مفاجأة في عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 11 أكتوبر بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    هالاند الهداف التاريخي لمنتخب النرويج فى الفوز على سلوفينيا بدورى الأمم    خطط عدوانية ضد إيران .. ماذا دار في مكالمة بايدن ونتنياهو ؟    متحدث الزمالك: لنا الحرية في إطلاق شعار "أكبر قلعة رياضية".. ولماذا أصبح مستفزا الآن؟    إصابة 5 أشخاص فى انقلاب سيارة ميكروباص بكفر الشيخ    تركي آل الشيخ يكشف عن حدث كبير خاص بعمرو دياب في موسم الرياض    عمرو سلامة: "مشكلتنا في تمثيل الأكشن أن معظم الناس مش بتعرف تتضرب"    روفكون الفائز بنوبل فى الطب لتليفزيون اليوم السابع: اكتشافى سيفيد ملايين البشر    اختلاط انساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    «إتهام باطل.. وإجراء رسمي» رد ناري من وكيل بنتايك بشأن أزمة المنشطات    هشام حنفي: عرضت الجزيري على الأهلي واترفض    إعلام لبناني: غارة لطيران الاحتلال استهدفت بلدة الناقورة في جنوب لبنان    سياسيون: زيارة الرئيس السيسي لإريتريا خطوة محورية لتعزيز الأمن والاستقرار    عضو بالتصديري للحاصلات الزراعية يطالب بخطوات جريئة لمساندة القطاع الصناعي    ملخص ونتيجة مباراة انجلترا ضد اليونان في دوري الأمم الأوروبية    "نظام غذائي صعب".. دينا عن رشاقتها: "باكل كل الحاجات اللي بتطير"    أحمد سالم: الزمالك سيتقدم بشكوى ضد بوبيندزا في "فيفا"    قراءة سورة الكهف يوم الجمعة: دروسٌ في الإيمان والثبات على الحق    وزير الصحة: إيزيس التخصصي يوفر 28 سريرًا و26 ماكينة غسيل كلوي لدعم صحة المرأة في جنوب الصعيد    ارتفاع عز والاستثماري.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    وكيل خطة النواب يكشف لمصراوي معنى "اقتصاد الحرب" وتأثيره على الدعم    بمنشور على فيس بوك، استقالة اللواء عصام البديوي من رئاسة شركة السكر والصناعات التكاملية    متحدث التعليم: تطوير نظام التقييم ليصبح أكثر شمولية وتركيزًا على المهارات والقدرات    رضا عبدالعال: نتائج حسام حسن مع المنتخب ستجبر اتحاد الكرة على استمراراه    «غير موفقة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    في دوري الأمم الأوروبية .. التعادل 2-2 يحسم المواجهة بين منتخبي إيطايا وبلجيكا    محمود فوزى بندوة التنسيقية: الرئيس السيسى موقفه واضح إزاء القضية الفلسطينية    أصعب نهار على «ميدو».. «النقض» ترفض دعواه وتلزمه بدفع 8.5 مليون جنيه لقناة النهار    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة تسيطر على الأجواء    تأكد من بطاقة المأذون قبل كتب الكتاب.. نقيب المأذونين يحذر المقبلين على الزواج (فيديو)    الأب صرخ لإبصاره مصرع نجله.. نص شهادتين في جريمة قتل ابن السفير ب الشيخ زايد (خاص)    عَرض حياة المواطنين للخطر.. سائق عكس الاتجاه في قبضة الأمن    تراخيص البناء.. بشرى سارة بشأن القانون الموحد    التنمية المحلية: رصف وتطوير طرق شمال سيناء بتكلفة 1.2 مليار جنيه    الأمم المتحدة تندد بالاعتداءات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام جنوب لبنان وإصابة جنديين    مأساة عائلة لبنانية.. هربت من جحيم الحرب بالجنوب لتلقى حتفها في غارة على بيروت    بمشاركة مصر.. 100 ألف عنوان في«معرض النيابة العامة الدولي للكتاب» بطرابلس    أكرم حسني يجتمع مع ويل سميث في جلسة حوارية بمنتدى الأفلام السعودي (تفاصيل)    نهى عابدين: طول الوقت عندي هاجس وخوف من تكرار أدواري.. مش عايزه أكرر نفسي    حدث بالفن| حفل زفاف فنانة وحقيقة طلاق نجمة والقصة الكاملة لأزمة شمس وإيمي تاتو    القمة المصرية الصومالية الإريترية.. دلالات ومؤشرات    إصابة 60 جنديا إسرائيليا فى غزة وجنوب لبنان خلال يومين    اليوم.. قطع المياه لمدة 7 ساعات عن بعض قرى أطفيح بالجيزة    أخبار × 24 ساعة.. بدء التشغيل التجريبى للمتحف المصرى الكبير الأربعاء المقبل    الضرب في الميت حرام… هيئة الإسعاف ترفع أسعار خدماتها بنسبة 260%!!    مبادرة بداية جديدة تقدم آلاف الخدمات الصحية لأهالي دمياط    صحة مطروح: تقديم 351 ألف خدمة طبية منذ انطلاق مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    محمد أمين: السادات كان يدرك منذ البداية ما يحتاجه من الحرب    وزير التعليم العالي والبحث العلمي يتفقد المشروعات الإنشائية بجامعة الأقصر (صور)    محافظ شمال سيناء يشهد إحتفال مديرية التربية والتعليم بذكري انتصارات أكتوبر    "قومي حقوق الإنسان" يعقد الملتقى ال 17 لمنظمات المجتمع المدني الأحد المقبل    الطقس غدًا .. معتدل على القاهرة والدلتا وبارد فترات الليل وعظمى القاهرة تسجل 32°    البركة في يوم الجمعة: مكانة الدعاء وأثره في حياة المسلم    «الإفتاء» تحذر من التحايل للاستيلاء على السيارات المخصصة لذوي الهمم: خيانة أمانة    موعد شهر رمضان 2025.. والعطلات الرسمية خلاله    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة غدآ.. تعرف عليها    الجامعات المصرية تحقق إنجازًا جديدًا في النسخة العامة لتصنيف التايمز «HE» العالمي    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطل القومي‏..‏ بين الصياغة والصناعة
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 04 - 2010

فطنت البشرية منذ بواكير تاريخها لقيمة الفرد في حياة المجموع‏,‏ تلك القيمة التي صاغتها كل حضارة وفقا لمفرداتها التاريخية ومقدراتها الذهنية وأسسها العقدية‏.‏ بحيث إختلط مفهوم القيادة في المبتدأ بالقداسة التي بلغت أحيانا حد التأليه تمييزا لاعمال مبدأ الأول بين الأكفاء‏.‏ وكلما نضجت الجماعة كان مفهوم البطل القومي عندها يخرج من عباءة القيادة لآفاق التعبير عن الهم القومي إحتماء بتلك الشخصية المصوغة والتي أسبغ عليها من خوارق القدرات ما يجعل منها أسطورة أو شخصية ملحمية تجسد مخاوف من حولها ومعاناتهم ومن ثم قدرتها علي مواجهة المعضلات أو إسباغ الحماية والخلاص‏.‏
ولقد عايش المصري عبر تاريخه تلك المراحل وما إرتبط بها من مفاهيم إنعكست عليها بالضرورة التحديات التاريخية والتطورات المجتمعية ومن ثم التصورات القومية لطبيعة البطولة‏.‏ فالنظرة لإيمحوتب مهندس الهرم المدرج كبطل قومي تم إستدعاؤه من دهاليز التاريخ بعد عدة قرون ليواجه المصري القديم بتقديسه معنويا ما كان يموج به المجتمع من أجانب حفظا للهوية وتمسكا بمفردات التفوق الحضاري‏,‏ تختلف عن نظرة المصري الحديث لسعد زغلول كبطل قومي عايش أحلام المصريين في الإستقلال ليصبح وفق تفاعلات المشهد مع اللحظة التاريخية زعيما سياسيا خرج من عباءة البطولة القومية‏.‏ كما أن هذا المفهوم عن صياغة البطل القومي يختلف عن مثيله البطل الشعبي الذي تدغدغ حكايا السامر فيه مشاعر المتحلقين حول الراوي لخوارق بطلهم مطلقين العنان لخيالاتهم‏,‏ كل حسب تركيبته الوجدانية حيال مفهوم البطولة بحيث تتعدد الصور والبطل واحد‏.‏ وليست حكايا أبو زيد الهلالي والزناتي خليفة بل وأدهم الشرقاوي عنا ببعيدة‏.‏
والواقع أن العصر الحديث قد شهد مؤسسات قادرة علي صناعة البطل القومي بعدما كانت صياغته إحدي الهبات الذاتية للشعوب في إختيار أبطالها‏.‏ هذه الصناعة أصبحت تتم علي نطاق واسع ووفق آليات شديدة التركيز والتعقيد تعتمد أساسا علي مؤثرات الإعلام المتباينة وتستثمر بعناية حوادث آنية تجعل بمكنتها مخاطبة المجموع بمفردات اللحظة وليس بمعطيات المرحلة وتعتمد في الغالب علي شخصنة الكاريز ما بالفكرة بدلا من الشخصية الكاريزمية التي هي ملك المجموع في صياغة البطل القومي‏.‏
ولعل أخطر أساليب صناعة البطل القومي هي محاولة الخلط بينها وبين مفردات صياغته للإيهام بقدرته علي الإحساس بالمجموع ومعاناته دون طرح لمتغيرات إيجابية من عندياته‏,‏ في زمن تجاوز الخوارق والأساطير في فهم الواقع إلي حلول علمية تستند علي المؤسسات المجتمعية رسمية كانت أم مدنية‏.‏ ومن ثم لم يعد مفهوم البطل القومي حلما بعيد المنال‏,‏ شريطة أن تتم صياغته شعبيا ويترسخ وجدانيا ليصبح معلما تاريخيا في محطات الوطن الزمنية‏.‏ أما أن تتم صناعته وفقا لأهداف مرحلية ثم إستهلاكه سياسيا فهو هدف لحظي قد يخفي حتي علي صاحبه‏,‏ ولعل قبضة ليخ فاونسا في وجه رئيسه أو بالأحري في وجه النظام الشيوعي بميناء جدانسك ببولندا أو كتابات فاتسلاف هافيل الحالمة بالحرية المفقودة في تشيكو سلوفاكيا لم تشفع لكليهما كقادة سياسيين في الإستمرار‏.‏ إذ فطنت الشعوب أن البون جد شاسع بين التفوق المهني أو الحماس الشخصي وبين الرسوخ القومي‏,‏ فالأول قد يصنع مثلا أعلي للأجيال المتعاقبة من نظرائه أما الثاني فيلزمه من التضحيات الحقيقية والرؤي الجوانية ما يؤهله للبطولة القومية التي ليست بالضرورة أن تسعي إليه في حينه ولكنها تظل رهن الإستدعاء من وجدان الشعوب بحكم إيمانهم أن تلك التضحيات والرؤي إنما نبعت من معايشة بطلهم فعليا لهم ثم إحساسه ذاتيا بهمومهم ومن ثم طرح الحلول مستهدفا مصلحة المجموع‏.‏
ولعل مصر في هذه المرحلة من وعيها القومي ليست في معرض المراهقة السياسية التي تجعلها تقع في حبائل الخلط بين الصناعة دون الصياغة للبطل القومي‏,‏ الذي يزخر تاريخها بنماذجه الثرية التي صاغها أبناؤها حبا وإقتناعا‏,‏ ومن ثم فهي قادرة علي الإستدعاء الواعي لرموزها من ثنايا الذاكرة وحنايا الوجدان إذا ما دعا الداعي لذلك‏.‏ بنفس القدر الذي يجعلنا نؤكد أيضا أنها شعبيا ليست بحاجة إلي الشاطر حسن من جديد حتي لا نجد أنفسنا في غمرة حماسنا مضطرين للبحث له عن ست الحسن والجمال‏.‏
المزيد من مقالات د‏.‏ حسن السعدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.