اعذروني إن أخبرتكم أن وجوه المصريين في أيامنا تلك، لا تعكس ما ينم عن ابتهاجهم بحلول الذكري الأولي لثورة الخامس والعشرين، وإقبالهم بشغف علي الاحتفال بها، وان الهم والغم يسيطران عليهم، وكأن ثورتهم الفتية تئن تحت وطأة أمراض الشيخوخة، وأنهم يبحثون عن سبيل يخففون بها اَلامها المبرحة، بعدما فقدت حيويتها وانطلاقها. ولم لا وهم يدفعون دفعا بفعل فاعل نحو مستنقع منغصات تكدرهم وتعكر صفو حياتهم، وتسد أمامهم نوافذ الأمل، وتزعزع ثقتهم في المستقبل وفي قدرتهم علي صياغته بصورة تحقق طفرة عظمي للوطن وللمواطن. خذ مثلا ذلك الحكم القضائي غير المفهوم والمستفز بالإفراج عن إبراهيم فرج الملقب ب سفاح السويس المتهم مع نجله بقتل 18 من ثوار السويس خلال الثورة، مما حدا بعائلات الشهداء لتكوين كتائب القصاص للثأر منهم وتحصيل حقهم بأيديهم، بعد أن خذلهم القضاء، واضطر وزير الداخلية للعودة لأساليب حبيب العادلي، باعتقال المتهمين لدواع أمنية. ويظهر لنا من الحكم أننا إزاء عيوب قاتلة في إعداد النيابة العامة لملفات قتلة الثوار، وأنها غير محكمة وتفتقد أدلة الثبوت الكافية والمقنعة للقضاة الجالسين علي المنصة لإصدار أحكامهم بالعدل. الأفدح أنها تفتح الباب لاتجاه ينذر بمخاطر، متمثلا في إقدام كل من لا يعجبه حكم قضائي بحشد أنصاره وأقاربه لقتل الغريم، حينها سنودع دولة القانون إلي مثواها الأخير. وبما أن المنغصات لا تأتي فرادي، فقد شح البنزين والسولار والبوتاجاز في البلاد، واصطفت السيارات في طوابير طويلة للحصول عليه، برغم تصريحات مسئولي وزارة البترول بتوافره في الأسواق وعدم الانسياق خلف شائعات رفع أسعاره. وحتي تكتمل حلقات المنغصات فاجأ الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، محبيه بالانسحاب من السباق، لان المناخ المحيط غير مشجع، وفشل المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية. وكنت أتمني أن يوضح البرادعي بجلاء ما جعله ينغص علي الذين عقدوا عليه أمالا عريضة باتخاذه قرار الانسحاب قبل تسعة أيام فقط من الخامس والعشرين من يناير، وعما إذا كان له صلة باتفاق ابرم بين الإخوان المسلمين والمجلس العسكري تضمن للطرف الأخير خروجا اَمنا من السلطة، نظير تنازله عن الجزء الأكبر منها للجماعة الفائزة بالمركز الأول في الانتخابات البرلمانية؟ وبغيابه سيفقد السباق الرئاسي منافسا كان يضفي عليه نكهة ومذاقا خاصا وسيجعله باهتا. ولا تتسع المساحة لاستعراض مزيد من المنغصات المحاصرة للمصريين الذين ادعوهم صادقا لعدم الوقوع في فخ اليأس الذي يعد لهم، بواسطة أناس يرغبون في جعلهم يترحمون علي عهد حسني مبارك، وعليهم تذكر أنهم كانوا في الماضي لا يعثرون علي مبرر للتفاؤل والبهجة وواجبهم اليوم الالتفاف حول ثورتهم وحمايتها من المنافقين والمداهنين ومثبطي الهمم نقلا عن صحيفة الوطن الاماراتية