سؤال أساسي توقف عنده الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو: لماذا يقف القادة الكبار, ضعفاء تجاه الحريات؟ ولماذا يطلبونها لانفسهم, ويحجبونها عن شعوبهم؟! إن الشعور المتزايد لدي قطاع غير قليل من المصريين هو القلق الممزوج بالتشاؤم علي المستقبل فالكثير من المصريين يرون أن الحكومة ومن بيدهم أمور البلاد يتعاطون مع المرحلة الانتقالية ليس بإعتبارها عملية تطهير وإقتلاع لنظام قديم, وإنما بإعتبارها فترة تهدئة من أجل إستئناف عمل النظام القديم ولكن في حلة جديدة. اما الذين يستخدمون حالة الغليان التي يعيشها المجتمع المصري بعد الثورة لتبرير موقفهم الداعم للاستقرار فهم يتجاهلون ان هذا الاستقرار كان مثل الجمر تحت الرماد, وهو الذي أدي إلي الانفجار الضخم الذي تعيشه البلاد حاليا. اصحاب النظرة السوداء هؤلاء ينطلقون في مواقفهم من اعتبارات كثيرة تصب في مصلحة النظام البائد الذي قامت الثورة لإسقاطه. وعلي الجانب الآخر يغفل المتخوفون من نفوذ الحركات الإسلامية حقيقتين: الأولي هي الخطاب المتجدد لهذه الحركات, والذي تميز بانفتاح استثنائي لم نعرفه عنها منذ قطيعتها الدامية مع الانظمة الدكتاتورية السابقة. الآن وبكلمات أخري هناك عملية إحتواء واستفراد تمارس تجاه القوي السياسية في مصر بشكل يثير التأمل والقلق, حتي أصبح لدي كثيرين قناعة بأن ثمة سيناريو لمستقبل الحكم يجري الإعداد له والعمل علي تنفيذه بشكل هادئ ليس في مصلحة التحول الديمقراطي أو يتماشي مع أهداف الثورة. وفيما يخص حال القوي السياسية في مصر فأقل ما توصف به هو الاستقطاب والانقسام إن لم يكن التربص والعداء وبعيدا عن الانقسامات الأيديولوجية المزمنة بينها, فقد فشلت هذه القوي في الاتفاق علي الحد الأدني اللازم خلال المرحلة الانتقالية, وكان المتوقع أن تتفق هذه القوي علي خريطة طريق للمرحلة الانتقالية. إننا نؤكد في النهاية أن مصلحة مصر تحقق كل المصالح أما تحقيق المصالح الفردية فهي إنتهازية إذا استمرت فإنها سوف تؤدي إلي ثورة جديدة سوف يصر فيها المصريون علي تنفيذ أهدافها بقيادة ثورية! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى