تعتبر الأعراض الجانبية من المشكلات الناجمة عن استخدام الدواء, والتي قد تحول دون الاستمرار في تعاطيه, وتعد أعراض الحساسية التي تسببها بعض الأدوية في عدد قليل من الأفراد من الأعراض الجانبية التي تمثل مشكلة علاجية وقد تحدث الحساسية اثر تناول أدوية مثل البنسلين ومشتقاته ومضادات حيوية أخري وأدوية السلفا وبعض مضادات الفيروسات والأسبرين ونوعيات من مضادات الصرع, وتتضمن أعراض الحساسية للدواء الأرتيكاريا والطفح الجلدي واحمرارا شديدا في الجلد وتورمات فيه, والتهابات في العين والشفة والعطس والرشح وضيق التنفس, وقد تنتج عن حساسية الدواء أعراض خطيرة مثل الانخفاض الشديد في ضغط الدم. وقد عقد في مدينة دبلن بأيرلندا المؤتمر السنوي للاتحاد الفيدرالي العالمي للصيدلة في المدة من8/31/ إلي9/5, وتضمنت فعالياته بحوثا حديثة استهدفت التغلب علي مشكلة الحساسية الدوائية وأعراضا جانبية أخري, ولقد شاركت في مناقشات هذه البحوث التي كشفت النقاب عن أسباب حدوث هذه الأعراض في بعض الأفراد دون غيرهم, حيث اتضح أن من أهم هذه الأسباب أن هؤلاء الأشخاص يحملون جينات غير طبيعية يترتب علي وجودها إصابتهم بأعراض تجعلهم يمتنعون عن تعاطي الدواء. وبناء علي دراسات أجريت في مجال الجينوميات الدوائية, وهو تخصص جديد يبحث في تغيير فعالية بعض الأدوية بسبب وجود جينات غير طبيعية في الكيان الجيني للمريض, ويشمل هذا التغيير, إما تقليلا في فعالية الدواء أو حدوث أعراض جانبية. وتشير نتائج بحوث نوقشت في المؤتمر إلي استحداث وسائل للكشف عن الخلل الجيني الذي يسبب الأعراض الجانبية, فإذا اتضح وجود خلل قد تترتب عليه إصابة المريض بأعراض الحساسية أو أي أعراض جانبية أخري إثر استخدامه لدواء ما, فإن الطبيب يستبدل الدواء بدواء آخر لا يسبب هذه الأعراض, ولقد أفادت بعض البحوث بإمكانية التغلب علي مشكلة الحساسية لبعض مضادات الفيروسات ومضادات الصرع وأدوية أخري. ومن الأعراض الجانبية الخطيرة التي تمكن باحثون من منعها أعراض تحدث في بعض المرضي الذين يتناولون نوعيات من الأدوية المضادة للجلطة, حيث يصابون بنزف دموي إثر تعاطيهم جرعات علاجية من الدواء, وبالكشف عن وجود الجينات غير الطبيعية التي يترتب علي وجودها هذا النزف تمكن الأطباء من حل المشكلة وذلك بإعطاء المرضي دواء آخر لا يؤثر في فعاليته الجين غير الطبيعي. ومن الاكتشافات التي تمت في مجال الجينوميات الدوائية أن عددا قليلا من الأمهات اللائي يتناولن دواء الكودايين لعلاج الصداع أو السعال في أثناء الرضاعة يصاب أطفالهن بهبوط في التنفس, وبدراسة أسباب هذا الحدث غير الطبيعي تبين أن هناك خللا جينيا في الأمهات تترتب عليه زيادة في تحويل الكودايين إلي مورفين في كبد الأم حيث ينتقل إلي الدم ومنه إلي اللبن ثم إلي الرضيع, فإذا اتضح من خلال الفحص الجيني أن الأم تحمل هذا الخلل فإنها تحذر من تناول الكودايين أو أي من مستحضراته خلال مرحلة الرضاعة. وتفيد نتائج بحوث أخري أجريت في مجال الجينوميات الدوائية بإمكانية صناعة أدوية تتميز بأنها تصيب الهدف, وهو المرض الذي يوجد في عضو ما بالجسم مع عدم إلحاق أي ضرر بالأعضاء السليمة, وتجدر الإشارة إلي أن بعض مصانع الأدوية قد انتجت أدوية لعلاج السرطان تتميز بأنها تقضي علي الخلايا السرطانية ولاتسبب أضرارا في خلايا الجسم وأعضائه, وبهذا يتحقق الأمل في استحداث أدوية تعالج المرض ولا تسبب أعراض الحساسية أو أي أعراض جانبية أخري. وتأسيسا علي هذه الاكتشافات أطالب المسئولين بكليات الطب والصيدلة والمهتمين بصناعة الأدوية بإيفاد باحثين إلي أمريكا وإنجلترا لاكتساب خبرات في مجال بحوث الجينوميات الدوائية وتطبيقاتها تفيد في التغلب علي مشكلات الحساسية والأعراض الجانبية الأخري, كما تساعد في تطوير الصناعات الدوائية, وذلك باكتشاف أدوية تستهدف علاج المرض دون إلحاق الضرر بالمريض. د.عزالدين الدنشاري