علي الرغم من كل الجهود التي تبذلها قيادات الحرية والعدالة لاحتواء الموقف المتفجر حول الجمعية التأسيسية للدستور والتي خلت من العديد من الاسماء المؤثرة في المشهد السياسي المصري سواء من بين أساتذة القانون الدستوري في مصر والذي يشهد لهم العالم اجمع بقدراتهم العلمية والثقافية خاصة أن العديد من دول العالم قد استعانت بالبعض منهم عند إعادة صياغة دساتيرها وكذلك رموز العمل العام في مصر سواء المنتمين منهم للأحزاب الليبرالية أو غير المنتمين إلا أن غالبية هذه الجهود تصدم بحائط الرفض من مختلف الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني. وفي الوقت الذي عقدت فيه اللجنة الفنية الخاصة بالجمعية التأسيسية اجتماعا مساء أمس الأول بمقر مجلس الشعب للنظر في إمكانية إيجاد بدائل توافقية تمكن من حل الأزمة القائمة سواء كان ذلك بإحلال عدد من الأعضاء الأصليين المنتمين لحزب الحرية والعدالة باللجنة بآخرين من الاحتياطيين المنتمين إلي الأحزاب الليبرالية ومنظمات المجتمع المدني تنفيذا لما سبق الاتفاق عليه في الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلي للقوات المسلحة مع عدد من رؤساء الأحزاب وبعض النواب المستقلين إلا ان هذا التوجه والذي سوف يتم الإعلان عنه في الاجتماع المقرر ان يعقد مساء اليوم بمقر مجلس الشعب قد واجه بدوره معارضة قوية من مختلف الأحزاب والقوي والتي تطالب أن يكون التغيير في حدود20 عضوا علي الأقل وليس10 فقط وهو مايعني ضرورة موافقة حزب النور السلفي علي هذا الإجراء خاصة انه الطرف الثاني في معادلة التمثيل الإسلامي داخل اللجنة التأسيسية. ولعل هذا التوجه قد اثار شهية جميع قوي المجتمع المدني في البلاد ففي الوقت الذي نجح فيه الدكتور محمد مرسي في اقناع شيخ الأزهر في العدول عن قراره بالانسحاب من التأسيسية بعد أن اقتصر تمثيل الأزهر علي عضو واحد إلا أن الأمر المثير في هذه الواقعة هو اصرار الأزهر علي ضرورة تمثيل المؤسسة الدينية بعدد أكبر من الأعضاء بما يكفل تحقيق الوجود القوي في تلك التأسيسية فقد ارسل الأزهر كشفا جديدا للأمانة الفنية يضم5 أعضاء جدد ليتم اختيار ثلاثة منهم علي الأقل إلي جانب الشيخ نصر فريد واصل مفتي الجمهورية السابق. كما أعلنت الكنيسة المصرية عن استيائها لعدم تمثيل الأقباط في الجمعية بعدد مناسب لايقل عن عشرة أعضاء علي الأقل وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه حتي الآن. لذا فقد ارسلت الكنيسة الكاثوليكية التماسا للمشير طنطاوي ورئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة تطلب منه ضرورة إعادة النظر في تأسيسية الدستور حتي يتم تمثيل جميع الكنائس المصرية فيها بالشكل الذي يتناسب واعداد الأقباط في مصر. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه أيضا بإعلان حزب الوفد عن غضبه من عدم تمثيل حزب الوفد بالعدد الكافي من الوفديين سواء من نواب الحزب بالبرلمان أو من خارجه أيضا بعيدا عن فكرة التمثيل النسبي التي تم العمل بها عند تشكيل التأسيسية والتي منحت حزب الوفد4 مقاعد وبصفة عامة فإن المشاروات التي تتم في مختلف الأحزاب الليبرالية الرافضة لهذا التمثيل قد تتسبب في حدوث أزمة حقيقية داخل الجمعية خاصة وأنها تطالب أن يقتصر تمثيل البرلمان بحرفية علي25% فقط وان تكون النسبة الباقية من خارجه وممثلة لمختلف ألوان الطيف السياسي والفني والدستوري علي أن تكون عملية التصويت علي مواد الدستور التي يتم انجازها داخل التأسيسية باغلبية الثلثين وليس نظام الاغلبية المطلقة50%+1 وهو الأمر الذي يرفض حزب الحرية والعدالة بشدة خاصة أن هناك توجها عاما داخل الحزب بضرورة الحفاظ علي وجود مجلس الشوري في الدستور الجديد في الوقت الذي تلوح في الافق توجهات جادة من قبل الليبراليين والمستقلين حول عدم جدوي هذا المجلس والاكتفاء بغرفة واحدة في البرلمان المصري بدلا من نظام الغرفتين.. وكذلك رغبة غالبية هذه الأحزاب عدم النص علي استمرارية مجلس الشعب بعد إعلان الدستور الجديد وهو مايتعارض بشدة مع توجهات حزبي الحرية والعدالة والنور وغالبية النواب المستقلين الذين تم اختيارهم في التأسيسية. المزيد من مقالات احمد البطريق