قراءة لما هو آت حصادة ثورة 25 يناير قد يحتاج إلي سنوات من أجل تقييمه والحكم عليه بشكل موضوعي, ولكن حساب الشهور الماضية ربما يكشف بعضا من ملامح هذا الحصاد وينبئ بما هو آت. فالشعور المتزايد لدي قطاع غير قليل من المصريين هو القلق الممزوج بالتشاؤم علي المستقبل. فبرغم تسليم كل القوي بالدور المركزي الذي لعبه الجيش في عدم انزلاق الثورة الي منعطف العنف.. فالجميع يقع في حيرة واضطراب مما يحمله المستقبل, فالكثير من المصريين يرون أن الحكومة ومن بيدهم أمور البلاد يتعاطون مع المرحلة الانتقالية ليس باعتبارها عملية تطهير واقتلاع لنظام قديم بكل مؤسساته وشخوصه وثقافته تمهيدا لإقامة نظام جديد وبنية سياسية ديمقراطية تقطع الصلة بكل ما هو قديم, وانما باعتبارها فترة تهدئة من اجل استئناف عمل النظام القديم ولكن في حلة جديدة خالية من الشخوص, ولكن بالروح والآليات ذاتها, ويمكن التدليل علي ذلك بحزمة من القرارات اهمها تفعيل قانون الطوارئ. لقد كانت الثورة قبسا من روح الله اخرج الناس جميعا من ذواتهم الضيقة الي الذات القومية الكبري, فنسي الناس مشاكلهم الشخصية وذابوا في هذه الذات الكبري, فصار المسلم والمسيحي في رحاب هذه الروح القدسية الجميلة وكأنها من نفحات الجنة التي أحسسنا بها وتعلقنا حبا فيها بميدان التحرير, وكأنه قطعة خاصة من جنان الله! الآن وبكلمات أخري هناك عملية احتواء واستفراد تمارس تجاه القوي السياسية في مصر بشكل يثير التأمل والقلق, حتي أصبح لدي كثيرين اقتناع بأن ثمة سيناريو لمستقبل الحكم في مصر يجري الإعداد له والعمل علي تنفيذه بشكل هادئ ليس في مصلحة التحول الديمقراطي او يتماشي مع اهداف الثورة المصرية. وفي ما يخص حال القوي السياسية في مصر فأقل ما توصف به هو الاستقطاب والانقسام ان لم يكن التربص والعداء, وكأن هذه القوي لم تبرأ من امراض النظام السلطوي الذي نشأت في كنفه ويبدو انه سكنها ولم تعد قادرة علي التخلص منه.. حتي إنها فشلت في الاتفاق علي خريطة طريق للمرحلة الانتقالية! إننا نؤكد في النهاية ان مصلحة مصر تحقق كل المصالح, أما تحقيق المصالح الفردية فهو انتهازية اذا استمرت فانها سوف تؤدي الي ثورة جديدة سوف يصر فيها المصريون علي تنفيذ اهدافها بقيادة ثورية!! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى