عيب وألف عيب, إبقاء مستقبل مصر أسيرا داخل زنزانة معتمة اسمها لأجل غير مسمي, فكل ملفاته وقضاياه المصيرية مؤجلة, ولا يملك المصري المغدور به الحائر سوي تجرع كؤوس المرارة مجبرا حزنا علي انكسار أحلامه الوردية علي صخرة الواقع المؤلم. كنا ننتظر اكتمال فرحتنا بإقبالنا للمرة الأولي علي انتخاب رئيسنا المنتظر بحرية, فإذا بنا نغوص في متاهة لا نعرف أولها من أخرها, إلي أن صحونا علي لطمة اللجنة العليا بإعلانها اضطرارها لإرجاء النتائج حتي حين, لتشتعل البلاد المنقسمة عمليا بين مؤيدي الفريق احمد شفيق, والدكتور محمد مرسي, وتزيد الضغائن والأحقاد وجرعة الإحباط. ومن قبلها حرم الرئيس الموعود من صلاحيات مكتملة تمكنه من أن يكون صاحب قرار, أيضا أرجئت أمالنا في ديمقراطية تحترم إرادة الناخبين الذين تطلعوا لاختيار برلمان يعبر عن تطلعات ثورة شعب ينشد بناء جمهورية مدنية خالصة. ترافق مع ذلك إرجاء الدستور الذي لم نستطع بعد الاتفاق علي شخوص من سيعهد إليهم بصياغته, و أضحي الاختلاف شعارنا المفضل, وتأجل الوفاق الوطني, ترقبا لحدوث معجزة في زمن لا يعرف المعجزات. كذلك فإن خلاصنا من ميراث عهد مبارك قيد التأجيل, فنظامه نغص علينا حياتنا في الماضي ويكدر حاضرنا. الخلاصة المفيدة, أن من بيدهم السلطة يتبعون استراتيجية خبيثة ماكرة تعتمد علي تأجيل كل القضايا المهمة التي يتوقع المصريون حسمها خلال المرحلة الانتقالية المتعثرة, ظنا بأنهم المواطنين سيصيبهم الضجر والملل الذي سيدفعهم للقبول بما يمنح لهم, توخيا للسلامة وراحة البال المشتت, والعصا الغليظة جاهزة لإشهارها في وجه المعترضين الذين يبغون تأسيس الجمهورية الثانية علي قواعد صحيحة ثابتة, لكي يكتب لها البقاء. هم يمعنون في تنفيذ استراتيجيتهم الخطيرة, ويغيب عن تفكيرهم أنها بدلا من تحقيقها غرضهم في السيطرة تقربنا كثيرا من نقطة الانفجار الذي سيقصم ظهر الجميع بدون استثناء, حينها لن ينفعنا الندم والعويل, فكرسي السلطة الزائل لا يساوي قطرة دم واحدة تسيل في مواجهة بين المصريين, فارحموا مصر وارحمونا يرحمكم الله. المزيد من أعمدة محمد إبراهيم الدسوقي