لم تكف موسكو يوما عن تكرار ادانتها لسياسات الولاياتالمتحدة فى الشرقين الادنى والاوسط. قالت ذلك عقب الاعلان عن مشروع «الشرق الاوسط الكبير». وعادت الى تكرار ادانتها خطط واشنطن حول غزو العراق فى عام 2003 وتشكيل ما سمى آنذاك ب «قوات الائتلاف». وهاهو الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يعلن اليوم صراحة ان ما يجرى فى العراق دليل دامغ على "عدم مصداقية" ما تعلنه الإدارة الامريكية من اسباب لتبرير سياسات تدخلها فى المنطقة، بعد ان حذر الرئيس المصرى المخلوع محمد مرسى من مغبة وصول إرهابيين من العراق الى سيناء. تواتر الأحداث الأخيرة فى أوكرانياوالعراق ومناطق اخرى كثيرة من العالم، ومحاولات الولاياتالمتحدة وحلفائها فى الناتو العودة الى ممارسات الماضى والتمسك بمعايير عالم القطب الواحد ، دفع القيادة الروسية إلى ان تنفض عن كاهلها رداء الصمت، لتعلن عن موقف سبق وكشفت عن مفرداته فى خطاب القاه الرئيس بوتين فى مؤتمر الامن الاوروبى فى فبراير 2007. عاد بوتين الى انتقاد سياسات واشنطن التى اتهمها بأنها وراء انهيار الكثير من اركان منظومة الأمن العالمي. وكان الرئيس الروسى قد اعلن صراحة قبيل سفره إلى فرنسا للمشاركة فى احتفالات حلفاء الحرب العالمية الثانية بالذكرى السبعين لإنزال قواتهم على ضفاف نورماندى، عن مسئولية واشنطن وحلفائها تجاه تفاقم الأحداث فى أوكرانياوالعراق. اعاد إلى الاذهان ايضا فى حديث صحفى أدلى به الى التليفزيون الفرنسى ما سبق وتذرعت به الادارة الامريكية لغزو العراق فى 2003، وما لوح به وزير خارجيتها آنذاك كولين باول فى مجلس الامن من وثائق، قال انها تؤكد وجود اسلحة الدمار الشامل فى العراق لتبرير ذلك الغزو وهو ما اتضح عدم صحته. وقال بوتين ذلك فى تفنيده لما تطرحه واشنطن من ادلة تقول بوجود قوات روسية فى أوكرانيا. وحين سأله المراسل الفرنسى .. هذا يعنى انهم يكذبون؟، اجابه بوتين بانهم «فعلا يكذبون»!!. وكان الرئيس الروسى سبق وحذر من احتمالات انتشار لهيب الإرهاب فى كل المنطقة فى لقائه على هامش لقاء رؤساء قمة بلدان "بريكس" مع الرئيس المصرى المخلوع محمد مرسى فى ديربان فى اواخر مارس 2013. وكانت «الأهرام» قد اشارت الى ذلك اللقاء قى تقرير لها من موسكو، ونقلت عن مصادر مطلعة تحذير بوتين من انتقال قوات من العراق وانتشارها فى سيناء، فى الوقت الذى حذر فيه وزير خارجيته لافروف من "نقل" اسلحة الجيش الليبى بعد مصرع القذافى الى سيناء، وإشارته الى ان ذلك يجرى بمساعدة «دولة عربية بعينها»، وطلب طرح هذه القضية على مجلس الأمن. من هذا المنظور يمكن تناول ما صدر عن وزارة الخارجية الروسية من بيان أعربت فيه "عن قلقها الشديد إزاء التطورات الخطيرة الجارية فى شمال العراق، مشيرة إلى وجود دلائل على محاولات تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام "داعش" توسيع مناطق سيطرتها فى الأراضى العراقية". واشارت الخارجية فى بيانها الى استمرار الأوضاع المتوترة فى العراق، والى محاولات قوات "داعش" لاقامة الخلافة الاسلامية فى الشام والعراق. وإذ أعلنت الخارجية الروسية عن ادانتها الحاسمة مجددا لخطط الاسلاميين فى العراقوسوريا وغيرهما من المناطق، القت بالمسئولية على من قالت "انهم قاموا بغزو العراق منذ عشر سنوات وراحوا يفرضون قراراتهم وارادتهم على شعوب المنطقة، بما قدموه من مساعدات لإطلاق عمليات عدم الاستقرار التى تبدو اليوم تبعاتها واضحة فى كل منطقة الشرق الاوسط". واضافت الخارجية الروسية ان ما نشهده من انفجار للأعمال الإرهابية فى العراق وتواصل هجمات المتطرفين فى سوريا ، يدفعان الى تذكر مدى حيوية ما صدر عن قمة الثمانى الكبار الاخيرة فى لوخ ايرن حول ضرورة تضافر جهود التنظيمات الحكومية والمعارضة فى سوريا من اجل التنسيق فى مواجهة الارهابيين. وأشارت إلى أن النشاط الإرهابى صار يكتسب بعدا إقليميا على نحو متزايد، بما لذلك من تأثيرات سلبية واسعة النطاق لا يمكن تفاديها على شعوب المنطقة واقتصادات دول الشرق الأوسط، إضافة إلى تهديد وحدة أراضى دول المنطقة. واعادت الى الاذهان ان الوفد الحكومى السورى كان ومنذ اولى جولات المباحثات بين الاطراف السورية حكومة ومعارضة، فى جنيف قد طرح بكل الحسم موضوع أولوية النضال المشترك ضد الإرهاب. وقالت: انها على يقين، وانطلاقا من خبرة السنوات الاخيرة لتطور الاوضاع فى سورياوالعراق وغيرهما من بلدان الشرق الاوسط، من ضرورة استخلاص النتائج اللازمة للتأكد من مدى خطورة وعدم جواز مغازلة الارهابيين من كل الطوائف انطلاقا من المعايير المزدوجة والتدخل فى الشئون الداخلية للبلدان ذات السيادة بما فى ذلك من خلال استخدام القوة". وفى معرض تعليقها على التصريحات الصادرة عن واشنطن وغيرها من العواصمالغربية حول التطورات الأخيرة فى العراق، أعربت الخارجية الروسية عن أملها فى أن يعلن جميع أعضاء المجتمع الدولى رفضا قاطعا لا لبس فيه للإرهاب، ويتجنبوا الاسلوب الانتقائى فى تقويمه". وكان سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسية قد أعلن فى تصريحات صحفية نقلتها وكالة انباء «انترفاكس» ان روسيا تعتبر ما يجرى فى العراق يدل على فشل مخططات الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا.وقال إنه "دليل على فشل مغامرة الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا"، مشيرا إلى أن "مدبرى هذه المغامرة، وفى مقدمتهم الولاياتالمتحدة وبريطانيا، لم يعودوا يسيطرون عليها".واضاف قوله ان روسيا تعلن عن تضامنها مع العراق حكومة وشعبا، مؤكدا ضرورة تضافر جهود كل مواطنى العراق من اجل اسلام والامن والاستقرار فى العراق.