جاءت احكام محكمة جنايات القاهرة لتسدل الستار علي محاكمة القرن وسط تباين ردود الأفعال ما بين مؤيد ومعارض لتلك الأحكام فهناك من يراها احكاما عادلة وآخرون يرونها احكاما مخففة وبينهما من يري أنها احكاما متشددة. بداية يؤكد الدكتور ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة أن هذه النتيجة في الحكم كانت متوقعة بالنسبة لي وذكرتها في كثير من قنوات الإعلام فلم أكن متفائلا بأن تكون الأحكام مرضية لفكرة الثورة والشعب والأغلبية الساحقة لأن هناك تحفظات بدأت منذ بداية المحاكمات فالسيناريو الوحيد لدينا كان هو سقوط النظام ومحاسبته علي كل ما أفسده في مصر, والنتيجة أن التوجهات المختلفة انتهت إلي دعم الفساد وتأمين الفاسدين, فما معني تبرئة قيادات النظام السابق, وهذا ما جعل انصاره يخرجون من الجحور ويتفاخرون بل ويعلنون بأنهم فلول, ومعني ذلك أنهم يقولون أنه لا قيمة للثورة أو الثوار. نقص المستندات ويري الدكتور عدلي رضا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام أن مشكلة هذا الحكم كما اتضح من كلام القاضي أحمد رفعت هي عدم وجود مستندات كافية أو واضحة أو وثائق تدين من حصلوا علي البراءة وهي مشكلة النيابة التي لم تقدم ما فيه الكفاية من أدلة الإدانة, فإذا كان حكم القاضي ببراءة معظم المتهمين فيما عدا مبارك والعادلي فلابد أنه استند إلي قرائن وأدلة بعيدا عن الشك, فالرأي العام المصري هيأ نفسه لأحكام أشد مع هذه الفئة ولكن القضاء أدري بما بالحقيقة بعيدا عن العواطف وفكر الشارع الذي قد لا يدرك الحقيقة. وقال إن هناك أحداثا متلاحقة مع هذا الحكم وهو براءة جميع الضباط الذين اتهموا في قضايا قتل الثوار وكانت تستند إلي فكرة الدفاع عن النفس عند مهاجمة أقسام الشرطة. وفي حالة قضيتنا هذه فإن إثبات القرائن يكون من الصعب خاصة أن المحاكمة بدأت متأخرة بعد الثورة مما أتاح للبعض طمس كثير من معالمها ومستنداتها, وأن البعض الآخر من المستندات شابهها بعض الشك لدي القضاة, لذلك فإننا يجب أن ننتظر كلمة القضاء الأخيرة في النقض لأنها ستحسم الحقيقة خاصة إذا ظهرت دلائل جديدة تتولاها النيابة أو الخصوم. أما الدكتور حامد طاهر نائب رئيس جامعة القاهرة سابقا فيري أن الحكم لا يجب التعليق عليه لأننا لم نجلس في مكان القاضي بكل تاريخه وقيمته إلا أن عتابه أن قاضيا بكل هذا الحجم والقوة والمكانة له أخطاء كثيرة جدا في اللغة العربية, وطال هذا الخطأ نطقه لآيات القرأن الكريم, إذ أنه لا عذر له لأن رجل القضاء لابد أن يكون من أساسيات مهنته النطق السليم للغة العربية لأنها لغة القرآن فما بالك من أخطائه القرآنية, ومع ذلك فإن الأحكام مع احترامها واحترام المستشارين الذين أصدروها تثير الدهشة الشديدة بين حكم بتأييدة وآخر براءة إلا أن تكون مرحلة تنتظر الاستكمال في النقض, ولكن هذا لا يدعونا للإثارة أو الاحتجاج لأن هذا القاضي معروف عنه الحزم والأمانة والعدل وليس مطلوب منه إرضاء عامة الشعب إلا بالحق. الصدمة ويري الدكتور عبدالله زلطة أستاذ ورئيس قسم الإعلام بجامعة بنها أن الصدمة التي تلقاها الكثيرون من نتيجة الحكم ترجع إلي أن المقدمة الطويلة التي قدمها قبل اعلان الأحكام, كانت تنبئ عن أحكام مشددة ستصدر, بعد أن ذكر أن مصر عانت من ظلام دامس طوال30 عاما, وأن شعب مصر العظيم خرج إلي ميدان التحرير يطالب بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية إلا أن النتيجة أن الجميع أصيب بالاحباط بعد صدور أحكام البراءة لمن أداروا ظروف الدولة في هذه الثورة وحدثت عمليات قتل في وجودهم, وأشارت الاتهامات إليهم فكيف يكون هناك اتهام لوزير الداخلية أو مبارك ولا تكون هناك اتهامات لمن نفذوا الحكم فربما كانت هناك ملابسات لا يدري بها أحد كانت سببا في البراءة, وأضاف أن المقدمة أوحت للناس أيضا أن الحكم علي مبارك سيكون الإعدام وربما كان المؤبد يتناسب مع سن المتهم أو يتساوي مع الإعلان بالنسبة للعادلي, ولكن يحكم كل ذلك أن النيابة لم تقدم أدلة قوية تخدم القضية والقاضي يحكم بما هو متاح لديه من مستندات وقرائن وشهود وغيرها وأن هذا يثير ضرورة النقض علي الحكم من جانب النيابة لأن هذا الحكم ليس نهاية المطاف, كما أن هناك فرصة أخري للمدعين بالحق المدني وكذلك الدفاع عن مبارك والعادلي, وفي هذه الحالة فإن أمام محكمة النقض أن تنظر لكل حالة علي حدة ويكون أمامها عدة خيارات بتأييد الحكم أو تخفيف العقوبة أو التشديد في الحكم إذا كان الطعن من النيابة العامة أو محامي المدعين بالحق المدني, خاصة فيما يتعلق بانقضاء الدعوي بالنسبة لعلاء وجمال مبارك وحسين سالم, ومن المتوقع أيضا أن تكون هناك مداولات في محكمة النقض لمدة سنتين إلي4 سنوات, حيث ان هناك مرحلة طعن حتي بعد النقض.