وائل عبد الفتاح الجمهورية الكاكي تترنح. تنين يسقط ومعه الدولة كلها. انهم في ابراجهم و علي منصات الكذب الكبيرة يتلون اياتهم الاخيرة...يقولون :"...بعدنا الطوفان". ابراجهم تتسع الان لك مدافع عن دولتهم الميتة...ولو كان الاخوان المسلمين ، عدوهم القديم ، خصمهم في المنافسة علي نفس دولة الوصاية. هم من طينة واحدة ، لكن الجنرالات استأثروا بالبرج واصطادوا الجماعة في القبو. البرج صنع سلطة الجلاد و القبو صنع سلطة الضحية. وهاهما يلتيقيان في "فيلم الموسم " الضحية والجلاد في موسم اعادة دولة الوصاية من مقرها بجوار مبارك علي السرير . مبارك سيدخل حديقة الديكتاتوريات التذكارية ، من بوابة قصيرة جدا . لكنها بوابة مميزة للغاية. ديكتاتور لم يكن له ميزة سوي قدرته علي " التناحة " ، وهي اسلوب لا ستيمة : كيف تواجه كل شيء بدم بارد ، كيف تحكم شعبا عبر شحنات من اليأس. قلت اثناء حكمه انه اخترع شرعية جديدة هي شرعية الملل ، وهاهو يثبت وهو في زنزانته الطبية انهها لم تكن فقط شرعية حكم ولكنها عقيدة حياة. لم يحارب مبارك من اجل عرشه ، لكنه التصق به ، كما يلتصق الان بسرير زنزانته، واولاده عندما يظهرون امام الشاشات يستعرضون جبروتا هزيلا لا احد يعرف من اين ياتي ولا علي ماذا يعتمد ولا اي فكرة كبيرة خلفه ، انه جبروت فارغ لايكشف سوي عن شعور عكسي بانهم اقزام. اقزام تمنحهم السلطة مكانتهم ، ماذا كان سيفعل مبارك واولاده وعائلته كلها ان لم تكن الصدفة قفزت به الي الرئاسة؟ لم يفكر ايتام مبارك...في شكل زعيمهم وهو يدخل خديقة الديكتاتوريات ، انه علامة علي انقراض نوع الحكام الذين يتصورون نفسهم الهة لمجرد جلوسهم. والايتام هنا ايتام فكرة لا شخص ،ولايقتصرون علي الشبيحة الذين يقفون امام الكاميرات كانهم فقرة اعلانية علي هامش محكامة مبارك ،وليسوا فقط البلطجية الذين يطاردون اسر الشهداء لاثارة رعبهم. انهم شرائح كاملة ستفقد مركز حياتها بذهاب مبارك الي حديقة الديكتاتورية المنقرضة. مبارك يشعر بالاسي وايتامه بالحقد المغلي لانهم مثل زعيمهم خيالهم محدود وروحهم اضيق من فتحة اذن طفل صغير. مبارك يري العالم من ثقب باب كابينه في سفينة غارقة ، احلامه لاتتعدي الطفو علي الماء ، ونظامه معدوم الكفاءة الا فيما يتعلق بالسيطرة و الترويض. مبارك انقذ مصر من وجهة نظره ، وتركها صحراء وسطها منتجعات ، وفي قلبها برج عال ، تحميه اقزام بشهواتهم و قدرتهم علي نشر الخوف و الرعب ، ليتصور الشعب انهم الهة ، يحركون جيشا من الارواح الشريرة. مبارك حكم بخياله المريض، ليري الشعب عبيد لا يعترفون بالجميل...ولا بخدماته . الثورة انفجرت في قلب صحراء بشكل ما ، وكشفت عمق الكارثة. نظام مبارك اقزام وليسوا الهة ، ولاسياسة في مصر سوي جسارة كبرت الي ان اصبحت "ثورة حياة او موت". غياب مبارك خلف ستار الغرفة المغلقة ، نتج عنه فراغ كبير عند عباد الديكتاتور و ضحاياه، العبيد يبحثون عن ديكتاتور جديد ، ويمنحون الجيش صك الوهية لاتناقش ، وفي المقابل الثوريون اكتشفوا السياسة في الميدان ، ومعه توق وجودي الي ثورة لا تنتهي، ويشحنون " حالة الميدان " لتدخل الي حالة دائمة ، خوفا من الرجوع الي حالة "ماقبل الثورة". وهنا توحد الجلاد والضحية..لانقاذ التنين قبل سقوطه...هنا ظهرت دولة الوصاية بعد تجديدها بصحاب اللحي...البيادة اذن تسير برعاية اللحية...وكلاهما يبنيان قبرا لا دولة... ....وهذه كانت القصة الخلفية لخروج الامريكان....لمن يري دان يري ماخلف السيرك المنصوب يوميا.