رغم المعارضة الشعبية لتصدير الغاز لإسرائيل, ورغم صدور حكم قضائي ضد تصديره لإسرائيل, ورغم 14 تفجيرا لخط الغاز رغم كل ذلك استمر الموقف الحكومي المنفذ للتعاقد. لذلك كانت المفاجأة للمصريين الإعلان المفاجئ عن وقف تصدير الغاز لإسرائيل, وهو ما يثير العديد من التساؤلات والمخاوف من إمكان التراجع عن القرار, مثلما حدث في تسفير الأمريكيين المقبوض عليهم, فبعد التأييد في الشارع المصري للقبض علي الأمريكيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبي والتصريحات الحكومية بعدم التراجع, حدث التراجع ولم نعرف حتي الآن من متخذ القرار؟.. ولماذا علي الرغم من كل الضجة التي أعقبت ذلك؟.. ورغم التأييد والفرحة بوقف تصدير الغاز لإسرائيل, فإنني أتخوف من إمكان التراجع عن هذا القرار, وحتي لا يحدث تراجع لابد من فهم طبيعة هذا القرار وملابساته, وعدم الوقوع في خطأ التركيز علي جانب واحد دون الالتفات لباقي العوامل المؤثرة في القضية, وبالتالي كيف يتحول التأييد الشعبي إلي حائط صد يمنع اختراقه. هناك مجموعة من التساؤلات لتكوين صورة واضحة حول هذا القرار, منها: هل القرار هو وقف تصدير الغاز لشركة غاز شرق البحر المتوسط E.M.G لعدم سدادها للمستحقات المالية أم أن القرار هو إلغاء وعدم استكمال التعاقد؟.. لأن اختلاف الصيغة يؤدي إلي اختلاف النتائج, فإذا كان القرار هو وقف التصدير لعدم سداد المستحقات, فمن الممكن أن تبادر الشركة بدفع ما عليها, فهل يمكن عندها إعادة ضخ الغاز؟.. مع ملاحظة أن الشركة الإسرائيلية نفت عدم دفع المستحقات, فكيف يكون ذلك؟ علي الرغم من تأكيد رئيس الشركة القابضة المصرية أن هذا القرار هو قرار تجاري وليس سياسيا, فإن الجميع يدرك أنه لا يمكن أن تقوم الشركة بذلك إلا بعد موافقة من أعلي المستويات, فلماذا هذه الموافقة المتأخرة؟.. وهل لذلك علاقة بوضع الحكومة المصرية وتزايد الانتقادات البرلمانية لها؟.. وهل لديها من القوة ما يجعلها تستمر علي قرارها أم تتعرض للضغوط وتتراجع.. وقد جاء الإعلان عن وقف تصدير الغاز من إسرائيل ثم خرج رئيس الشركة القابضة للمرور علي كل القنوات التليفزيونية هاتفيا ليوضح سبب وقف التصدير, فلماذا لم يخرج مسئول سياسي ليشرح أسباب القرار وتداعياته؟.. وهل هناك تفاهم بين الحكومتين علي ذلك. ما هو موقف أمريكا من ذلك القرار, خاصة مع دعوة الحكومة الإسرائيلية لها بالتدخل؟.. وهل ستتعرض الحكومة المصرية للضغوط, خاصة بالنسبة للمعونات وتسهيل الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي, وهو ما حدث بالنسبة للأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي؟.. وماذا سيكون رد الفعل المصري؟.. أما بالنسبة للموقف الإسرائيلي, فمن المعروف أنهم دائما ما يكون رد فعلهم كبير وبه تهويل, وهي سياسة مقصودة, ومن ذلك الادعاء بأن هذا القرار هو خرق لاتفاقية السلام والتهديد باللجوء إلي التحكيم الدولي, ومن أسخف التعليقات ما نشرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية من أن شركة شرق المتوسط اعتبرت إلغاء الصفقة غير قانوني, وقالت مصادر بالشركة: إن مصر لا تفهم ماذا تفعل, فهذه الخطوة تعيد البلاد سياسيا واقتصاديا 30 عاما للوراء, وهذا يعتبر خرقا لاتفاق السلام مع إسرائيل. وعلينا أن ندرك أن هذه التصريحات ما هي إلا وسيلة للإرهاب وتخويف المسئولين في مصر للتراجع عن قرارهم. لذلك ودعما لهذا القرار ومنعا للتراجع عنه, لابد من أن يكون موقف الأحزاب والقوي السياسية واضحا ويتجاوز إطلاق التصريحات إلي محاولة بناء موقف قوي يؤازر الحكومة ويمنعها من التراجع ويعطي رسالة إلي أمريكا وإسرائيل أن هذا موقف شعبي تؤيده كل القوي, وبالتالي فمن الخطأ الضغط بالمعونات أو قرض صندوق النقد الدولي للتراجع عن القرار, لأن البديل سيكون خسارة مصالحهم, فهل يدركون ذلك؟ المزيد من مقالات د. محمد صفوت قابل