بعيداً عن محاولات البرلمان إصدار قانون لمنعه من الإنتخابات جاء دخول عمر سليمان سباق الرئاسة وكأنه " القشة " التى أعادت الأشقاء أصحاب الآراء الثورية للحياة من جديد - الليبرالية منها والإسلامية - عادوا ينتشرون إعلامياً, نشطت صفحاتهم " الفيسبوكية " وتناثرت تعليقاتهم " التويترية " , ونشطت من جديد لقاءاتهم الفضائية . تذكر أصحاب المد الثورى أنه حان وقت أن يتحدوا ويجلسوا معاً من جديد بعد أن أصبحوا " شيعاً " كل منهم يبحث عن دور يخصه وحده وشريحته من " تورتة " مستقبل مصر, أما وأن جاء سليمان بإطلالته الآن فهو بالنسبة لهم " المُلهم " الجديد بعد مبارك لوحدتهم حول هدف سواء بعد فراق وتطاحن وتشرذم لهم ولنا جميعاً ! اعتبروا فجأة ان ترشح عمر سليمان إعادة لإنتاج النظام القديم , نظام مبارك .. عادوا يرون فى سليمان هذا " اللهو الخفى " الذى سيأتى فى غفلة من كل أبناء الشعب المصرى مرتدياً " طاقية الإخفاء " متوجهاً فى صباح اليوم المقرر للجلوس على عرش القصر الجمهورى .. سيذهب هناك والكل نيام , لذا أصبح حتماًعلى تلك القوى الثورية أن تتحد والآن لإيقاظ باقى الشعب من سباته ليعى تلك المؤامرة الشريرة التى لعبها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورموز نظام مبارك وفلوله وأعداء الثورة المجيدة حتى لا يغافلهم كل هؤلاء ويجدونه فوق كرسى الحكم .. !! ماهذا الهلع .. ولماذا كل هذا الصراخ والعويل الذى" وجع دماغ الناس " على ترشح سليمان من تلك القوى التى تجمعت فجأة بعد شتاتهاعلى هدف سواء حتى أن أحد مرشحى الرئاسة أعلن أنه سيلجأ للكفاح المسلح فى حال فوز سليمان ! وما ذلك الفزع من ترشح سليمان مادام هناك صندوق انتخابات , وهناك شعب هو نفسه الذى رفض كل مرشحى الحزب الوطنى المنحل عندما أراد, وهو نفس الشعب القادر من جديد على إختيار من يريد وقتما أراد . هؤلاء المفزوعون , ألم يسألوا أنفسهم ما الذى دعى سليمان للدخول الى سباق الرئاسة بثقة إحتمالية الفوز بها .. ألم يتساءلوا فيما بينهم حول أسباب رفع أسهمه بعد مرور أكثر من عام على خروجه هو ورئيسه من الحكم تحت وطأة ثورة ؟! هناك تفسيرسهل ومريح بالضرورة سيراه الأشقاء أصحاب المد الثورى وأغلبية البرلمان والفئة النخبوية التى طفت على سطح التحليل السياسى بعد الثورة وتفرقت شيعاً ولم تتحد أو تتوافق إنقاذاً لمصر والمرور بها من أزمتها فى تفسيرها لذلك . سيرى الأشقاء أن هناك "خطة منظمة" تم الإعداد لها من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ربما شارك فيها سليمان نفسه لتكفير الناس بالثورة وتفريغها من كل مضامينها , وأن هذه الخطة ربما تقود بأبناء الشعب البسطاء بمنح أصواتهم لسليمان – على عدم وعى وفهم منها - على أمل أن يحقق ملاذ العودة إلى أمن واستقرار مصر الدولة بدلاً من حالة السيولة التى لايعرفون معها نهاية آمنة حتى الآن .. هذا التفسير ربما له مايبرره , لكنه إن كان حقيقىاً , فالأخوة أصحاب الآراء الثورية و"المكلمات" اليومية هل هم بعيدون عن هذه النتيجة المأساة التى نعيش فيها الآن ؟ الإجابة الموضوعية – فى رأيى - لا تبرئهم أبداً عن التورط فى الوصول إلى تلك النتيجة وهذا الواقع الأليم الذى نعيشه جميعاً . لقد طغت الأنانية السياسية وشهوة السلطة ولغة الإستعلاء على الشارع والصيد فى مياه "الرغبة " العكرة للهيمنة على الجزء الأكبر من المكاسب السياسية على العديد من هذه القوى التى تحدثت بإسم الثورة واعتبرت نفسها واصية عليها .. كلها لم تستطع أن تجد مسارات مشتركة لتعمل فيما بينها لمصلحة هذا الوطن حتى لوكان على حساب العودة عن بعض طموحاتها . الواقع يشير الى أنه منذ قيام الثورة حتى الآن غابت لغة التوافق بين هذه القوى واستبدلت مكانها لغة التخوين والتناحر وربما التواطؤ . لم ينظر الكثير من هؤلاء كثيراً إلى رجل الشارع الذى توسم فيهم خيراً – وهو ليس ساذجاً كما يتوهمون- وترك هذا الرجل لهم الساحة يلعبون فيها كيفما شاءوا لكنه لم يجد منهم بعد أكثر من عام سوى فشل فى القدرة والإرادة حتى على مواجهة الثورة المضادة إما تواطئاً أو ضعفاً وهواناً أو بسبب فرقتهم وأطماعهم عنادهم ومزاياداتهم . لسنا بعيدين عن الحقيقة عندما نرى حركة مثل 6 ابريل وقد تحول إحتفالها بمرور 5 سنوات على إنشائها إلى ملحمة خلافية بين تياريها بين مؤسس لها وآخر منشق عنها وتكريس التناحر والتخوين بين الجانبين . وهاهو حزب الحرية والعدالة لايلعب إلا لصالح الإخوان فقط حتى لو كان على حساب الجميع . أما غالبية التيار السلفى فكل مايهمه الآن هو قضية "أبو اسماعيل" لأنه هو وهو فقط الذى سيطبق من وجهة نظر أصحابها شرع الله , وأنه الرجل المظلوم الصادق الذى تجمعت حوله كل قوى الشر فى الداخل والخارج لإقصائه عن استمراره فى الماراثون الرئاسى . أما حزب الوفد فهو لازال يعيش حيرته السياسية ويسقط بكل ثقله التاريخى الى الوراء, وعن باقى الأحزاب فحدث ولاحرج لاأحد يشعر بها- القديمة منها والجديدة - إلاببعض من الرموز" الشاطرة" فى التعاطى الإعلامى ولغة الفضائيات . وشباب الثورة , لازال تائهاً حائراً عاجزاً عن الوصول إلى رجل الشارع العادى بعد أخطاء وقع فيها , وبضغوط من محترفى الكسب السياسى على حساب غيرهم . أما مرشحو الرئاسة من أصحاب التيار الواحد خاصة الليبرالى أو الثورى فإن مؤيديهم كادوا يبكون لهم حسرةً وغيظاً حتى يتحد هؤلاء المرشحين من الآن على قلب رجل واحد لتشكيل فريق رئاسى يستطيعون الوقوف معه بدلاً من تفتيت أصواتهم, لكن ماجرى أن كل " واحد" من هؤلاء المرشحين يريد أن يكون هو, وهو فقط سيادة الرئيس فلاتراجع ولاإستسلام عنده حتى الآن عن تبوأه رئاسة مصر حتى لوكان على حسابها هى نفسها .! وسط كل هؤلاء تنظر وتراقب وتحلل أغلبية أبناء هذا الشعب - التى تتصور النخبة أنها لاتملك الوعى الكافى - مايحدث , ساكنةً , ممتعضة , غاضبة من كل الفاشلين فى الوصول إليها بمن فيهم من يتحدثون بإسمها , وهى الأغلبية التى ترى أن مايجرى حتى الآن بما فيها رفض ترشح سليمان من تلك القوى التى تصف نفسها بالثورية هو"خناقة " على كراسى السلطة وليست مواجهة منها ضد عودة نظام سابق . هذه الأغلبية تنتظر ونحن معها من أصحاب الآراء الثورية الذين وحد ترشيح سليمان بينهم " قولاً " العودة إلى صوابهم للوقوف فى صف الشعب متحدين سوياً متلاحمين معه .. يشعربهم لحماً ودماً بلا تصريحات جوفاء وتهديدات فارغة .. يعملون له لا وليس لأنفسهم تحت دعاوى شعارات ما عاد يقتنع بها أحد . لو لم يتحقق ذلك فالأغلبية ستقول لهؤلاء : نملك الصندوق وفيه ستجدون رأينا .. فى هذا الصندوق سنقول أيها الثوريون الجدد : نعم سنختار اللواء سليمان وسنعيد النظام السابق من جديد .. ! المزيد من مقالات حسين الزناتى