حبس العالم كله أنفاسه في إنتظار لحظة الحكم علي الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وكبار مسئوليه, وقد بذل الإعلام الرسمي والخاص كل جهده لتغطية هذا الحدث المهم الذي أطلق عليه لقب محاكمة القرن. , فكيف يري الخبراء والإعلاميون التغطية الإعلامية لهذا الحدث الذي ربما لا يتكرر؟ التليفزيون كان موفقا يقول الإعلامي الكبير وجدي الحكيم: إن التغطية الإعلامية للمحاكمة كانت موفقة من التليفزيون المصري والذي عرض وجهات النظر المختلفة سواء للرافضين أو المؤيدين للحكم, أما الإعلام الخاص والفضائيات فمنذ الصباح الباكر وهي لا هم لها إلا التشكيك وإثارة الجماهير من أجل جلب الإعلانات, وهذا الموقف لا يحتمل الإثارة, ولابد أن تكون الفضائيات علي قدر الحدث ويمكن أن تستغل هذا الموقف الحساس للتجارة والحصول علي الإعلانات, وهو موقف تسير عليه الفضائيات في كل القضايا المطروحة علي الساحة. وأنا شخصيا راض بحكم القضاء ويجب أن نرضي به جميعا, لأننا إذا نزلنا الي الشارع للإعتراض فان مستقبل البلد الي ضياع, لأن هيبة القضاء يجب أن تبقي قوية, فما كان أمام القاضي من أوراق ومستندات ليس أمامنا, وعلينا أن نرضي بحكم القضاء. ليس لدينا قاعدة معلومات وتري د.مني الحديدي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: أن نقل هذا الحدث علي الهواء شيء إيجابي, ولكن مدلول الحكم كان يحتاج الي إستضافة فقهاء قانونيين علي أعلي مستوي للتحليل وتقديم المعلومة الصحيحة, وهذا الحكم دليل قاطع علي أننا في مصر ليس لدينا قاعدة معلومات يمكن الإعتماد عليها مثلما يحدث في الدول المتقدمة وأننا نعيش خارج نطاق عصر المعلومات, ويجب علي الفضائيات أن تحصل علي رأي رؤساء التيارات المختلفة وأيضا المرشحين للرئاسة لأن ذلك له تأثير علي الجماهير بشكل أكبر من آراء رجل الشارع الذي يجري وراء عواطفه ومشاهره. التليفزيون كان محايدا أما د.محمود علم الدين الأستاذ بإعلام القاهرة فيقول: تابعت التليفزيون المصري فقط, لأنني وجدت علي شاشته الحياد والموضوعية من خلال بث مباشر للمحاكمة من داخل القاعة وخارجها, وقد إتسمت التغطية بالتحليل الهاديء والآراء المتزنة وهذا كان مطلوبا في هذا الوقت الحساس من تاريخ مصر, وأطالب الفضائيات في متابعتها أن تتحلي بالدقة والتوازن, وأن تطرح كل الآراء وليس رأيا واحد فقط, فمصر تحتاج في هذا الوقت الي الإعلام المحايد الذي يناقش كل القضايا بموضوعية بعيدا عن الإثارة وزرع الفتن التي تقوم عليها بعض الفضائيات من أجل جذب الجماهير مهما كان الثمن. عبد الله زلطة - و - ايناس ابو يوسف أقل في المستوي ويقول د.عبدالله زلطة رئيس قسم الإعلام بجامعة بنها: إن التليفزيون المصري كان أقل في المستوي من كل الشاشات الأخري حيث إعتمد علي الضيوف في الإستوديو أكثر من إعتماده علي ما يدور في قاعة المحكمة وخارجها, وهناك فضائيات تابعت المتهمين منذ خروجهم من السجن حتي وصولهم للمحكمة, وإحدي الفضائيات أقامت إستوديو بالقرب من المحكمة لتقديم أفضل تغطية, فكيف للتليفزيون المصري بكل إمكانياته الهائلة لا يستطيع أن يتفوق علي الفضائيات في نقل هذا الحدث المهم, ولعل عدم وجود التخطيط وراء تراجع شاشة التليفزيون المصري في تقديم الأفضل للمشاهدين المتابعين للحكم. ينقصها الإعداد الجيد وتقول د.إيناس أبو يوسف إستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن التغطية الإعلامية كان ينقصها الإعداد الجيد حيث أن المعلومات التي تم عرضها علي الشاشات المختلفة كانت ناقصة وهناك تخبط كبير بين الفضائيات في تفسير الحكم ضد المتهمين, وكان يجب علي فريق الإعداد في كل قناة أن يبذل المزيد من الجهد في تقديم المعلومات وليس في إستضافة الضيوف فقط لأن بعض الضيوف غير مؤهلين بالشكل الكافي, وليس لديهم الحجة القانونية في تفسيرات مثل هذه الأحكام خاصة أن هناك بعض المواطنين يأخذون كل ما يقال علي الشاشة أو في المواقع المختلفة علي انه صحيح. التغطية متوازنة وعاقلة ويقول د.محرز غالي الأستاذ بإعلام القاهرة: كانت الفضائيات متوازنة وعاقلة في التغطية, وشعرت أن الضيوف قد تم إختيارهم بعناية فمعظمهم ليس من أصحاب الصوت العالي, وكانت سمة الحوارات التهدئة وعدم الإثارة حتي الإنتهاء من المحاكمة, أما برامج التوك شو, فربما تشهد بعض الإثارة والآراء المختلفة. أما عن الحكم نفسه فهو مثير للجدل, فكيف يدان متهمون في حكم ويتم تبرئة آخرين من مساعدي وزير الداخلية؟ فلاشك أنه تم التلاعب في الأحراز والقرائن التي قدمت للنيابة.