أصبحت الدراما التركية الآن مثار اهتمام الكثير من المشاهدين وأصبحت القنوات الفضائية المختلفة تتباري في عرض المزيد منها وبرغم أن حلقاتها تمتد لأكثر من مائة حلقة مما يجعلها تقع أحيانا في دائرة المط والتطويل, لكنها تثير اهتمام المشاهدين وهو ما دفع بعض المنتجين لإنتاج أعمال علي غرار المسلسلات التركية مما يثير تساؤلا مهما وهو: هل تعد المسلسلات التركية ظاهرة فنية ستنطفئ وتخبو مع الوقت أم أنها نموذج درامي يحمل مقومات النجاح ويدفع البعض لتقليدة؟ ولماذا تجذب هذه المسلسلات المشاهد العربي؟ في البداية يقول المخرج الكبير محمد فاضل: الدراما التركية ظاهرة غير فنية حيث إنها انتعشت في مرحلة تراجع الدراما المصرية نتيجة المرحلة الانتقالية التي نعيشها الآن مما أدي إلي انكماش الإنتاج في الدراما في العام الماضي, لكنه يعود هذا العام بشكل جيد, ولعل الدراما المصرية هذا العام تنتج أعمالا تعيد المشاهد لشاشة الدراما الحقيقية. أما بالنسبة للدراما التركية فلا خوف منها إطلاقا, فقد سبق أن مرت بنا ظواهر مثلها منها مسلسل الجريء والجميلات الأمريكي الذي جذب المشاهدين لما يتضمنه من العلاقات غير الطبيعة والملابس غير المألوفة, لكنه أين هو الآن في ذاكرة المشاهدين؟ كذلك الحال بالنسبة للدراما التركية التي تعتمد علي مزيد من الميلودراما الهندية من حيث قصص الحب الساخنة مع إضافة الجمال الفائق للممثلين الأتراك نساء ورجالا مما يدغدغ مشاعر المشاهدين, بالإضافة للمناظر الطبيعية الخلابة للمدن التركية وأماكن التصوير لهذه الأعمال وفي رأيي أنها مسألة تسلية مؤقتة حتي يتوافر البديل الجيد للمشاهد المصري, وأري أن هناك تعمدا من بعض القنوات التي تريد إغراقنا بهذه المسلسلات وإلهاءنا عن المشكلات الأصلية التي يمر بها مجتمعنا الآن في مرحلته الانتقالية والتحويل إلي مجتمع جديد مختلف, فهم يريدون جذبنا إلي الوراء وعدم المضي قدما في طريق التغيير الحقيقي الذي يسعي إليه الشعب المصري. ويقول الكاتب والسيناريست د. رفيق الصبان إن المسلسلات التركية تعد تقليدا للمسلسلات الأمريكية ذات الحلقات الطويلة مثل فالكون كريست وغيرها سارت علي نفس هذا الأسلوب تماما مع تلقيدها أيضا للإناقة في الديكور وجمال الممثلين والأزياء والمناظر الطبيعية مع الاعتماد علي الميلودراما في الأحداث وهي تركيبة أثبتت نجاحها, وبالتالي الدراما المصرية لم تستطع تقليدها, بينما نجحت الدراما التركية في ذلك واستقطاب الجمهور العربي, والدراما التركية ظاهرة جماهيرية أشبه ما تكون بالموضة لها وقتها وتأثيرها لفترة معينة ثم تزول شأن كل الظواهر ولا أعتقد أنها تملك مقومات البقاء تماما كالدراما الأمريكية التي اهتم بها المشاهدون اهتماما كبيرا خلال فترة محدودة وبعد ذلك لم يعودوا يتابعونها. ويقول الناقد طارق الشناوي: إن المسلسلات التركية تدخل في مناطق وعلاقات عاطفية لا تستطيع الدراما العربية تقديمها, وعادة يتسامح المشاهد العربي, في مثل هذه الأمور مع الأعمال الأجنبية, لكنه لا يمكن أن يقبلها في عمل مصري أو عربي. المسلسلات التركية تقدم نوعا من العلاقات بتنويعات مختلفة, أضف إلي ذلك أننا تعودنا علي نظام الموضة, ففي وقت ما كانت المكسيك تحتل المكانة الأولي دراميا علي الساحة العربية, الآن انتقلت الراية إلي المسلسل التركي, وفي فترة من الفترات أتذكر أن المسلسلات الأمريكية مثل مسلسل الجذور علي سبيل المثال كان هو الموضة وهكذا, أترقب بعد فترة أن تحدث حالة من التشبع من المذاق التركي ويذهب الجمهور إلي نوع آخر ربما تصبح الدراما الإسبانية. وأحب أن أشير هنا إلي أن إيقاع الدراما وتميزها يرتبط بالمادة الدرامية المقدمة بدليل أن أسامة أنور عكاشة كتب مسلسل ليالي الحلمية في خمسة أجزاء, ويضم150 حلقة, وهو من أنجح المسلسلات العربية. وأخيرا أري أن الدراما التركية وجوه نسائية جميلة نفتقدها في الدراما العربية وأماكن طبيعية تخرج عن جدران الاستوديو وبها طزاجة لا نراها في مسلسلاتنا.