لابد أن نسلم بأن أزمة الخطاب الدينى ليست مسئولية الأجهزة المعنية فى الدولة وحدها وإنما هى مسئولية المجتمع بأسره بعد أن تعددت وتنوعت مصادرالتوجيه والتأثير خارج المظلة الرسمية منذ سنوات وأصبحنا إزاء واقع جديد لا يقتصر على استقلالية الإعلام الخاص فحسب وإنما دخل على ذات الخط عنصران مؤثران خارج المظلة الرسمية أيضا وأقصد بهما إمبراطورية التعليم الخاص من الحضانة إلى الجامعة والجمعيات الأهلية التى تشرف على آلاف المساجد والزوايا ولكل خطابه الدينى المستقل! ورغم أهمية وحساسية وخصوصية الخطاب الدينى فإن أحدا لم يلتفت إلى ضرورة التوحيد والتنسيق بين وسائل الإعلام ومنابر المساجد وقاعات الدرس والتعليم لتلافى فوضى التضارب والتصادم والاختلاف بين ما يقال فى الفضائيات أو الصحف مغايرا لما يسمعه التلاميذ فى المدارس أو يصل إلى أسماع الناس وآذانهم فى المساجد. ولنكن صرحاء مع أنفسنا ونعترف بأن أحد أهم أسباب فوضى الخطاب الدينى أيضا يتمثل فى غياب المفكر الدينى المؤهل سواء فى وسائل الإعلام أو معظم المساجد وفى كل دور العلم تقريبا وتلك فى حد ذاتها مشكله تمثل عقبة فى طريق السعى لإنتاج خطاب دينى مستنير يخاصم الغلو والتطرف والعنف بأرضية معرفية حديثة تمكننا من التواصل مع العصر والاعتراف بالآخر واحترام خصوصياته بعيدا عن ذهنية الإلغاء والإقصاء. أتحدث عن الحاجة إلى موجهين ومفكرين يخلعون عباءة الشمولية عن خطابهم الدينى والتى تبيح لهم حق التكلم والإفتاء فى كل شيء من شئون الحياة تحت مظلة فضفاضة تقول باستحالة الفصل بين الدين والدنيا لتبرير دس الأنف فيما هو خارج الخطاب الدينى وبعيدا عن روح العقيدة ومعانيها السامية! وإذا نجحنا فى إنهاء حالة الفوضى واستطعنا توفير العدد الكافى من المفكرين الدينيين المؤهلين لإنتاج خطاب دينى يتميز بالبساطة والوضوح بعيدا عن الانزلاق نحو تسييس الدين أو إرهاق المتلقى بتعقيدات الواقع المعيش ومصاعبه دون القدرة على تقديم حلول عملية ممكنة... فإن ذلك سوف يمثل نقطة البداية الصحيحة لخطاب دينى جامع وموحد.. والله أعلم. خير الكلام: أكبر نعمة وهبها الله لصغار النفوس هى الغرور! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله