من بيت لحم غادر النور مهده في رحلة هروب خططت لها السماء كي تحتضن أرض الكنانة هذا الوليد ،وليد امرأة اصطفاها رب العرش العظيم علي نساء العالمين ، وليد المعجزة الربانية ،السيد المسيح الذى باركت خطواته وأمه المباركة أرض مصر بطولها وعرضها ..حلت البركة أينما حلوا من العريش إلى حصن بابليون ثم قلب الصعيد ، مرورا بوادي النطرون وإلي الدلتا مرورا بسخا لتبدأ رحلة العودة عبر سيناء إلى أرض الميلاد فلسطين هذه هي رحلة العائلة المقدسة التي نحتفل بها سنويا في الأول من يونيو . تلك الرحلة التي كانت ملهمة لفناني العالم بكل تفاصيلها الروحية والدينية والإنسانية ..وكانت ملهمة بشكل خاص لفناني مصر التي أضحت القبلة والكنانة التي حفظت العائلة المقدسة من بطش الحاكم الروماني هيرودس الذي أمر بقتل كل أطفال بنى اسرائيل من عمر يوم حتي سنتين خوفا من تلك النبوءات عن الملك القادم ليخلص اليهود . فكانت مصر حضانة الأمن والأمان التي احتوت الطفل وأمه قرابة الأربع سنوات . فنانو مصر مسلمين وأقباطا احتفوا بمسار العائلة المقدسة في لوحات بديعة تنطق بالفخر لأن المسيح وأمه البتول مرا من هنا..ومن بين هؤلاء الفنانين جاءت جداريات الفنان عادل نصيف سفير الفن القبطي حول العالم ، التي أقامها في مصر ومختلف عواصم العالم المسيحي لتعلن عن أهمية الحدث بالنسبة لمصر واعتزازها به ..وهو يري أن هناك الكثير والكثير من التفاصيل التي ينبغي أن بنرزها في تلك الرحلة المباركة . • كيف ترى رحلة العائلة المقدسة إلي مصر روحيا وفنيا ؟ فكرة الرحلة واختيار مصر في حد ذاتها لها قيمة روحية كبيرة عندما جاء الملاك يوسف النجار يخبره بالأمر الإلهي أن يصحب الطفل وأمه إلى أرض مصر التي كانت مقصد العديد والعديد من الأنبياء ..أولهم إبراهيم الخليل ثم سيدنا موسي عليه السلام الذي ولد وتربي في مصر ويوسف الصديق .وهناك إشارات من العهد القديم الى وجود أنبياء زاروا مصر نظرا لطبيعة شعبها الذي يحرص على استضافة الغرباء وحمايتهم ولأن مصر كانت الدولة المهمة في العالم آنذاك والله قصد أن يملأها بالبركة . وتقول المصادر التاريخية إنه عند دخول المسيح أرض مصر كانت الأوثان تسقط في كل مدينة يقيمون بها، فكانوا يطردونهم ولذلك اضطروا أن يسيروا 1000كم في أرض مصر. وكان هذا ليبارك المسيح أرض مصر كلها. • كيف كانت رحلة العائلة المقدسة ملهمة فنيا عبر العصور؟ الرحلة عبر عنها كل فناني العالم برؤى مختلفة كل حسب بيئته ،فاللوحة الدينية ابنة البيئة التي ظهرت فيها ..لكن الفنان المصري هو الأقدر بطبيعة الحال على التعبير عن تلك الرحلة سواء كان مسلما أو مسيحيا . ومن بين الفنانين العالميين الذين قدموا الرحلة المقدسة في لوحاتهم :الفنان الإيطالي جيوتو ، الذي نفذ العديد من أعمال الفريسك عن الرحلة أوائل عصر النهضة . وفى القرن السابع عشر الفنان البلجيكي روبنز . • وكيف كانت ملهمة لك بصفة شخصية؟ أنا مصري أولا وموضوع العائلة المقدسة هو من أهم الموضوعات التي أصر على تناولها نظرا لأهميتها لمصر ..وهناك نبوءات في العهد القديم عن تلك الزيارة، وتحديدا في سفر اشعيا «مبارك شعبي مصر «فهناك خصوصية واضفاء للبركة على كل من يعيش على أرض مصر عندما شرعت في إقامة جداريات خارج مصر كانت رحلة العائلة المقدسة على قائمة اهتماماتي كي أنقل للعالم حضارة مصر الفرعونية والقبطية وقد عملت تصميمات عديدة فالرحلة بها احداث ومعجزات كثيرة لما جاءت العائلة إلى مصر كان المصريون يستقبلونها بترحاب ..وهيرودس حاول تتبع العائلة المقدسة في مصر التي من الطبيعي انها ارتدت الملابس المصرية وعاشت وتفاعلت وانسجمت واندمجت مع المصريين في فترة وجودها التي استمرت 3سنوات ونصف. • ما المشاهد التي تراها غنية بالتفاصيل في مسار الرحلة ولم يتم تقديمها بالشكل المناسب ؟ لقد اختزلنا الرحلة في مشهد السيدة العذراء تركب الحمار ممسكة بالسيد المسيح رغم وجود الكثير والكثير من المشاهد الموحية ومنها ما نفذته في جداريتي بتل بسطا حيث وجدهم حارس أحد المعابد الفرعونية ورأى معجزة الطفل الذي ضرب بيده في الرمال فانبثقت منه المياه ،فأخدهم إلى البيت وكانت زوجته مقعدة لسنوات فشفيت ..فعلم الرومان بنبئهم فأخذهم الحارس وقام بتخبئتهم ..كان الشعب كله يحميهم . • ما أهم أعمالك الخاصة برحلة العائلة المقدسة ؟ في باريس على أحد الشوارع الرئيسية جدارية من الموزاييك عرضها 10 أمتار وارتفاعها 3ونص متر . وجدارية في أحد شوارع كندا علي مساحة 20 مترا مربعا . وفي نيويورك جدارية بأحد المسارح 13 مترا في 2 متر . وفى مصر بالزقازيق جدارية مساحتها 38 مترا مربعا توثق رحلة العائلة المقدسة في تل بسطا علي واجهة مطرانية الزقازيق .وكلها جداريات في الشارع أي يراها الناس. وحاليا يجرى إعداد جدارية على واجهة الكنيسة المصرية في أمستردام . • كيف يمكننا توظيف هذا الحدث الروحي والتاريخي دعائيا وسياحيا ؟ لقد اكتفينا بتنظيم مهرجان سنوي للرحلة فقط ..وعلينا فعل الكثير لاستغلالها سياحيا . فعلي سبيل الثمال لا توجد لافتات على مسار العائلة المقدسة لذا لابد من الاهتمام بالمواقع التي مرت بها العائلة المقدسة ..وقد قمت بزيارة متحف في هولندا أقيم بين الغابات فوجدت إحدى اللافتات وقد كتب عليها « هنا بيكاسو مشي خطواته» . المسار موجود والتاريخ يؤكدها وهناك آثار عديدة تخص رحلة العائلة المقدسة في مصر منها في مصر القديمة البئر التى شربوا منها . وفي دير المحرق الصخرة التي جالس عليها المسيح .قدم المسيح مطبوعة على الحجر في سخا ومع ذلك لا يوجد نقاط وإشارات إرشادية للسائح المصري والأجنبي علي حد سواء .بالإضافة إلى وضع جداريات تروي تلك الأحداث على مسارات الرحلة.. لابد من وجود تعاون بين الكنيسة والسياحة والآثار لوضع علامات إرشادية توثيقية للرحلة المقدسة وعمل بانوراما كاملة للرحلة علي غرار بانوراما أكتوبر.