يعتبر الدواء من أهم ضرورات الحياة, ويأتي في المرتبة الثانية بعد الغذاء في الأهمية, للحفاظ علي حياة الانسان، بهدف علاج الأمراض أو الوقاية منها أو التشخيص العلاجي لبعضها. ولكن ماذا عن الوجه الاخر للدواء؟ إنه وجه مظلم، يتمثل في المشكلات والأضرار الناجمة عن الاستعمال الخاطئ والتناول العشوائي للدواء أو لأسباب أخري ليس للمريض دخل ببعضها، كالترويج للأدوية بأساليب غير لائقة كما يحدث في الفضائيات. وهو ما يكشفه كتاب »الدواء والأسرة« للدكتور عز الدين الدنشاري أستاذ علم الأدوية والسموم بكلية صيدلة جامعة القاهرة، من واقع خبرته كمستشار لمنظمة الصحة العالمية سابقا وعضوفي لجنة دستور الأدوية العربي والمصري.. فبعدما اكتظت الأسواق بهذا الكم الضخم من الأدوية المصنعة كيميائيا أو تلك من مصادر طبيعية، كان من الطبيعي أن تظهر مشكلات عديدة ومتنوعة بسبب استعمال هذه الآلاف من الأدوية، ليصبح الدواء أداة لحدوث الأمراض والعاهات وربما التشوهات بعدما كان سلاحا ضد المرض، نتيجة جهل المريض لجوانب كثيرة من استعمال الدواء, كحفظ الدواء أوتاريخ صلاحيته أو عدم اتباع الإرشادات الطبية أو استعمال الأدوية بدون روشتة طبية، فقد يتعارض الدواء مع المرض أو لا يناسب سن أو حالة المريض. والكتاب يتناول الظاهرة بأسلوب يجمع بين الدقة العليمة والبساطة, ويحوى العديد من المعلومات الدوائية التي ينبغي الإلمام بها للشخص المريض والسليم علي السواء, وأخطار الدواء وسبل الوقاية من أضراره والوسائل المختلفة لاستخدام الدواء وكيفية الاستعمال، إلي جانب تقديم عدد من الإرشادات الواجبة للمريض والطبيب والصيدلي، بهدف رفع الوعي بثقافة الاستخدام الآمن للدواء: كأن يكتب المريض في مذاكراته معلومات يعطيها للطبيب لتساعده علي اختيار الدواء المناسب,مثل تعرضه لأعراض الحساسية من الطفح الجلدي وضيق التنفس إثر تناول طعام أو دواء معين، أيضا ضرورة كتابة الأدوية الأخري التي يستعملها كالاسبرين أو أدوية الحموضة أو إذا كان المريض يشكو من مرض آخر، كما أنه في كثير من الحالات يجب أن يرشده الطبيب إلى الممنوعات من الأغذية والأدوية التي تتعارض مع العلاج أو ينجم عنها ضرر .. وقد يشير الطبيب إلي ضرورة الإقلاع التدريجي عن الدواء أو ينبه علي المريض بإجراء تحاليل معملية أو فحوص طبية مثل رسم القلب والموجات فوق الصوتية لمتابعة تأثيرات الدواء. ويستهدف المؤلف إلقاء الضوء علي المشاكل الصحية والاجتماعية المتعلقة بسوء استخدام الدواء ممثلة في إدمان المخدرات والاستخدام العشوائي للأدوية في الحمل والرضاعة، واصفا إدمان الدواء بكونه أخطر مشكلات العصر الصحية والاجتماعية في ظل إطلاق المستحضرات الدوائية التي تحتوي علي أدوية مخدرة أو مسكنة أو مسببة للهلوسة أو أو منشطة,دون فرض رقابة صارمة علي إنتاجها وتداولها في غير أغراضها الطبية.. ولهولاء يقول إن الذين يجهولون حقيقة هذه الأدوية أو الذين لا يكترثون بعواقبها المدمرة سعيا وراء نشوة أو متعة، فهم في طريقهم إلي المعاناة من خلل دائم بالجسم أو الوفاة. وشملت فصول الكتاب الثمانية استعراضا لمراحل اختبار الدواء قبل طرحه للمرضي, بداية من سلسلة التجارب المجراة علي الحيوانات قبل تجربتها في الانسان, للتأكد من فعاليتها ومأمونيتها. وقد تستغرق التجارب التي تجري علي الحيوانات والانسان من 5- 10 سنوات حتي يحصل الدواء علي موافقة الهيئات الصحية المعنية من أجل طرحه في الأسواق، وكذلك يتطرق لتنوع مصادر الدواء, ويسرد القصص عن أدوية لها تاريخ مثل فيتامين سي الذي اكتشف مع البحارة، والإسبرين المستخرج من شجرة الصفصاف الفرعونية والأنسولين والبنسلين والكورتيزون. إلي جانب ذلك، يطرح الكتاب عدة من الموضوعات الحديثة في علم صناعة الدواء, كاستخدام الميكروبات لصناعة الادوية البيولوجية,والجينوميات التي فتحت آفاقا جديدة لعلاج الأمراض الذي يستهدف استئصال الجين الوراثى المسبب للمرض, أو إنتاج أجسام مضادة للأمراض والتي ثبت نجاحها في علاج الأورام الليمفاوية وسرطان الثدي, وكذلك إنتاج لقاحات ضد الأمراض الفيروسية والتهاب المفاصل الروماتويدي. الكتاب: الدواء والأسرة المؤلف: د. عز الدين الدنشاري الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب 2015