رمضان شهر عظيم مبارك من صامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وهو شهر أوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار وهو شهر البركة ونزول الرحمة الواسعة... تميز الشهر العظيم عن سائر الشهور بأن جمع فيه المولي عز وجل بين فرضين الصلاة المكتوبة والصيام وسنتي صلاة التراويح والاعتكاف في المساجد, وشرعت فيه زكاة الفطر تؤدي قبيل صلاة العيد, وخصه الله بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وفيه نزل القرآن الكريم, وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين, وتضاعف فيه الأعمال ويستجاب فيه الدعاء ويزداد فيه رزق المؤمن. في رمضان شهر الخير والبركة والمغفرة والرحمة يعيش المؤمن فيه أحلي الأوقات وأجمل الذكريات في رمضان نحب أن نستمع إلي أشهر من قرأ القرآن الكريم من الذين فتح الله بهم وبأصواتهم قلوبا صدئت عن ذكر الله فكانوا خير سفراء لكتاب الله تعالي. وأنا شخصيا كنت ممن يحب الاستماع إلي القرآن الكريم فكنت أحب سماع صوت المرحوم الشيخ محمد رفعت ومازلت الي الآن أحب هذا الصوت الذي فيه حلاوة الصوت والنفس الطويل مع العذوبة الي جانب احكام التلاوة لأننا في صعيد مصر تعودنا من الصغر الذهاب الي الكتاب لحفظ القرآن الكريم وتعلم أحكام التلاوة. وكانت الكثير من العائلات في الصعيد تستقدم أشهر قراء القرآن الكريم وكنا نحتفل بوجود هؤلاء بيننا احتفالا يليق بهم في هذا الشهر الكريم فكان الكثير من محبي قراء القرآن الكريم يحضرون من القري المجاورة لسماع هؤلاء القراء وكان الكثير منهم لا يجد أماكن يجلس عليها فيقفون في الشوارع والطرقات ليستمعوا الي تلاوة الشيخ. لقد ارتبط صوت الشيخ المرحوم محمد رفعت بشهر رمضان وأصبح سمة من سمات هذا الشهر فإذا سمعنا الشيخ رفعت يشدو بصوته الملائكي تذكرنا شهر رمضان سواء كان يتلو آيات الذكر الحكيم أو يؤذن للصلاة.... ومن القراء الذين أحب أن أستمع الي أصواتهم في شهر رمضان الشيخ المرحوم صديق المنشاوي والشيخ المرحوم محمد صديق المنشاوي والشيخ محمود صديق المنشاوي الذين نرتبط بهم ارتباطا وثيقا بحكم الصلة والقرابة والنسب الشريف. ومن الأصوات الجميلة التي جعلتنا نرتبط بالقرآن الكريم ارتباطا وثيقا الشيخ المرحوم مصطفي إسماعيل والشيخ المرحوم محمود خليل الحصري والمرحوم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ المرحوم محمود علي البنا والدكتور الطبيب القاريء أحمد نعينع. في صعيد مصر وخلال الشهر الكريم كانت أصوات هؤلاء القراء تنطلق من خلال المذياع في كل بيت لا فرق بين بيت مسلم أو مسيحي كان الجار المسيحي يرفع صوت المذياع في وقت ما قبل الآذان لصلاة المغرب, ومن أصحاب الأصوات الشجية التي احب الاستماع اليها عند ذهابي الي مسقط رأسي الشيخ عبد المنعم القاعود والشيخ كارم.. وكلهم أصحاب أصوات رائعة شجية أثرت فينا وفي حبنا للإستماع إلي كتاب الله الكريم مما كان له الاثر الاكبر في تكوين شخصيتي الدينية. هذا الي جانب الاستماع إلي أصوات محلية من الصعيد منهم المرحوم الشيخ يوسف الطبال والشيخ المرحوم محمد الحمامصي أصحاب أصوات رائعة ولكنها مقصورة علي الصعيد فقط وكنا ومازلنا نستقدم في بيوتنا خلال شهر رمضان علماء يتحدثون عن التاريخ الاسلامي وسيرة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم منهم أستاذي فضيلة الشيخ المرحوم محمد حافظ شهاب أستاذ التاريخ الاسلامي وسيرة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم والشيخ محمد عبد المجيد شهاب ومازالت هذه المجالس تقام حتي الآن. كان ومازال الأخوة المسيحيون يحترمون صيام المسلم فلا تدخل سيدة المنزل المسيحية مطبخها الا بعد صلاة العصر لأعداد الطعام حتي لا تؤذي رائحة طعامها المسلم الصائم الذي يقيم في المنزل المجاور لها كانت هذه الروح السائدة بين المسلم والمسيحي كنا نذهب اليهم في أعيادهم وكانوا يذهبون الينا في جميع المناسبات الدينية من صيام وأعياد وأفراح وأحزان أيضا كانت هناك روح من المحبة والود والتعاطف والحب تسود المجتمع المصري فلا تشعر أن هذا المواطن مسلم أو مسيحي الكل يحب الآخر ويعمل علي مساعدته في أي شيء. ولا أنسي أبدا في شهر رمضان وجودي وسط أحب جمعية خيرية أنشأتها ترعي الأيتام والأرامل والفقراء فمن أفضل لحظات حياتي عندما أزور كل فترة هذه الجمعية التي أثرت في المجتمع وأثرت في تعاون أبناء هذا البلد الطيب الذي أتشرف أني ولدت به وتربيت علي أرضه وعشت بين أهله الطيبين هذا التعاون ولديهم روح من السماحة والود والرحمة والمحبة والقائم علي الجمعية الآن شيخ جليل هو فضيلة الشيخ محمود فرغل من علماء الأوقاف وهو إمام مسجد العمري بأخميم وله مريدون يحضرون اليه من جميع البلاد المجاورة للاستماع لحديثه الشيق الذي يشد العقول والقلوب.. وأنا شخصيا كنت دائما أستمع اليه وإلي نصائحه مما ساعدني كثيرا في اتخاذ القرار السليم لخدمة أبناء وطني الأصغر وفي رؤية أشمل لوطني الأكبر الحبيب مصرنا الغالية.. كل هذه الذكريات التي أعيش من خلالها ساعدتني علي حمل المسئولية خالصة لوجه الله تعالي.. أدعو الله ونحن في هذا الشهر الفضيل أن يوفقنا جميعا لخدمة مصرنا العزيزة الغالية, وأن يعيد عليها الأمن والأمان والاستقرار والألفة والمحبة ونحن في أحسن حال واطمئنان وأمن وأمان واستقرار آمين يا رب العالمين.