أثار علاج عناصر من المعارضة السورية داخل المستشفيات الاسرائيلية جدلا كبيرا داخل الساحة السياسية السورية والاسرائيلية على حد سواء، فدمشق ترى أنه نوع جديد من الخيانة ترتكبه قوى المعارضة فى حق سوريا، فيما تسبب علاجهم داخل اسرائيل فى مشاكل . هذه المشكلات بدآت بعد اعتراضات الطائفة الدرزية داخل اسرائيل على هذا القرار، حتى وصل الأمر الى حد الاشتباك بين الدروز و القوات الاسرائيلية التى تنقل الجرحي، لتبدأ بعدها موجة من الاعتقالات فى صفوف دروز اسرائيل. الازمة تفجرت بعد اعتراف موشى يعالون وزير الدفاع الاسرائيلي، بتقديم مساعدات طبية وإنسانية للجرحى السوريين، اثر الاشتباكات العنيفة التى اندلعت بين الجيش السورى ومسلحى المعارضة فى بلدة حضر جنوبسوريا المطلة على مرتفعات الجولان التى تحتلها إسرائيل. وزعم الوزير الإسرائيلى أن تقديم تل ابيب المساعدات الطبية والإنسانية لجرحى المعارضة، جاء ضمن اتفاق يشترط حصولهم على تلك الخدمات ، مقابل إبقاء ما يسمى ب"الجهاديين" بعيدا عن إسرائيل. و قال يعلون خلال لقاء مع مجموعة من الصحفيين : "عندما يصل شخص مصاب إلى الجدار الأمنى ، فعليك تقديم المساعدة الى أن تتحسن حالته ونقوم بإرجاعه" . وأوضح فى حديثه: "أنه ليس سرا أن الجهات المرابطة على الجدار الأمنى تتلقى مساعدات إنسانية من قبل إسرائيل، مثل العلاج الطبي، و اشترطنا ألا تسمح هذه الجهات باقتراب تنظيمات إرهابية إلى الجدار". ربما يكون الوزير الاسرائيلى قد ابدى "تعاطفا غير معلن" مع الجرحى السوريين قد تكتشف نواياه الحقيقية فى وقت لاحق ، بيد ان الاخطر وربما يكون هو المغزى الحقيقى للتصرف الاسرائيلى حيال علاج هؤلاء، هو مضمون تقرير للقناة "الاسرائيلية الثانية"، الذى اشار الى حالةٍ من "الودّ" بات يحملها من يعالجون داخل المستشفيات الاسرائيلية " للكيان العبري" . يذكر أنه، وبحسب أرقام صدرت عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن مستشفيات إسرائيل قدمت العلاج لأكثر من 1600 عنصر سورى متطرف فى السنوات الثلاث الماضية. الأمر الذى يستحق النظر اليه ايضا، هو الاهتمام البالغ من قبل اسرائيل بهؤلاء ممن يأتون للعلاج، حيث تقوم عناصر من المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) بنقلهم إلى المستشفيات التى يخضع فيها الجرحى الإرهابيون للحراسة المشدّدة بإشراف جهاز الأمن العام الإسرائيلى (الشاباك). من جانبها، اتهمت الطائفة الدرزية الحكومة الاسرائيلية ، بأنها تقدم العلاج و الدعم لعناصر ارهابية من جبهة النصرة وتنظيم القاعدة الذين يعملون على تصفية الدروز فى الداخل السوري، وهو ما أدى الى اعتراض بعض افراد الطائفة لسيارتى اسعاف اسرائيلية كانت تنقل عناصر من المعارضة السورية وقصفها بالحجارة، مما أدى إلى مقتل أحد الجرحى وإصابة ثلاثة آخرين وإصابة جنديين إسرائيليين حاولا حماية الجرحي. بعدها قام بعض المسئولين الاسرائيليين بتوجيه اتهام مباشر إلى المخابرات السورية، بالوقوف وراء موجة تحريض الدروز فى سوريا ، وانها وراء التوتر والاعتداءات على الجرحى الذين يصلون إلى إسرائيل لتلقى العلاج. وأكدوا أن «الهدف من ذلك هو جر إسرائيل إلى الحرب الداخلية فى سوريا، والقيام بالعمل الذى يعجز عنه نظام بشار الأسد لضرب (داعش) و(النصرة) وقوى المعارضة». ثم قامت السلطات الإسرائيلية بحملة اعتقالات واسعة شملت 9 أشخاص من السوريين الدروز فى هضبة الجولان المحتلة واثنين من "حرفيش"، للاشتباه بأنهم وراء الهجومين على سيارتى الإسعاف العسكريتين. تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نيتانياهو جاءت أكثر وضوحا بعد ذلك، لتؤكد دعم اسرائيل الكامل لعلاج جرحى المعارضة ، حيث أكد خلال اجتماع مع وفد من قيادة الطائفة الدرزية فى إسرائيل، برئاسة الشيخ موفق طريف، حضره وزير الدفاع الاسرائيلى موشيه يعالون والقائد العام للجيش، جادى إيزنكوت، أنه لن يسمح لأحد أيًا كان بعرقلة مهام جنود الجيش الاسرائيلي، مشيرا الى انه سيتم اعتقال من هاجموا سيارات الاسعاف، ودعا نيتانياهو قيادات الطائفة الدرزية إلى احترام القانون وجنود الجيش وعدم "أخذ القانون باليد". هذا فيما أعلن آيزنكوت أن الجيش لن يتوقف عن إخلاء الجرحى السوريين، لكنه قد يجرى تغييرات على طريقة نقلهم إلى مستشفيات البلاد بواسطة مروحيات عسكرية، لتجنب مرور سيارات الإسعاف من جانب القرى الدرزية، هذا بالاضافة الى نقل كل الجرحى السوريين الموجودين فى مستشفيات إسرائيلية فى الشمال إلى مستشفيات فى وسط البلاد لحمايتهم. يأتى هذا فيما ذكر تقرير نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية ، نقلا عن “إيهود يعاري” - محلل سياسى فى شئون الشرق الأوسط- إن بعض جماعات المعارضة السورية تحافظ على اتصال دائم مع الجيش الإسرائيلي، كما أن تقارير للأمم المتحدة تؤكد أن جنود إسرائيليين سلموا صناديق للمسلحين السوريين. ورغم المحاولات الاسرائيلية المستمرة لاحتواء غضب " الدروز" تجاه قرار الحكومة الاسرائيلية بعلاج جرحى المعارضة السورية، إلا أن عشرات الدروز تظاهروا أكثر من مرة أمام مستشفى نهاريا الاسرائيلى احتجاجا على القرار، رافعين شعارات منددة تتهم إسرائيل بتقديم العلاج لارهابيين من "جبهة النصرة" ممن يقومون بقتل الدروز فى الجولان.