لم يكن المصريون يتخيلون في يوم من الأيام أن تأتي عليهم هذه اللحظات والزخم السياسي, وحجم الاختلاف فيما بينهم الذي يعيد رسم الخريطة السياسية في مصر, وعلي الرغم من كل ما يشوب المرحلة الانتقالية من أخطاء فإن تمخضت عن هذه المعركة خريطة جديدة بدأت القوي السياسية في تشكيلها فرضتها الأحداث والآراء والمواقف, أبطالها هم من خاضوا الانتخابات الرئاسية, أو من كان ينوي أن يخوضها ولم يدخل السباق لرفضه قواعد اللعبة وهو الدكتور محمد البرادعي, وقوي أخري تحاول أن تجمع نفسها لأنها تستشعر الخطر من الإخوان المسلمين والمجلس الأعلي للقوات المسلحة, لكن بالأخص الإخوان, وجاء ذلك كرد علي محاولة الإخوان لتجميع ائتلافات الثورة. ولنبدأ بالدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح الذي دشن بالتعاون مع عدد من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية تيارا جديدا أطلقوا عليه التيار الوطني الوسطي في محاولة لإحداث توازن داخل المجتمع المصري, وكسر احتكار الإخوان والسلفيين, ومن بين هذه الأحزاب حزب الوسط برئاسة المهندس أبو العلا ماضي, وحزب النهضة بقيادة الدكتور إبراهيم الزعفراني, والتيار المصري بقيادة إسلام لطفي. أما حمدين صباحي فيتجه لتشكيل ويدعو إلي تيار ثالث يستهدف إقامة الدولة المدنية, وبعيدا عن المجلس العسكري والإخوان المسلمين, ويجسد أحلام من صوتوا لمصلحة الدولة المدنية في الانتخابات الرئاسية, وقد بدأ بالفعل تشكيل تيار ثالث مكون من10 أحزاب مدنية: المصريين الأحرار, والديمقراطي الاجتماعي, والكرامة الذي أسسه حمدين, والتحالف الشعبي, ومصر الحرية, والاشتراكي المصري, والشيوعي المصري, والتجمع, وبالفعل قد أعلنوا في مؤتمر أمس أهدافهم وشنوا هجوما علي الإخوان المسلمين. ومن جانبه فإن محمد مرسي الذي ينتظر نتائج الانتخابات الرئاسية اليوم, يحاول أن يجمع حوله القوي الثورية وبعض القوي الحزبية في تحرك سياسي تكتيكي بهدف أن يوصل رسالة أن الإخوان لا يبحثون عن الاستحواذ, وأنهم يبحثون عن المشاركة, فهل إذا نجح سينفذ هذه الرؤية؟ وهل سيستمر الإخوان في هذه السياسة إذا فشل مرشحها في الانتخابات؟ أما الدكتور محمد البرادعي فالكل يتسابق علي اسمه ليكون عنصرا أساسيا في أي تشكيل, لكن يبدو أن البرادعي يرفض الاستقطاب السياسي, ويحاول هو تأصيل اتجاه مستقل من خلال حزبه السياسي الذي دشنه وهو حزب الدستور.