لم تكن موسكو افاقت بعد من كوابيس كارثة طائرة الركاب الروسية فوق سيناء وتوابعها حتى داهمتها اخبار العملية الارهابية الدموية التي ضربت باريس في نهاية الاسبوع الماضي. وفيما تحولت الانظار صوب العاصمة الفرنسية ، راح الكثيرون من المراقبين يحذرون من مغبة التهوين من هول الكارثة وفداحة المصاب. تدفقت الآلاف من ابناء موسكو وضيوفها صوب مقر السفارة الفرنسية لوضع الزهور وايقاد الشموع في ذكرى ضحايا الحادث، تأكيدا للتضامن في مواجهة أخطر شرور العصر. وقال بوتين في برقية للرئيس الفرنسى: «أصبحت هذه المأساة شاهدا آخر على همجية الإرهاب الذي يهدد الحضارة الإنسانية. من الواضح أن المكافحة الفعالة لهذا الشر تتطلب توحيدا حقيقيا لجهود كل المجتمع الدولي». واعرب الرئيس الروسي عن تضامنه مع فرنسا قيادة وشعبا، مؤكدا ادانته لهذه الاعمال الهمجية. وفي موسكو، ومن امام مقر السفارة الفرنسية اعلن قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الاتحاد عن ضرورة العمل من اجل تنفيذ ما طرحه بوتين من افكار حول تشكيل جبهة ائتلافية لمكافحة الارهاب. ونقلت وكالة انباء «انترفاكس» عن بوريس ريزنيك عضو لجنة الامن في مجلس الدوما ما قاله حول ان ما شهدته باريس ليس مجرد عمليات ارهابية، بل حرب واسعة النطاق اشعلها الارهابيون ضد اوروبا بما فيها روسيا. واستعاد الكثيرون من المراقبين ما سبق وشهدته موسكو من عمليات ارهابية في اعقاب القضاء على الحركات الانفصالية في الشيشان وشمال القوقاز في مطلع القرن الحالي ، ومنها حادث احتجاز الرهائن في مسرح دوبروفكا في موسكو وهو الحادث المعروف تحت اسم «نورد اوست» وراح ضحيته 130 من رواد المسرح وعملية احتجاز اطفال مدرسة بيسلان في اول سبتمبر 2004 والتي راح ضحيتها ما يزيد على ثلاثمائة قتيل. وعزا المراقبون في موسكو اختيار فرنسا لتكون ضحية لهذه العمليات الارهابية التي اعلنت «داعش» مسئوليتها عن ارتكابها بسبب مشاركة فرنسا في الائتلاف المعادي لها في سوريا، الى انها تظل الحلقة الاضعف على غير الحال بالنسبة لبريطانيا والولايات المتحدة. واعادوا الى الاذهان ما سبق وحذر الرئيس بوتين منه اثر انفجار مشكلة تدفق اللاجئين من بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا الى البلدان الاوروبية. وقالوا إن موسكو سبق وكشفت عن تزايد احتمالات تغلغل الكثير من عناصر «داعش» والتنظيمات الارهابية الاخرى ضمن صفوف هؤلاء اللاجئين الذين يشكل الشباب النسبة الاكبر منهم، في نفس الوقت الذي تعود لتحذر فيه من تغير استراتيجية هذه التنظيمات الارهابية. واشاروا الى بعض الدلائل التي تقول إن التعليمات صدرت إلى العديد منهم بالتغلغل داخل المجتمعات الاوروبية والذوبان فيها ، والتحول الى ما هو اشبه بالخلايا النائمة الى حين صدور التعليمات اليهم بالقيام بعملياتهم التخريبية والارهابية والدموية على غرار ما حدث في باريس وقبل ذلك في تركيا وتونس ومصر في اطار تكتيك جديد، هناك من يحذر اليوم من مغبة عدم الالتفات اليه . ونقلت وكالة انباء «سبوتنيك» الروسية عن أندريه كليموف نائب رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الاتحاد ما قاله حول انه «من المرجح أن يكون الهدف من الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس مساء 13 نوفمبر إبراز قوة الإرهاب الدولي وخاصة قدرة الإرهابيين على إحباط وتقويض محافل دولية عالية المستوى مثل مؤتمر المناخ الذي يجب أن تستضيفه باريس في الفترة من 30 نوفمبر 11 ديسمبر. وقال كليموف: «أظن أن مؤتمر الأممالمتحدة بشأن المناخ هو السبب الرئيسي للهجمات الإرهابية»، فيما اضاف ان الارهابيين في باريس «وضعوا نصب أعينهم إبراز قوتهم وقدرتهم على إحباط مؤتمر قمة كهذا وإملاء جدول أعمال المجتمع الدولي».