عاد الحديث مجددا في مجلس النواب اللبناني حول ضرورة نزع سلاح حزب الله, ليكون بإمرة الدولة وليس في أيدي بعض الفصائل اللبنانية, وذلك خلال مداخلات نواب الأقلية الذين يمثلون المعارضة في حكومة نجيب ميقاتي, وهم نواب فريق14 آذار المكون من تيار المستقبل والقوات اللبنانية وحزب الكتائب, مضافا إليهم زعيم الدروز في لبنان وليد جنبلاط, وذلك ردا علي تصريح سابق للسيد نصر الله قال فيه: من يقدر علي نزع سلاح حزب الله فليتفضل, قالها السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله ردا علي الدعوات الصريحة والمعلنة من المعارضة, ليرد عليه الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية ضمن فريق14 آذار قائلا: إذا استدعي الأمر نهر بارد ثان فليكن, والنهر البارد الأول كان عملية ناجحة للجيش اللبناني ضد مجموعات تكفيرية ارتكبت بعض الأفعال الإجرامية بحق عناصر من الجيش والمدنيين. ويعود الحديث عن نزع سلاح حزب الله إلي المطالبات الأمريكية الإسرائيلية بعد حرب يوليو2006 التي شنتها إسرائيل علي لبنان ردا علي قيام حزب الله بخطف جنود من الجيش الإسرائيلي علي الحدود المشتركة بين لبنان وشمال فلسطينالمحتلة,بالرغم من أن هذا السلاح استطاع كما يقول مؤيدو حزب الله من صد جموح الجيش الإسرائيلي ومنعه من احتلال لبنان بل وتكبيده خسائر كبيرة في العتاد والجنود, وانسحبت إسرائيل علي إثر شراسة المقاومة. ثم عاد الحديث عن نزع السلاح بعد ما انفرط عقد الحكومة التي كان يرأسها سعد الحريري زعيم تيار المستقبل وفريق14 آذار, إثر انسحاب وزراء حزب الله من الحكومة مما أدي إلي سقوطها, وتشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي,مشكلة من تيار الأكثرية التيار الوطني الحر وحزب الله وانضم اليهم نواب وليد جنبلاط وأصبح فريق14 آذار في المعارضة ليقود نوابه السابقون والحاليون ووزراؤه هجوما شرسا علي فريق الأكثرية الذي يشكل الحكومة, وازداد الأمر حدة مع اندلاع الأحداث السورية, وذهاب فريق المعارضة سرا وعلانية إلي تأييد ما يحدث في سوريا من جانب المعارضين لنظام بشار الأسد, فيما ذهب فريق الأكثرية عون وحزب الله إلي تأييد بشار الأسد والنظام السوري, مما أدي إلي تجدد الحديث وبقوة عن ضرورة نزع سلاح حزب الله حتي لا يفرض سلطته علي الشارع اللبناني ولو بالقوة التي يمتلكها. ورد حزب الله وحلفاؤه علي مطالبات المعارضة بضرورة نزع سلاحه, باتهام فريق14 آذار بدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح عبر الحدود اللبنانية, مما سيجر لبنان إلي أتون الحرب الدائرة في سوريا, وهو ما يتنافي مع سياسة الحكومة اللبنانية التي اتخذتها منذ بداية الأحداث وهي النأي بالنفس عما يحدث, وزاد حزب الله من حدة لهجته في مواجهة الخصوم علي لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله من يستطع نزع السلاح بالقوة فليتفضل, مطالبا في الوقت نفسه بأن الحوار والتفاهم هو أفضل وسيلة لحل الأمور العالقة بين الفرقاء اللبنانيين وليس تبادل الاتهامات والمطالبات غير المجدية, مبررا تمسكه بالسلاح بأنه لمواجهة إسرائيل وردعها عن التفكير مجددا في الهجوم علي الأراضي اللبنانية, ورفض فريق المعارضة دعوة حزب الله للحوار حول الأمور العالقة, ولكنهم رحبوا بالحوار حول تسليم السلاح للجيش اللبناني وهو ما رفضه حزب الله. ورفض فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق ورئيس كتلة المستقبل في المجلس النيابي اللبناني حاليا خلال جلسات مجلس النواب التي استمرت ثلاثة أيام أواخر الأسبوع الماضي أن يكون التصدي لإسرائيل موضوع نقاش, لكنه هاجم سلاح المقاومة سلاح حزب الله, وطلب السنيورة أن يكون هذا السلاح خاضعا للسلطة, كما هاجم الحكومة التي رأي أنها لم تكن لا للوطن ولا للعمل, وأضاف أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي انصاع لرغبات اقليمية رغبا وطمعا, واعتبر أن الحكومة الماثلة أمامنا ليست هي الأساس, بل الظل المنعكس علي الجدار. واتهم خالد الضاهر نائب كتلة المستقبل14 آذار في مجلس النواب اللبناني حزب الله باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري بناء علي القرار الاتهامي للمحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في واقعة الإغتيال والذي أشار إلي اتهام عناصر من حزب الله بحادثة الاغتيال, كما اتهم النائب حزب الله بتوجيه سلاحه إلي الداخل اللبناني وليس إسرائيل واحتلال بيروت في مايو أيار.2007 ومع تصاعد حدة الاتهامات المتبادلة بين حزب الله وفريق14 آذار حول السلاح ودعم بشار الأسد أو المعارضة السورية,حضر ملف حزب الله أمام لجنة الأمن القومي الأمريكي, حيث خصص جلسة مستقلة لمناقشة الخطر المتنامي لحزب الله علي الأمن الداخلي الأمريكي حسب وجهة النظر الأمريكية. وأرجعت لجنة الأمن الأمريكي الاهتمام بملف حزب الله إلي ارتباطه بالملف الإيراني, وملحقات هذا الملف علي حزب الله والتنظيمات المسلحة في قطاع غزة وكذلك الملف السوري. وحسب مصادر إعلامية في بيروت فإن المخابرات الأمريكية سي أي إيه أبلغت لجنة الأمن القومي الأمريكي بأن حزب الله ترك الخصوم يتحدثون عن نزع سلاحه وهم غير قادرين علي ذلك, فيما ذهب الحزب إلي المشاريع الاقتصادية, في محاولة لتعويض نقص التمويل الوارد إليه من إيران وسوريا بعد فرض العقوبات الاقتصادية والمصرفية علي إيران وسوريا, فاستطاع الحزب حسب معلومات المخابرات الأمريكية أن يسيطر علي ستة مصارف من مجموع تسعة مصارف تجارية في لبنان, بما يعزز سيطرة حزب الله علي الحياة الاقتصادية لصالحه, كما نجح الحزب في تعزيز نفوذه داخل المصرف المركزي اللبناني ومصلحة الجمارك من خلال المناصب الرفيعة التي يتولاها المنتمون للحزب. وإذا كان حزب الله قد أفلت من المحرقة التي تعدها له أمريكا وإسرائيل بخنقه إقتصادية بعد فرض العقوبات علي سوريا وإيران, بالتوجه إلي المشروعات الاقتصادية والمصارف, فإنه لا يزال يواجه حربا شرسة من الخصوم في المعارضة الذين لا يفتأون عن المطالبة بضرورة نزع السلاح في المواقع الإخبارية والصحف ومحطات التليفزيون ومجلس النواب مطالبين بجعل بيروت مدينة منزوعة السلاح من كل الطوائف والمذاهب اللبنانية, ولا يزال حزب الله حاضرا وبقوة في حكومة الأكثرية التي شكلها نجيب ميقاتي بالتوافق بين حزب الله والتيار العوني, ولم تجد دعوته للحوار مع المعارضة صدي, ليظل الحوار مفقودا بين فريقين يتنازعان السلطة ولا يفتأ أحدهما عن اتهام الأخر بالعمالة والخيانة, وبين الفريقين يضيع المواطن اللبناني الذي يعاني يوميا من انقطاع الكهرباء وقلة الرواتب والاغذيه الفاسدة وغلاء المحروقات, تاركا المتصارعين علي كعكة السلطة يفعلون ما يشاؤون, بينما يصارع هو يوميا للبحث عن لقمة العيش الشريفة وإن كان مردودها قليلا.