بينما هو فى سراديب الهرب، معتلياً الكرسى الأكبر فى قيادة (تنظيم القتلة)، محكماً قبضته على الجماعة وقواعدها فى الداخل وأذرعها فى الخارج، وممسكاً بيده كل مفاتيح التمويل، يُصدر محمود عزت القائم بأعمال المرشد رسالته إلى صفوف تنظيمه قبل 25 يناير 2016م، حاملة عنوان (الثورة تصنع رجالها)، رسالة تصدر بالتزامن مع توزيع التنظيم جدول المرحلة الحالية من خطته والتى تحمل عنوان (موجة إسقاط النظام 16 ديسمبر : 25 يناير 2016م). رسالة القائم بأعمال المرشد دامية التوجه، سبقها جدولة لمراحل الدم والفوضي، كلاهما يصدر بينما فى سراديب الحكومة روح روتينية سارية تفرز مسئولين أكثر روتينية يتفاعلون مع قيادات يدينون بالولاء لروتين منحهم كراسى القيادة فى وطن مستهدف داخلياً وخارجياً. رسالة وجدولة للدماء والفوضي، موجهة إلى نحر الوطن، بينما المواطن الذى لا ينتمى إلا لوطنه ولا يؤمن إلا بربه، ولا يحلم إلا بوطن إلى حماه يركن، وراع بأوجاعه يشعر، ومشهد وطنى عام نحو حلم الوطن يتحرك، هذا المواطن الذى تستهدفه خطط (تنظيم القتلة)، يتم صب الملح على جراحه ليل نهار عبر ارتباكات الأداء الحكومي، وفوضى الأداءات الإعلامية، وتجاوزات الأداءات السياسية، وأعراض أمراض التَصَدُّرْ التى باتت مسيطرة على عدد كبير من مُتَصَدِّرِى المشهد العام. هذا المواطن يقع بين مطرقة تنظيمية تضرب على أوجاعه ليصرخ، وبين سندان مكونات المشهد المصرى الذى يفتش كل طرف فيه عن مصالحه دونما مشروع وطنى يحيى فى المواطن سلطان الوطن الراعي. فى خاتمة هذه السلسلة من المقالات الفاضحة لخطة تنظيم القتلة الرامى لإسقاط مصر، يصبح الحديث عن (إرهاب التنظيم) واجباً حتى تستوعب مؤسسات الدولة المصرية أن (خطة المراحل الثلاث لإسقاط مصر)، تمثل نقطة فاصلة فى معركة الدولة مع تنظيم الإخوان، والسر فى ذلك يعود إلى وجوب تنبه دوائر (الخارجية العدل الداخلية القوات المسلحة الأزهر)، لحقيقة هذه الخطة وما تتضمنه من تبن صريح للإرهاب بكل صوره، وبالتالى يصبح على الدوائر السابقة توثيق ما تضمنته خطة التنظيم فى ملف رسمى يتم مواجهة العالم به، وعلى رأسه (بريطانياأمريكا)، وهذه المواجهة تستهدف بالدرجة الأولى (إقامة الحجة) لا (تغيير المواقف)، لسبب بسيط هو ان الدولة الانجليزية التى رعت التنظيم منذ النشأة على إلمام تام بأن ما صنعته على عينيها هو أصل الإرهاب وتنظيماته. وبالنسبة لكاتب هذه السطور فلقد ظلت دراسة (اللجان النوعية)، مرهونة بعدد من وثائق التنظيم ونتائج ورش عمل داخلية تمت فى مصر وخارجها-، حتى كانت رسالة القائم بأعمال مرشد التنظيم قبل عدة أيام، حيث قال نصاً (ويدرك الإخوان أن النضال الثورى مرحلة من مراحل طريق الدعوة لها متطلباتها وعدتها وضوابطها التى تجعل هذا النضال نضالا فى سبيل الله)، وبالعودة لخطة التنظيم نكتشف أنها تنص على (تثوير الجماعة هدفاً مستقلاً عاماً)، وتضع له (متطلبات وأدوات وضوابط)، وبالتالى نحن أمام حالة سفور حقيقى فى إعلان ميلاد (جيش التنظيم) الذى تنصهر بين صفوفه المعانى الإسلامية العامة ليتم تأميمها لصالح التنظيم، فيصبح لا إسلام إلا الذى يحمل التنظيم رايته، ولا مسلمين إلا من بايعوا التنظيم، وبالتالى يتحرك (جيش التنظيم) مستجيباً لدعوة النفير العامة التى أطلقها القائم بأعمال المرشد من مخبئه (انزلوا فى هذه الموجه الثورية خفافا وثقالاُ شيوخاُ وشباباً رجالاً ونساءً مصابين وأصحاء يلقى الله السكينة فى قلوبكم ويقذف الرعب فى صدور عدوكم). إنه أمر فضيلة القائم بأعمال المرشد -شكلاً-، لكنه القائم بأعمال الله تعالى عن ذلك- موضوعاً. إنها الحقيقة فمحمود عزت يتحدث بلسان الخطة التنظيمية ليسمى المرحلة الحالية (موجة ثورية)، ويُشرع لجند تنظيمه كل قوة فى مواجهة خصومهم، الذين يسميهم أعداء قائلاً (سر قوة الثورة المصرية فى نضالها السلمي. هذا النضال السلمى الذى لا يصبر عليه إلا أولو العزم من الرجال الذين يغضبون فيكونون أشداء على أعدائهم ويحلمون فيكونون رحماء فيما بينهم)، هل استوعبنا حقيقة النضال السلمى الذى يعنيه التنظيم؟، إنه يعنى الشدة على المخالفين للتنظيم والرحمة بين أعضائه. ولقد أعد التنظيم خلال عام مضى العديد من الإصدارات التى تُشرعن ممارسة الإرهاب ضد الدولة المصرية بكل مكوناتها، منها (التأصيل الشرعى للمرحلة كتاب دليل السائر ومرشد الحائر)، وهى الأرضية التى تنطلق منها فتاوى الاستحلال عبر بيانات ل (هيئة علماء المسلمين المصريين فى الخارج)، والتى تم اعتمادها دولياً فى ما يُعرف ب (نداء الكنانة). وفى مطلع 2015م، كان التنظيم قد أقام لأعضائه من الشيوخ والوعاظ ما سماه (الملتقى العلمي)، وهو اجتماع تنظيمى تم على مدى ثلاثة أيام، وبحث خلالها عدة محاور منها - وسائل المواجهة - المصالحة وفتاوى تتعلق بالموضوع - المشروع العملى لتفعيل دور العلماء)، وكان أهم نتاج هذا المؤتمر وثيقة انتهت إلى نتائج محددة (السيسى ليس حاكما متغلبا بأى صورة من الصور وأنه ونظامه بغاة معتدون يحادون الله ورسوله، ويسعون فى الأرض فسادا، يسفكون الدماء وينتهكون الأعراض وينهبون الأموال. وبالتالى فإن مواجهة الفئة الباغية واجب شرعي. وهى بوسائلها المتنوعة جهاد فى سبيل الله مشروع يؤجر أهله وتجب لهم النصرة من كل المسلمين فى سائر الأقطار، وفقيدهم شهيد ، ومعتقلهم أسير) . هذه النظرة التكفيرية التى يتبناها تنظيم القتلة، ليست مقصورة على فئة الحكم والجهاز الإدارى للدولة بل هى شاملة لكل من يخالف التنظيم من نسيج المجتمع وصولاً لعموم المواطنين وهذه الفتوى باستحلال مكونات الوطن المصري، ليست موجهة إلى أعضاء التنظيم المصريين وحدهم بل إلى مواطنى التنظيم فى كل العالم تجب لهم النصرة من كل المسلمين فى سائر الأقطار-، وهو ما ترجمه القائم بأعمال مرشد التنظيم حين قال فى رسالته الأخيره (كثير ممن نزل أو شارك فى الثورة أدرك طبيعة المعركة واتساع ساحتها فلا طاقة للثورة المصرية اليوم بمواجهة الطغاة الظالمين وحلفهم الصهيونى العالمى إلا بتحالف ثورى عالمى لنصرة المظلوم وإقامة العدل الذى قامت عليه السماوات والأرض). وهذا الاستنفار للقواعد العالمية للتنظيم يحتم على المرابطين حول ثغور الوطن التنبه لما يمكن أن يمثله ذلك من تهديد خارجى محتمل. أما على مستوى الداخل فإن تنظيم القتلة يحدد أهدافه بوضوح من العمليات النوعية، ويترك باب الاجتهاد فى التنفيذ مفتوحا لقواعده، وهذه الأهداف تبدأ من تأمين تظاهراته وتعويق مواجهة قوات الأمن لها، ثم تمتد لتشمل (إرباك وقطع الطرق الرئيسية - تخفيض الكمائن بنسبة 20% -تدمير 20%من الاليات والأدوات الأمنية - إفقاد أقسام الشرطة القدرة على التعامل مع مظاهرات الإخوان) وتصل إلى استهداف ممتلكات (رجال الشرطة القضاء رجال الأعمال الإعلاميين). قد تبدو الصورة التى يسعى التنظيم إلى فرضها دامية، غير أن ما لا يستوعبه التنظيم، هو أن ضغوط الواقع المأزوم مهما بدت شديدة الوطأة على خلق الله فى هذا الوطن، إلا أنها لا تستوى أبدا مع شدة تجذر هذا الوطن فى نفوس أرق بنيه حالاً، وهذا هو صمام الأمان الحقيقى فى مواجهة كل خطط التنظيم الساعيه لإسقاط هذا الوطن. وما استهدفته سطور هذه الحلقات هو توثيق مخطط الإخوان، عبر واحدة من أعرق مؤسسات الصحافة الوطنية فى العالم، سعياً لدق كل أجراس التنبه الرسمى والنخبوى والشعبي، واستباقاً لكل فتنة يسعى التنظيم لزرعها، وانتهازاً للفرصة التاريخية السانحة لفضح تنظيم تستر بالدين لسنوات، بينما امتدت سراديب علاقاته الخفية لتربطه بمشاريع إعادة تقسيم وتفتيت العالم العربي، وبالتالى تصبح الخطوة القادمة هى كيف يفكر الضمير المصرى فى صياغة مشروع تحرير وطنى يخلص الدين من آسريه والوطن من سالبيه والفكر من محتكريه، مشروع وطنى يناهض كل مشاريع الإرباك والإفشال، ويُعجز كل مُفشِل أو متآمر أو مدفوع . لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى