مع بداية مرحلة جديدة تتطلع إليها قلوب وعيون المصريين بالأمل والرجاء لابد من نشوء توافق وطني عام حول أهمية الإسراع باستكمال مؤسسات الدولة والعمل علي تعزيز دورها في المجتمع انطلاقا من إدراك صحيح بأن هذه المؤسسات- سواء كانت حكومية أم أهلية- هي عنوان التقدم من ناحية والضمان الأساسي لإثبات قدرة المجتمع علي حماية أهدافه المشروعه من ناحية أخري. وفي اعتقادي أن مثل هذا التحول الكبير الذي تطمح مصر لتحقيقه يتطلب تكثيف الجهود الكفيلة بتوفير الاستثمارات اللازمة لمواصلة عجلة التنمية علي المستويين الخدمي والإنتاجي بما يحقق الانتعاش المطلوب في السوق المصرية بوجه عام ويسهم إلي حد كبير في توفير المزيد من فرص العمل والحد من أزمة البطالة من ناحية أخري. أيضا فإن أي حديث عن بلوغ عصر النهضة وإنجاز حلم التقدم لا يمكن أن يتم بمعزل عن سياسات رشيدة تسير جنبا إلي جنب مع سياسات التطوير والتحديث والتنمية, وفي مقدمة هذه السياسات ما يتعلق بالعمل علي خفض العجز في الموازنة العامة للدولة وخفض معدلات التضخم ومعالجة الاختلالات الهيكلية وتوجيه السلوك العام نحو الحد من الإسراف والإنفاق الزائد, وتنمية المدخرات الفردية والقومية حتي تتوافر لمسيرة التحول المنشودة كل الأجواء والإمكانيات التي تزيد من رقعة الاستثمار وترفع من طاقة الإنتاج وتعيد الاتزان للعلاقة المختلة بين استيراد زائد ينبغي الحد منه وتصدير متواضع ينبغي الارتفاع به. وهذا الذي أتحدث عنه يحتاج في المقام الأول إلي سياسات مرنة وغير تقليدية تخرج من إطار القوالب المحفوظة, وتملك قدرة التعامل السريع مع أية متغيرات طارئة قد تهب رياحها من الداخل والخارج علي حد سواء بدلا من الإفراط في الوعود الانتخابية التي تتجاوز وتفوق القدرات والإمكانيات المتاحة للوطن! أتحدث عن سياسات تعي وتدرك جيدا أن الاقتصاد الحر يحتاج إلي عيون مفتوحة بكل اليقظة والحذر مثلما يحتاج إلي عقول مؤهلة لسرعة التعامل المرن مع التقلبات والمتغيرات بفائق القدرة علي صياغة البدائل والخيارات الكفيلة بتفادي أية تقلبات محتملة دائما! خير الكلام: