علي رأي المثل " إطبخى يا جارية كلف يا سيدي " يكاد ينطبق علي أحوال ملف المصانع المتوقفة والمتعثرة القديم المتجدد بلا نتائج ملموسة سواء تصريحات ومانشيتات بين حين وآخر بمجرد تذكره من مسئول ، ملف يعاني الإهمال والحسم منذ بداية الأزمة منذ 1997 و الأزمة العالمية مرورا بقرار عاطف عبيد بتعويم الجنيه ثم بالخصخصة واستفحلها بعد ثورة يناير ، ملف يعاني التخبط والارتباك في التعامل بداية بعددها وأسبابها وصولا إلى كيفية التعامل معها وطرق حل مشكلاتها بعدما أصبحت كطفل الخطيئة، الجميع يتبرأ منه بداية من البنوك ثم الصناعة ثم الاستثمار ليظل آلاف المصانع المتعثرة ومئات الآلاف من العمالة الماهرة في الشارع لينضموا إلى طابور البطالة ومليارات الاستثمارات المعطلة. فتح الملف مرة أخري في لقاء المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء في لقائه مع عمال مصر للتهنئة بعيد العمال وأكد فيه أن الدولة تعمل على فتح ملفات المصانع المتوقفة منذ سنوات وإعادة تشغليها تدريجيًا لتعمل بطاقة كاملة ، مشددًا على أن القطاع العام ملك لنا جميعًا ويجب أن نكون أحرص الناس عليه ، متعهدا بإعادة تشغيل المصانع المتوقفة ، إلا وتباري المسئولين بالترحيب والوعود ، ولكن متناسين أن الملف القديم المتجدد بلا نتيجة تذكر حتى لما قرر رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي العام قبل الماضي بتخصيص 500 مليون جنيه ضمن برنامج تنشيط الاقتصاد المصري لإعادة تمويل هذه المصانع وإعادتها للعمل بعد تأكيد وزير الصناعة أن مشكلتها الرئيسية في التعثر مشكلات تمويلية ، إلا أنه أختلف علي وضع آليات تمويلية لمساندتها وتعثر المباحثات مع محافظ البنك المركزي وممثلي البنوك التجارية ، وثانيا قيام مركز تحديث الصناعة منذ أكثر من 18 شهرا بإجراء حصر لهذه المصانع وأكد أنها 960 مصنعا فقط حل منها مشاكل 150 مصنعا وأعاد لها الحياة ، إلا أن الحقيقة أن وزارة المالية رفضت صرف ال 500 مليون جنيه وإعادتها للموازنة العامة للدولة رغم أن هذا المبلغ تم تدبيره من وفررات موازنات الهيئات التابعة لوزارة الصناعة ، وعدم استجابة البنوك للتمويل لاهتمامها فقط بتمويل المشروعات العقارية والخدمية والسندات الحكومية عالية الفائدة 14% . غير أن العدد الحقيقي للمصانع المتعثرة كما تؤكد دراسة اتحاد الجمعيات الاقتصادية التعاونية الإنتاجية أكثر من 3 آلاف مشروعا صغيرا ومتوسطا و1000مشروع كبير في 17 محافظة والسبب الحقيقي للتعثر عدة مشكلات منها الجهات الدائنة خاصة الجهات الحكومية مثل التقديرات الجزافية للضرائب وزيادة رسوم الجمارك والتأمينات وتعقيدات روتينية في استخراج السجل الصناعي ورسومه وتراكم الأقساط والغرامات التأخير وتراجع النشاط الاقتصادي عقب الثورة لفقدان الأمن وتسريح العمالة وتهالك الآلات للمصانع وعدم تجديدها منذ سنوات ، ولجوء قلة من أصحاب المصانع لتسريح العمالة وتوقف العمل من أجل بيع الأراضي لجني أرباح سهلة وسريعة ، غير حظر البنوك التعامل مع أصحاب المصانع المتعثرة المعروفة "بالقائمة السوداء " التي تضم القائمة السلبية الممنوع إقراضها حتي لو قام بسداد ما عليه للبنوك مما يعني الموت البطئ للمتعثر وهذا أحد أهم أسباب التعثر بالقطاع الصناعي . هذه المشاكل الحقيقية للتعثر التي تبحث عن حلول حاسمة وإلا تصبح المبادرة كلاما معسولا يبحث عن أوهام التحقق .. فهل تخيب الظنون هذه المرة بتعهد رئيس الوزراء للعمال في عيدهم وخضوع الحكومة والجهاز المصرفي لحتمية إعادة تشغيل المصانع المتعثرة والمتوقفة وبث الحياة في آلاتها المعطلة وبطالة عمالها قبل أن تكون قنابل موقوتة .