وسط فرحة طاغية من القلب وزغاريد النسوة وبسطاء غارقين في الطيبة وأصوات مبحوحة من طول الهتاف تحاول استخراج صوت لتكمل أناشيد سعادتها وتستجمع عقولها لتصديق ما تراه عيونهم. وقد كان غير متصورا قبلا أن تراه بينهم إلا صورا متحركة علي الشاشات أو ثابتة علي الحوائط ولكنه اليوم يتحرك بينهم محاولا الإفلات من حراسته لكي يلتصق بأنفاسهم ويتحسس وجوهم وسلامات يديه تلتصق بيدهم ويلتمس تحقيق أحلامهم فأسعدهم وطمأن قلوبهم الخائفة علي حريتهم المخضبة بدماء أعز أحبابهم الشهداء والتي كانت تسبح حول الميدان تغرد دمائي لن تذهب سدي فالحصاد بدأ يجني أول ثماره رئيسا رجلا بسيطا عفويا تلقائيا واحدا من طيبة ارض مصر مدني ليس من ذو البذلة الكاكي والكاب والجزمة الميري منتخبا بإرادتهم الحرة نتيجة انتخابات نزيهة ليكون أول رئيسا للجمهورية الثانية حاضرا للميدان قادما لتوه من أداء صلاة الجمعة بجامع الأزهر الشريف مع دعاء الآلاف بالتوفيق وتحقيق الاستقرار والبناء والتقدم بمصر الحبيبة. جاء ليلبي مطالبات ميادين التحرير في مليونية تسليم السلطة بحلف اليمين أمام الشعب وفي ميدان التحرير ليس أمام المتظاهرين فقط بل أمام الشعب كله الملاصق للشاشات بالداخل والخارج مع شعوب الكرة الأرضية، فاتحا جاكيته وأبعد حراسه قائلا "جئتكم بدون أن أرتدي قميصا واقيا من الرصاص" وأنه لا سلطة فوق سلطة الشعب وأن الشعب هو مصدر السلطات، ويسعى لإقامة دولة مدنية ديمقراطية دستورية حديثة تكفل المواطنة للجميع وتحترم حقوق المعارضة قبل الأنصار، ولن يفرط في صلاحيات رئيس الجمهورية، ووسط مشاعر الصدق للميدان الممتلئ عن أخره أدي اليمين الدستورية وسط فرحة من سمعه وشاهده عبر الفضائيات فنفد إلي قلوب المصريين الذين أيدوه والذين عارضوه وكنت واحد منهم في الأولي والإعادة "مبطل" ولكن التغيير أنه الآن الرئيس المنتخب شعبيا وثقته بالنفس وبساطته واعتذاره أمام المحتشدين فالرجل والزعيم الذي يملك القدرة علي الاعتذار هو الواثق من نفسه، وينتظر الشعب من رئيسه الجديد بعد تأكيده في خطابه المتوالية للجميع وبعد أدائه اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا ونقل سلطات الرئيس إليه كاملة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يكون رئيسا لكل المصريين يجمع ولا يفرق ملتزما بلم الشمل فأمامه تحديات كثيرة سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، فلابد أن نتكاتف جميعا معه فهو لا يملك عصا سحرية لإنهاء المشكلات فورا أو خلال 100 يوم ومع إعطائه الفرصة للعمل لاختيار حكومة جديدة تمثل وحدة وطنية برئيس ونسبة كبيرة من خارج الأخوان كما وعد تعطي الأمل لجميع فئات الشعب وتكون لها رؤية وأهداف لمواجهة الواقع الحالي والمستقبل فسيتم الحكم علي الرئيس وحكومته وفقا لجيوب الناس ومستوي معيشتهم ولذلك يأتي الاقتصاد في المقدمة والبطالة والأسعار وتوقف المصانع وتحقيق الأمن بعد حالة القلق والفوضى والاستقرار السياسي والاجتماعي وإحداث نقلة صناعية وهذا يأتي فقط بالعمل الجماعي وزيادة الإنتاج والزراعة في الصحاري الواسعة من حولنا مع الإنتاج الزراعي لوقف الهدر والاكتفاء الذاتي والانطلاق للتصدير وتوسيع الرقعة المأهولة بعيدا عن الوادي القديم فعندنا 94% من مساحتنا خالية تبحث عن ونيس، فإذا دارت عجلة الاقتصاد وتبدلت أحوال المواطنين وخاصة البسطاء الذين سعدوا وطافوا الشوارع بمجرد سماع فوز الرئيس الدكتور محمد مرسي بإحساس أنه واحد منهم صادقا محبا لتراب بلده بسيطا وخائفا من الله ومتقيه فيهم، فعندما يجدوا فرص العمل ولقمة العيش الكريمة والمعاملة بكرامة والعدالة الاجتماعية وهي أهداف الثورة المصرية فقط نتأكد أنه الرئيس بالميدان.