظم التى تدين الكراهية والتطرف والعنف باسم الدين، وذلك عبر المؤسسة الدينية، والمؤسسات القانونية، ومؤسسات الضبط الاجتماعى التى يقع على عاتقها صياغة التنظيمات التى تحمى الحقوق وتدين ما يعاكسها أو ينكرها، انطلاقًا من أن نزعة إنكار الآخر محض أعراض اختلال الأمن الذهني، وهو ما ينتج الكراهية والعنف، فى حين أن وجود الآخر يتبدى فى الحياة كأنه إشراق الحقيقة، التى لا مجال لإنكارها؛ لذا فإن صدور قانون إدانة ممارسة الكراهية والعنف باسم الدين، سوف يتصدى للمتداول المنكر لحقيقة الآخر وحقوقه، وسوف يشق هذا القانون طريقه إلى العقول فتحًا على الحقيقة، وإثارة الفهم لدى الفرد والجماعة، ترسيخًا للغة الحقوق المتكافئة. صحيح أن الأزهر قد أعلن الانتهاء من إعداد المسودة الأولى لمشروع قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين، الذى سوف يعرض على هيئة كبار العلماء بالأزهر لمناقشته، ثم يقدم إلى مجلس النواب، وصحيح أيضًا أن عدد الدول التى تطبق قانون مكافحة الكراهية على مستوى العالم- وفقًا لآخر إحصاء- قد بلغ تسعًا وعشرين دولة، منها أربع عشرة دولة أوروبية، وخمس دول فى أمريكا الشمالية والجنوبية، وثلاث دول آسيوية، وبلد إفريقى واحد، ونيوزيلندا، وأستراليا، وثلاث دول عربية، هى الأردن، والكويت، والإمارات، لكن الصحيح أيضًا أن هذا القانون سوف يحقق مردودًا إيجابيًا؛ إذ سوف يقود إلى مراجعات شاملة تحدث تحولات فى الفهم والمعرفة، وتنمية ثقافة الحق، واستحقاق الحقيقة، والإقرار بالاختلاف ودرجاته بوصفه ليس خلافًا صراعيًا، واكتساب مشروعية الفهم، والتحرر من التعصب.
أصدرت دولة الإمارات فى يوليو عام 2015 قانونًا يستهدف «مكافحة التمييز والكراهية»، وقد تنوعت عقوبة المخالفين لبنوده، حيث يعاقب بالسجن سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف درهم ولا تجاوز مليونى درهم، كل من تطاول على الذات الإلهية أو الطعن فيها أو المساس بها أو الإساءة إليها، أو التطاول على أحد الأنبياء أو الرسل أو زوجاتهم أو أهلهم أو صحابتهم أو السخرية منهم أو المساس بهم أو الإساءة إليهم بإحدى طرق التعبير أو غيرها من الصور الأخري، كما يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف درهم ولا تجاوز مليونى درهم، إذا وقعت بعض الجرائم المنصوص عليها من موظف عام فى أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية عمله، أو شخص ذى صفة دينية أو مكلف بها، أو وقع الفعل فى إحدى دور العبادة، كما يعاقب بالسجن المؤقت كل من استغل الدين فى رمى أفراد أو جماعات بالكفر، سواء بالقول أو الكتابة، وتكون العقوبة الإعدام إذا اقترن الرمى بالكفر تحريضا على القتل، ووقعت الجريمة، ويعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات، كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جمعية أو مركزًا أو هيئة أو منظمة أو تنظيمًا أو جماعة أو فرعًا لإحداها، أو استخدم لذلك أيًا من الوسائل بغرض ازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية أو تحبيذ ذلك أو الترويج له. وقد نشرت مجلة «درع الوطن» الإماراتية إشادة الأزهر بهذا «القانون الذى من شأنه الحفاظ على الوحدة الوطنية، وتماسك النسيج الاجتماعي، وحماية الحريات والآراء والأفكار الشخصية والمعتقدات الدينية، وترسيخ ثقافة التسامح والعدل والمساواة والتعايش مع الآخر، وأن العقوبات الواردة كافية لردع المحرضين على الكراهية والتمييز أو إثارة الفتن.»
لمزيد من مقالات د. فوزى فهمى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.