السيد محمود الشريف نقيب السادة الاشراف : في شهر رمضان المبارك تخشع القلوب وفي هذا خشوع للجوارح, من هذا المنطلق كانت الأسرة في صعيد مصر تستقدم العلماء سواء من القاهرة أو من الصعيد لشرح فقه القيم وشرعيته وكيفية أدائه حتي تكون علي إلمام تام بموضوع الصيام. تعودنا دائما أن نفكر في غيرنا خلال هذا الشهر الكريم فكانت الوالدة رحمها الله قبل أن نتناول طعام الافطار تقوم بالسؤال عن الجيران من فقراء ومحتاجين وتقدم لهم طعام الافطار من منطلق اطعام الطعام وإفشاء السلام وكان هذا التصرف من الوالدة يسعد الوالد كثيرا ويحثها علي القيام به أحسن قيام فكان هذا التصرف يزيد من المحبة والود والتعاون بين الأسر الفقيرة والغنية فكان هناك ارتباط طيب بين القادر وغير القادر. في شهر رمضان تكثر الزيارات المتبادلة مع الأسر الأخري خاصة اذا كان هناك خلاف فبحضور شهر رمضان تنتهي كافة المشاكل وتزول الخلافات ويحل محلها الود والمحبة. وللعلم فإن أسعد أيام حياتي عند ذهابي إلي بلدتي في شهر رمضان وأتناول طعام الإفطار والسحور مع أسرتي والأهل والأصدقاء فهذه من أسعد لحظات حياتي ففي هذا الشهر الكريم تكثر المجالس الطيبة التي يحضرها علماء الدين الاسلامي ورجال الدين المسيحي ويتنافس الجميع حول خدمة المجتمع وتنمية البلد والمحافظة عليها من أي سوء. دور إمام المسجد في هذا الشهر الفضيل خاصة وباقي الأشهر عامة يكون مهما جدا فهو دائما إلي جوار كبراء الأسر والمسئولين للمشاركة في حل أي مشكلة وتوضيح أية موضوعات تخص الشهر الفضيل. والبيت هو المسئول الأول في إخراج الذرية الصالحة الطيبة ويكون ذلك بالقدوة الحسنة الصالحة للوالدين.. في هذا البيت يتم تربية النشء علي الصدق والإخلاص والحب والمودة والإيثار والتوكل علي الله وبر الوالدين, في البيت يتكاتف الجميع علي إقامة شرع الله في جميع العبادات والمعاملات, في البيت يجتمع الجميع لتناول طعام الإفطار والصلاة في المسجد سواء صلاة المغرب أو العشاء أو التراويح بعد ذلك نجتمع مرة أخري لتلاوة القرآن الكريم ويقوم أحد العلماء بالحديث عن السيرة العطرة للحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم ويجيب العالم علي جميع أسئلة الحاضرين المتعلقة بالصيام أو الأخلاقيات فكان هذا المجلس بمثابة علم يستفيد منه كل فرد من أفراد الأسرة أو أفراد الأسر القريبة الذين يحضرون خلال الزيارة للاستمتاع بسماع القرآن الكريم والاستفادة من مجلس العلم. رب الأسرة في الصعيد يعمل دائما سواء في شهر رمضان أو طوال أيام السنة علي أن يغرس في نفوس الأبناء الأدب والأخلاق وحب الغير وإنكار الذات والتحلي بالمثل العليا واحترام الآخرين واتباع أوامر الشرع.. كان الوالد يعلمنا الرفق في كل شيء والتواضع ونبذ الكبر, وكان رحمه الله يعلمنا كيفية ذكر الله في كل وقت وفي كل حركات الحياة ويعلمنا أن تكون قلوبنا حاضرة وألسنتنا رطبة بذكر الله سبحانه وتعالي, وكان يعلمنا كيفية الإنفاق في أوجه الخير ويقول لنا أن الإنفاق من كمال الايمان وحسن الإسلام ودليل حسن الظن بالله والثقة به وسبب من أسباب نيل حب المولي عز وجل وحب الناس وتقوية العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع عامة والأسرة خاصة. اللهم طهر قلوبنا وزك أعمالنا, ونور قلوبنا, وزين أبداننا واقضي حوائجنا واغفر ذنوبنا, ومتعنا بقربك, ونعمنا بحبك, وأحفظنا من المكرهات, وعاملنا بما أنت أهله, ولا تعاملنا بما نحن أهله إنك أهل التقوي وأهل المغفرة.