مشاهد مروعة جاهدت الميديا المرئية مستخدمة ظلالا وعدسات عاكسة لعلها تحجب بشاعتها ووحشيتها، ولكن مضمونها وصل للكافة، وبعد أن كان يعج بالحركة والنشاط حل الخراب بالمركز الثقافى التابع لبلدية شانلى اوروفا وحديقته التى خضبت بدماء واحد وثلاثين من النشطاء الاكراد وجميعهم شباب فتيات وفتيان، إضافة إلى 104 مصاب، العديد منهم يصارع الموت. وكانت لقطات سيلفى التقطت لهم وقد اصطفوا فى فرحة غامرة حول طاولة كبيرة بوسط الحديقة قبل لحظات من حدوث الانفجار. وكان طبيعيا أن يزحف الآلاف من ابناء المدينة التى تقع على التخوم مع سوريا، وسط صراخ وعويل الاقارب والاصدقاء، نحو الصوت المدوى الذى وقع فى الساعة الحادية عشرة و45 دقيقة ظهرا، أى قبل وقت خروج الموظفين وفض اللقاء الشبابى لاستراحة الغذاء الذى يبدأ فى تمام الثانية عشرة ولمدة ساعة ونصف، اذن كل شئ أعد بعناية من قبل المخططين لإستهداف أكبر عدد من الارواح وكان لهم ما ارادوه. للإنصاف لم يتصنع رئيس الوزراء المنتهية ولايته احمد داود اوغلو الغضب، بل كانت علامات التأثر بادية عليه، وبصدق توعد بالرد على المتوحشين، لكن المشكلة أن تلك الافاقة بدت متأخرة إلى حد كبير، فلم يكن الامر مصادفة فى ان تتفق بلدان أوروبية نافذة والولايات الأمريكية، على أن الأراضى التركية صارت مسرحا مفتوحا، وعلى مرئى ومسمع من أهل الحل والعقد، لتحركات جهادية مشبوهة، وانتقال لاجانب جاءوا بالعشرات اليها من وراء البحار ليحطوا رحالهم بها تمهيدا لذهابهم إلى ساحات المعارك الضارية فى الجارة السورية . وقبل اربعة ايام فقط بثت مواقع اليكترونية فى العاصمة واشنطن، تقارير سرعان ما تلقفتها وسائل إعلام مناوئة للعدالة والتنمية الحاكم، وفيها تم الكشف عن تورط ابناء رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان فى تقديم مساعدات طبية من علاجات وأدوية لعناصر تنتمى لداعش، بالتوازى وفى أول ايام العيد، زعقت حناجر متعاطفة مع الأخير من أحد مساجد إسطنبول تكفر الديمقراطية وتدعو للخلافة دون اى تدخل من السلطات المعنية . كل هذا يفسر لماذا هبت المعارضة بكل تياراتها، منددة بالتسيب والتواطؤ، وها هو زعيم الشعب الجمهورى كمال كيلتش دار أوغلو يصرخ قائلا اللعنة على الارهاب وكذا الذين يدعمونه، وفى «سورتش» المكلومة خرج ممثلو حزب الشعوب الديمقراطية الكردى صاحب الكلمة الاولى فى تلك المناطق الشاسعة من جنوب شرق الاناضول، ليقولوا للرأى العام بعموم البلاد تلك هى النتيجة، ألم نحذر من الخلايا النائمة، ولكن بدلا من أن يسمعونا انهالوا علينا بنعوت الارهاب، فمن هم الارهابيون الحقيقيون؟؟ المصاب جلل وتجلياته لن تتوقف، فما حدث اراد ايصال رسالة إلى الاكراد مؤداها أنهم لن يهنأوا بما حققوه فى الانتخابات البرلمانية التى جرت نهاية يونيو الماضي، ثانيا أن القتلى هم ناشطون وناشطات استقبلوا اقران لهم جاءوا من عين العرب كوبانى على التخوم بغرض مناقشة وبحث سبل تعمير مدينتهم «كوباني» التى حرروها من داعش والفضل للاتحاد الديمقراطى السورى الذى نعتته حكومة العدالة والتنمية بانه امتداد لمنظمة حزب العمال الكردستانى الانفصالية اى انه ببساطة ارهابى . وهكذا فالخوف أن يكون تفجير سورتش إيذانا بفتح أبواب جهنم أمام الحكومة التى يفترض أن ولايتها أنتهت وهى بصدد لإعادة تشكيلها لكن يبدو أنها لن تشكل.