تحدثنا فى المرة السابقة عن رغبة كل وزراء التعليم فى إلغاء الدروس الخصوصية، متناسيين أنها نشأت أصلا بسبب عجز الحكومة عن تقديم خدمة جيدة للطلبة فى المدارس، وذلك لعدة أسباب، أهمها هى تزايد عدد الطلاب عن عدد المدارس والفصول، وتدنى المستوى المعيشى للمعلم مما جعله يبحث عن أعمال أخرى تجعله يعيش بكرامة فكانت أول الأفكار لزيادة دخله، هى أن ييع علمه لمن يريد، وهذا طبعا ليس خطأ، بل الخطأ هو أن يعيش المعلم فى المجتمع حياة الفقراء، ينما يعيش المطربون والممثلون حياة رؤساء الدول والملوك.. الغريب جدا فى قضية محاربة الدروس الخصوصية، هو أن الوزارة تسمح بإنشاء المدارس الخاصة، ووزارة التعليم العالى تسمح بإنشاء الجامعات الخاصة، وكلنا يعلم كم تبلغ نفقات تعليم الطالب الواحد فيها حتى يتخرج، لكن لأن كل هذه الأماكن سيكون للدولة منها نصيب من الدخل فى صورة ضرائب، فلا يأتى أحد على سيرتها، وكأنها تقدم خدماتها التعليمية بالمجان لشعب مصر. أما المدرس الذى سيتم ضبطه وهو يعطى المخدرات للطلاب، أقصد الدروس الخصوصية سيتم حبسة وتغريمه مبلغ مالى كبير!! فهل يكون الهدف من محاولات الوزارة للقضاء على الدروس الحصوصية هو مشاركة المدرس فى رزقه الكبير جدا خارج المدرسة، أم محاولة إعادته للمدرسة مرة أخرى ليعمل بضمير كما يعمل فى دروسه الخارجية، ويتلقى راتب المدرسة الهزيل، تأسيا بالمهاتما غاندى؟! الأغرب من هذا كله هو أن مجموعات التقوية فى المدارس والتى كانت على أيامنا بمالغ رمزية، وكثيرا كانت مجانية لبعض المدرسين الأوائل بالمدرسة، اصبح الأن سعرها يقترب من سعر الحصة فى بعض المراكز الخاصة!! هذا غير أن المدارس كلها قد هجرها المدرسون الأكفاء، ولايعمل بها سوى حديثو التخرج وغير المدربين على التعامل مع الطلاب، وقليلى الخبرة بالمناهج التعليمية التى تتغير كل يوم للأصعب. فهل تعلم يا سيادة وزير التعليم أين يذهب المدرسون المحترفون؟! إنهم ينضمون لمراكز الدروس الخصوصية التى تملأ البلاد من شرقها لغربها، وشمالها لجنوبها، باسعار مختلفة تتناسب مع كافة المستويات، بل أن من لايقدر من الأسر على الإنفاق على دروس إبنه يستدين ليعلمه، لأن كل الشعب المصرى محب للتعليم، ويرى فيه خلاص أولاده من الحياة الصعبة التى عاشها، ولا يريد لهم أن يكرروها. والصورة التى يتم إخفاؤها دائما عن الحالة التى وصلت لها مدارسنا الحكومية، منخفضة التكاليف، يخبركم عنها أى مركز للدروس الخصوصية، حيث مقعد سليم ومريح لكل طالب، ومراوح مثبتة بالسقف، لضمان جودة التهوية للطلاب- وأحيانا وجود تكييفات، الأعداد مناسبة جدا فى الحصة لكل مدرس، وإذا كان العدد كبير كانت الحصة أطول، مراجعة أعمال الطلاب المنزلية وتصحيح أخطائهم أولا بأول، حمامات نظيفة المياه فيها غير مقطوعة، أو الصنابير منفجرة وتملؤها مياه بحيث لايقدر طالب على إستخدامها، إستخدام الأنترنت للتواصل مع الطلاب، وإستكمال الشرح عن طريقه، والأهم من كل ما سبق هو أنهم لا يستخدموا كتب الوزارة فى دروسهم أبدا، لما فيها من أخطاء وغموض وفقر فى المادة المقدمة، رغم أننا نعلم جميعا أن الخبراء الذين تستعين بهم الوزارة فى عمل هذه الكتب، يتقاضون أموالا باهظة. وللحديث بقية .. [email protected] لمزيد من مقالات وفاء نبيل ;