«ظهر ملاك الرب ليوسف فى حلم قائلا قم خذ الصبى وأمه واهرب الى مصر وكن هناك حتى أقول لك ...فقام وأخذ الصبى وأمه وانصرف إلى مصر». هذه هى آيات الكتاب المقدس التى تعلن للعالم كله ان السيد المسيح والعائلة المقدسة جاءا الى مصر. وهذا هربا من هيرودس ملك اليهودية الذى أراد قتل الطفل يسوع، لانه عرف من حكماء المجوس الذين أتوا من الشرق ليقدموا هداياهم الى الطفل يسوع انهم جاءوا لأمر مهم . وحين سألهم لماذا ؟ فقالوا له لانه ملك عظيم ولد فى أرضك. ففهم انه سيأخذ منه الملك . ولم يفهم انه ملك روحي. فأى قيمة للملك الأرضى للمسيح له المجد. فجمع حكماء اليهود وسألهم عن هذا قالوا له ان النبواءت تقول ان المسيح سيولد فى بيت لحم. وهذا حسب نبوءات أشعياء النبى قبل الميلاد بثمانية قرون. فقرر هيرودس ان يقتل كل أطفال بيت لحم. فظهر الملاك ليوسف النجار وأمره ان يأخذ الطفل وأمه ويذهب الى مصر.وياللفخر والعظمة التى نشعر بها نحن لتلك الرحلة التى تجعل عيون العالم كله تجوب أنحاء مصر خلف العائلة المقدسة. ويبقى السؤال المهم لماذا مصر ؟ فهناك بلاد كثيرة كانت اقرب. وبلاد اخرى كانت تتكلم نفس اللغة. وبلاد كثيرة فى كل الارض كانت ستفتح أحضانها لتلك الزيارة. الا ان السيد المسيح اختار مصر. لتكون المكان الوحيد فى كل العالم الذى يزوره خارج موطنه ومكان ميلاده المبارك. فمصر هى قلب العالمالحضارى، وهى عمق روحانية البشر. وهى صاحبة أكبر مخزون روحى منذ فجر التاريخ الى الان. وقد كان مجيء العائلة المقدسة إلى مصر لكى يضع المسيح له المجد بصمة روحية لا تفنى الى الأبد فى ارضنا.ولكى يلفت نظر كل البشرية فى كل زمان إلى ان يأتوا إلى مصر ليتباركوا منها. فقد عاش هنا مدة تتراوح مابين السنتين والأربع سنوات. تنفس من نسيم مصر التى لا نزال نتنفس منها. وشرب من نيلها الذى لا يزال يجرى ونشرب منه، ووطأت قدماه كل ربوعها بحرى وقبلي. وهذا هو الامر الغريب ، فقد كان يمكن للسيد المسيح الذى كان بلمسة يديه يقوم الميت ويشفى المريض، ألا يتعرض لخطر هيرودس ويموت قبل أن يهدده. وكان يمكنه حين يزور مصر ان يسكن القصور، وألا تتعب العائلة المقدسة فى التنقل من مكان لمكان. ولكنه جال فى ربوع مصر قاصدا ان يبارك المدن والقرى والصحاري. فإذا نظرنا الى تلك الرحلة نجد انه لا توجد ضرورة منطقية للتنقل، الا اذا كانت تلك هى إرادته الشخصية ان يترك آثارا له فى بلادنا. فقد عبرت العائلة المقدسة الحدود المصرية قادمة من بيت لحم ثم غزة ثم دخلوا العريش وساروا عن طريق الفرما الى تل بسطا فى الشرقية ومنها إلى مسطرد وهى تبعد عشرة كيلو مترات عن القاهرة، ولكنه مساروا الدلتا وذهبوا إلى سمنود، ثم إلى سخا بكفر الشيخ . ثم اتجهوا الى وادى النطرون التى صارت فيما بعد منطقة رهبنة وأديرة ، ثم اتجهوا الى القاهرة ودخلوا الى المطرية وعين شمس، ومنها الى مصر القديمة التى كان تدعى بابليون. وفيها كانت اكبر تجمع يهودى وعاشوا فى المغارة التى تسمى الآن بكنيسة المغارة والشهيدين سرجيوس وواخس. ومكثوا هناك قرابة ثلاثة شهور وهذه المغارة صارت اول وأصغر كنيسة فى العالم خارج أورشليم. ثم ذهبوا عبر النيل الى المعادى ومنها الى الصعيد حيث قضت العائلة المقدسة أياما فيبعض البلاد مثل قرية دير الجرنوس بمغاغة ، ثم البهنسا ثم جبل الطير الذى به آثار يد السيد المسيح على حجر فى الجبل، كان سيسقط على العائلة، فرفع المسيح يده وسنده فوقف الحجر واحتفظ بآثار يديه المباركة.ثم الى جبل قسقام باسيوط حيث كان يوجد معبد فرعونى فى منطقة المحرق ومكثوا هناك ستة شهور اليان ظهر الملاك مرة اخرى وقال ليوسف النجار ان يعود بالعائلة الى ارض فلسطين.ونحتفل بهذه الرحلة المقدسة فى اليوم الاول من شهر يونيو وحسب التقويم المصرى القديم والقبطى أربعة وعشرين من شهر بشنس. وتقيم الكنيسة بابى سرجة التى فيها المغارة بمصر القديمة احتفالا وطنيا ، يحتفل فيه كل أطياف مصر . ليرسموا امام العالم صورة مصر التى تحتفل بأحد اهم أيامها . ليعرف العالم ان مصر ارض مقدسة. كاهن كنيسة أبى سرجة الأثرية لمزيد من مقالات القس انجيلوس جرجس