يوم الثلاثاء الماضي توجه عدد من شباب ما يعرف ب حركة6 إبريل إلي ميدان التحرير لتنظيم مظاهرة رفعوا خلالها اللافتات ورددوا الهتافات للمطالبة بالحرية والتغيير. كما طالبوا بتعديل الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية المتعلق بالعملية الانتخابية وإلغاء قانون الطواريء.وانضم لعناصر الحركة شباب من حزب الجبهة الديمقراطية وجبهة أيمن نور الرئيس السابق لحزب الغد, بالإضافة إلي عناصر من الجمعية الوطنية المساندة للدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية الدولية. وتسببت المظاهرة في شل حركة المرور بوسط العاصمة, خاصة شارع قصر العيني نظرا لتجمع عدد من المواطنين أمام مجلس الشوري, حيث نجحت الأجهزة الأمنية في السيطرة علي الموقف وتفريق المتظاهرين بطريقة سلمية وآمنة رغم الوقائع المؤسفة التي صدرت من شباب الحركة كقذف قوات الأمن بالحجارة التي أصابت10 من الضباط والمواطنين بغير ذنب مما دفع قوات الشرطة لضبط23 شخصا من مثيري الشغب, كان بينهم17 طالبا طبقا لتصريحات المصادر الأمنية بوزارة الداخلية, ثم أفرجت عنهم بعد ساعات قليلة. اللواء محمد عبدالفتاح عمر وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب, ذكر أن الدستور لا يمنع التظاهر أو الاعتصام أو الاحتجاج مادام يخضع للاجراءات القانونية وعلي رأسها استئذان الجهات الأمنية قبل إطلاق التظاهر, وفي هذه الحالة يجب علي أفراد الأمن تأمين المظاهرة أو الاعتصام أو الاحتجاج. وأضاف أن هناك فرقا بين الاحتجاجات الفئوية التي تنظمها فئة معينة مثل موظفي الشهر العقاري أو الضرائب أو عمال غزل المحلة وغيرها, وبين احتجاجات الكيانات الشرعية مثل الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية, وبين احتجاجات جماعات ليس لها صفة قانونية أو شرعية. وأوضح أن النوع الأول تطالب فيه فئة معينة بمطالب محددة وفي الغالب يكون المسئولون المعنيون بهذه المطالب يدرسون حلولها ثم ينتهي الاعتصام, ونجد قوات الأمن نفسها تحمي المعتصمين وبالنسبة للنوع الثاني من الاعتصامات فهو الذي ننظمه كيانات شرعية مثل الأحزاب والجمعيات الأهلية التي تتقدم أولا بافادة للجهات الأمنية بتنظيم احتجاج أو مظاهرة ونجد أن الجهات المعنية تسمح لهم لأنهم طالبوا بحق قانوني ولا يستطيع أحد منعهم منه. أما النوع الأخير فهو احتجاجات جماعات بدون صفة شرعية مثل حركة6 أبريل التي ليس لها أساس قانوني وتمارس أنشطتها بصورة عشوائية وليس لها مطالب محددة ويرفضون الانضمام لأي كيان شرعي, ففي هذه الحالة كيف تسمح لها الجهات الأمنية بالتظاهر؟ هذا يعني أن تلك الجهات تعترف بجماعة ليس لها وجود قانوني مما يعد مخالفة للدستور. وقال عمر, إنه بالرغم من ذلك فإن قوات الأمن تعاملت بكل حكمة وعقلانية مع الشباب يوم الثلاثاء الماضي واكتفت بتفريق المتظاهرين سلميا, رغم تعرض أفراد الشرطة للرشق بالحجارة من جانب بعض هؤلاء الشباب, مؤكدا أن القوات الأمنية لم تتعد حدود واجباتها ولم تتعرض لأحد بسوء واكتفت بالقبض علي عدد قليل من المتظاهرين خالف القانون وأثار شغبا, وأن أفراد الشرطة كانوا يرتدون زيهم الرسمي ولم يكونوا متنكرين في زي آخر كما يدعي البعض وأن من اشتبك مع بعض المتظاهرين مواطنون لم ترضهم هذه التصرفات. وحول نفي جماعة الإخوان المسلمين المحظورة مشاركتها في الاحتجاج علي لسان الدكتور محمد مرسي المتحدث الإعلامي باسمها كشف وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب, أن الشباب الذين نظموا احتجاج يوم الثلاثاء الماضي كان يقودهم نواب برلمان وعناصر أخري, تابعون للمحظورة بهدف التوغل وتجنيد شباب من6 إبريل وإقناع الرأي العام بأن الجماعة منتشرة في كل القوي والشوارع المصرية. وأوضح أن خطة المحظورة هي إلحاق عدد من شبابها بشباب الحركة في السجن ليلتقوا بهم فيه, ويكون هناك فرصة أكبر لتجنيد عناصر جديدة من6 إبريل, مضيفا أن الاخوان يرعون مثل هؤلاء الشباب ويتكفلون بهم ماديا ومعنويا حتي يكونوا أداة سهلة في أيديهم تستخدمها المحظورة وقتما وكيفما تشاء, مشيرا إلي أن الجماعة كذبت عندما نفت مشاركتها في الاحتجاج, فهي تكذب وتصدق كذبها وتحاول تصديره لغيرها, لكن الممارسة في البرلمان كشفت أعضاءها للرأي العام, فهي وراء كل فوضي تحدث في مصر. ومن جانبه, قال اللواء نشأت الهلالي الخبير الأمني, إن المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات أمر طبيعي يحدث في كل دول العالم, خاصة تلك التي تطالب بالاصلاح الاقتصادي لأن المواطن يهتم أكثر برفع مستواه المعيشي وتحسين دخله وتأتي بعد ذلك المطالبات بالاصلاحات السياسية, لكن كل ذلك لابد أن يخضع للاجراءات القانونية, ولا يكون عشوائيا يضر أكثر مما ينفع. وأوضح أن موقعا مثل ميدان التحرير بوسط القاهرة يعد حيويا, وإذا لم تخضع فيه الاحتجاجات للطرق السلمية ستحدث كارثة كبيرة, لأنه من الممكن أن يكون ذلك عرضة لدخول عناصر مندسة وسط المحتجين لتحقيق أغراض معينة. وذكر الهلالي أن قوات الأمن تعاملت بحكمة وحيطة مع المتظاهرين من6 إبريل ولم تضرب أحدا رغم عدم إصدار الجهات الأمنية إذنا بالاحتجاج, متسائلا لماذا لا ينضم هؤلاء الشباب إلي كيان شرعي مثل الأحزاب ليكون لديهم برنامج عقلاني يمكن تنفيذه من خلال الشرعية, بدلا من مطالبهم غير المحددة؟!! الدكتور عبدالله الأشعل أستاذ القانون الدولي السفير الأسبق, يري أن مثل هذه الحركات إفرازات ناجمة من ضعف الأحزاب السياسية التي أصبحت خشبا مسندة لا تسمن ولا تغني من جوع بسبب القيود الصارمة المفروضة عليها, مشيرا إلي أن الحركات لن تؤثر في الشارع المصري لأنها تشبه الفقاعات وأفرادها لا تجمعهم أيديولوجية موحدة فهم أطياف من كل لون, ووصفها بأنها حمل خارج الرحم. ومن الأمور التي يجب الوقوف عندها هو عدم مشاركة الأحزاب الشرعية في هذا التجمهر, حيث نفت نفيا قاطعا مشاركتها فيه طبقا لما أكده قادة هذه الأحزاب ل الأهرام وعلي رأسهم الدكتور رفعت السعيد والمهندس موسي مصطفي واللواء سامي حجازي والدكتور حسام عبدالرحمن رؤساء التجمع والغد والأمة والجمهوري الحر, بالإضافة إلي سامح عاشور نائب رئيس الحزب الناصري. وأوضح رجب هلال حميدة سكرتير عام حزب الغد والنائب بمجلس الشعب أن مثل هذه الحركات لا تجمعها وحدة عمل, ونشأتها خلقتها الأحداث لا الفكر وستنهار حتما كما انهارت حركتا كفاية وميحكمش لأنها تضم أيديولوجيات وأفكارا مختلفة والمواطن المصري لا يؤمن كثيرا بمن يصدرون المشكلات دون إيجاد حل لها. ونفي سامي بلح عضو الهيئة العليا لحزب الوفد مشاركة الوفديين في احتجاج6 أبريل. وذكر أن الأحزاب هي التي يجب أن تقود هذه الحركات وليس العكس لأنها قادرة علي ذلك لما لديها من آليات تكمنها من تنظيم احتجاج سلمي قانوني بحكم أنها مؤسسات شرعية. وقال جبيلي إن حزبه لم يشارك في مثل هذه التصرفات الصبيانية التي لا تتحلي بالقانون والحكمة لأن الذي يحركها لا يمكن أن يكون مواطنا مخلصا لبلده لأنه يسعي لاثارة البلبلة والفوضي, خاصة في مكان حيوي مثل ميدان التحرير. وأعرب المستشار أحمد فضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي عن أسفه مما وصفه ب ضياع مثل هؤلاء الشباب وعدم انتمائهم لفصيل سياسي شرعي يعربون فيه عن مطالبهم تحت إطار برنامج محدد, مؤكدا عدم مشاركة حزبه في مثل هذه التفاهات مجهولة الهوية. واستنكر حسن ترك رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي تعدي المتظاهرين علي قوات الأمن بالحجارة, موضحا أن حزبه لا يشارك في احتجاجات لا يعلم أحد من يحركها وما أهدافها.