عجبت لتلك الدعوة التى يرفع لواءها الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، بأن يتنازل أصحاب شهادات قناة السويس الجديدة عن أرباحهم، مرة بحجة أن الدولة «فقيرة» و«مديونة» ويجب ألا تتكبد فوائد بالمليارات، ومرة بحجة أن هذه الأموال ربا ومحرمة، لذلك دعا بالتبرع بعائدات هذه الشهادات لسداد ديون مصر وإنقاذ اقتصادها.وهذه دعوة باطلة قانونيا ودينيا واقتصاديا وأدبيا أيضا. فقانونيا: فالعقد شريعة المتعاقدين، فيجب على المتعاقدين تنفيذه فى جميع ما اشتمل عليه وطبقا لمضمونه، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين. ودينيا: فما أخذ بسيف الحياء فهو حرام»، وهنا ليس سيف الحياء ولكنه سيؤخذ بسيف القوة، فهو حرام حرام حرام. واقتصاديا: هل اذا تخلت الدولة عن كلمتها مع مواطنيها، يمكن أن يصدقها الناس ويشاركون فى أى مشروع حكومى آخر؟ وكم سيضر هذا الموقف بالحكومة أمام المستثمرين وخصوصا الأجانب، فإذا كانت الحكومة غير صادقة مع أبناء جلدتها، فهل تصدق مع رأس المال الأجنبى؟ وأدبيا: فالدولة ليست الريان، أو أى شركة من شركات توظيف الأموال، تأخذ فلوس الناس بوهم أرباح ضخمة ثم تنصب عليهم، وإذا كان فرد أو مجموعة أفراد أو شركات يقومون بهذا الفعل، فإننا نبرأ بمصر أن تكون «نصابة». تبقى فتوى برهامى بتحريم فوائد شهادات استثمار قناة السويس الجديدة، وأنها ربا محرم التصرف فيه. وهو ما نفته دار الإفتاء المصرية أن تكون فوائد هذه الشهادات من قبيل الربا أو الفوائد المحرمة، مؤكدة أنها فوائد حلال شرعًا ولا شيء فيها. ويبقى السؤال: بكم تبرع الدكتور ياسر برهامى وبكم تبرعت الجبهة السلفية لسداد ديون مصر «الفقيرة» و»المديونة» وإنقاذ اقتصادها؟ أم أن دعوته من قبيل (زغرتى ياللى منتيش غرمانة)! لمزيد من مقالات جمال نافع