فى شهر رمضان المبارك تخشع القلوب وفى هذا خشوع للجوارح، من هذا المنطلق كانت الأسرة فى صعيد مصر تستقدم العلماء سواء من القاهرة أو من الصعيد لشرح فقه الصيام وبطلانه وشرعيته وكيفية أدائه حتى تكون على إلمام تام بموضوع الصيام. ولقد تعودنا فى الصعيد أن نفكر فى غيرنا خلال هذا الشهر الكريم فكانت الوالدة رحمها الله قبل أن تفطر تقوم بإفطار الفقراء والمحتاجين من منطلق أحكام الطعام وإفشاء السلام وكان هذا التصرف من الوالدة يسعد الوالد كثيرا ويحثها على القيام به أحسن قيام فكان هذا التصرف يزيد من المحبة والود والتعاون بين الأسر الفقيرة والغنية فكان هناك ارتباط طيب بين القادر وغير القادر. فى شهر رمضان تكثر الزيارات المتبادلة مع الأسر الأخرى خاصة إذا كان هناك خلاف بحضور شهر رمضان تنتهى كافة المشاكل وتزول الخلافات ويحل محلها الود والمحبة. وكم تغمرنى السعادة البالغة حين أذهب إلى بلدتى فى شهر رمضان وتناول طعام الإفطار والسحور مع اسرتى واسر القرية، وفى هذا الشهر الكريم تكثر المجالس الشعبية التى يحضرها علماء الدين الإسلامى ورجال الدين المسيحى ويتنافس الجميع حول خدمة المجتمع وتنمية البلد والمحافظة عليها من أى سوء. فى الصعيد نجد أن دور إمام المسجد بالغ الأهمية، فهو دائماً إلى جوار كبراء الأسر والمسئولين للمشاركة فى حل أى مشكلة أو توضيح أية موضوعات تخص الشهر الفضيل. والبيت هو المسئول الأول فى إخراج الذرية الصالحة الطيبة ويكون ذلك بالقدوة الصالحة للوالدين، ففى هذا البيت يتم تربية النشء على الصدق والإخلاص والحب والمودة والإيثار والتوكل على الله وبر الوالدين، ويتكاتف الجميع على إقامة شرع الله فى جميع العبادات والمعاملات، وفيه يجتمع الجميع لتناول طعام الإفطار والصلاة فى المسجد وبعد التراويح نجتمع مرة أخرى لتلاوة القرآن الكريم ويقوم أحد العلماء بالحديث عن سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويجيب العالم على كافة أسئلة الحاضرين المتعلقة بالصيام أو الأخلاقيات فكان هذا المجلس بمثابة علم يستفيد منه كل فرد. ورب الأسرة فى الصعيد يعمل دائماً سواء فى شهر رمضان أو طوال أيام السنة على أن يغرس فى نفوس الأبناء الأداب والأخلاق وحب الغير وإنكار الذات والتحلى بالمثل العليا واحترام الآخرين واتباع أوامر الشرع.. كان الوالد يعلمنا الرفق فى كل شيء والتواضع ونبذ الكبر، ويعلمنا أن تكون قلوبنا حاضرة وألسنتنا رطبة بذكر الله سبحانه فى كل وقت، والإنفاق فى أوجه الخير لأن ذلك من كمال الإيمان وحسن الإسلام ودليل حسن الظن بالله والثقة به ونيل مرضاته، وحب الناس وتقوية العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع عامة والأسرة خاصة. لمزيد من مقالات السيد محمود الشريف