كشف الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن أن أعداد الزواج العرفى مفزعة وتكشف حالة الخلل والتسيب التى أصابت المجتمع المصرى، والبعد عن الدين والقيم وحالة الضيق والفقر والاستغلال وتأخر الزواج وانهيار الأخلاق وتفكك الأسرة، كلها عوامل دفعت بعض الفتيات الى ارتكاب تلك الجريمة فى حق الأسرة وحق طفل قد يُقتل جنينا خوفا من العار أو يولد ويلقى به فى الشارع رضيعا. فتحت عينىّ عن أخرهما عندما استطلعت تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن حالات الزواج العرفى وقضايا إثبات النسب لعام 2015، فقد أشار إلى أن أعداد حالات الزواج العرفى فى العام الماضى بلغت 88 ألف حالة، منها 62 ألفا لفتيات تحت ال18 سنة، وبالمقارنة بين هذا العدد ونسبة قضايا إثبات النسب المنظورة بالمحاكم- التى وصلت إلى نحو 75 ألف قضية حسب التقرير- فإننا أمام كارثة تهدد أى مجتمع مهما كانت قدراته وامكانياته. وأرجع التقرير هذه الزيادة إلى وجود خلل داخل الأسرة المصرية وغياب للقيم والأخلاقيات والتآلف الأسرى وسطحية المعرفة بالدين فى بعض شرائح المجتمع، ويقول الخبراء إن هذا الرقم المخيف يعود إلى شروخ فى جدار الأسرة المصرية أدت الى انتشار حالات الزواج العرفى فى مصر. وتعد حالات الزواج بين رجل يحمل جنسية إحدى الدول العربية يملك المال وفتاة مصرية تعانى أسرتها الفقر من أخطر أنواع الزواج العرفى، وبرغم علم الأهل بأن هذا الزواج العرفى يهدر حق الزوجة فإنهم يوافقون ويضحون بابنتهم مقابل الخروج من الفقر والحصول على مقابل بيعها ل(النخاس) الذى يملك المال، وتعمى اموال الزوج الثرى أعين اهل الفتاة فيقبلون بالزواج العرفى الذى يضيع حقوق الفتاة. ويعتبر الزواج العرفى هو أكبر متعهد لقتل وتجارة الأجنة وأكبر مورد لأطفال الشوارع، حيث كشفت دراسة الجمعية المصرية للخصوبة أن معدل الإجهاض المتعمد فى مصر يصل إلى15 % لكل 100 مولود، وأن 8 حالات فقط من بين 1000 سيدة متزوجة يقمن بإجهاض أنفسهن، ولغير المتزوجات تصل نسبة الإجهاض لنحو 75 حالة فى الألف. هذه الظاهرة الخطيرة فى المجتمع المصرى والأرقام الرسمية التى تؤكدها والقضايا المنظورة فى المحاكم لإثبات نسب طفل أو مقاضاة الطرف الآخر للاعتراف بالزواج العرفى، تعد جرس إنزار للأسرة المصرية والمجتمع كله، وبالطبع لا يمكن القضاء عليها نهائيا لأسباب كثيرة، لكن يجب على الأقل العمل على تقليل هذه النسبة المرتفعة فى أعداد الزواج العرفى، وتكون البداية من البيت بغرس قيم وأداب وأخلاقيات الدين والعادات المصرية الأصيلة التى افتقدنا الكثير منها، ثم بقوانين تُحجم من يفكر فى مثل هذا الزواج، والتوعية المستمرة بخطورة ذلك وعواقبه التى دائما ما تنتهى إلى ضياع فتاة وانهيارأسرة، وقد يصل الأمر إلى قتل روح بريئة جنينا أو رضيعا. [email protected] لمزيد من مقالات على جاد