إذا كانت معظم القوي السياسية في مصر تتوجس قلقا من سيطرة الأغلبية البرلمانية علي تشكيل اللجنة التأسيسية المنوط بها كتابة الدستور الجديد لان كتابة دستور البلاد ينبغي أن تكون جهدا مشتركا لكل القوي الوطنية, يضمن لوثيقة الدستور أن تكون تعبيرا صحيحا عن طموحات الأمة, تجسد آمالها علي امتداد عقود قادمة, لا تتغير مع تغير الأغلبية التي يمكن أن تكون أقلية غدا, فان الهاجس الأكثر خطورة يتمثل في تفاوت رؤي الفقهاء الدستوريين لفحوي المادة60 من الإعلان الدستوري نتيجة غموضها غير البناء, الذي يجعلها موضع تضارب شديد لأنها تطلب من الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشوري انتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو لكتابة الدستور الجديد الأمر الذي يعني من وجهة نظر معظم الفقهاء الدستوريين, أن يكون هناك مرشحون من داخل مجلسي البرلمان ومن خارجهما, ينتخب منهم أعضاء المجلسين المائة عضو المنوط بهم كتابة الدستور, خاصة أن هؤلاء الفقهاء يحذرون من مغبة عدم دستورية أي إجراء آخر يعطي لأعضاء المجلسين الحق في اختيار لجنة المائة دون إجراء انتخابات واضحة, علي حين يري فريق اقل عددا من الفقهاء والخبراء الدستوريين بينهم المستشار طارق البشري الذي شارك في صياغة الإعلان الدستوري أن الانتخاب هو الاختيار, ولا يوجد اختلاف بين مدلول الكلمتين, لان أعضاء المجلسين الذين يزيد عددهم علي700 عضو سوف يقومون باختيار مائة عضو من داخل المجلسين وخارجهما. ولان لكل من الفريقين رؤيته وحجتيه في معني الانتخاب والاختيار, يصبح من الحكمة أخذا بالأحوط أن يتم انتخاب لجنة المائة من بين المرشحين سواء من أعضاء المجلسين أو من خارجهما الذين يمثلون النقابات المهنية والاتحادات العمالية ومرشحي الجامعات والهيئات القضائية وممثلين عن المرأة والشباب والأزهر والكنيسة.., واحسب أن الخيار الصحيح أمام الأغلبية البرلمانية التي يمثلها حزب الحرية والعدالة, هو تمثيل الأغلبية البرلمانية بأقل نسبة ممكنة, بما يضمن أن تكون أغلبية لحنة المائة لممثلي مؤسسات المجتمع المدني, لان المغالبة في تشكيل لجنة كتابة الدستور لصالح أنصار الاسلام السياسي سوف تؤدي إلي المزيد من الاستقطاب السياسي الحاد داخل المجتمع, وتعطل فرص التوافق الوطني علي قضايا المرحلة الانتقالية, وتشكل بداية غير صحيحة من جانب حزب الحرية والعدالة تزيد الشكوك المتزايدة التي تتهمهم بأنهم يعيدون إنتاج طرائق الحزب الوطني في السيطرة علي الأمور من خلال أغلبية ميكانيكية تحركها إشارة ضوء أخضر تأتي من مكتب إرشاد الجماعة. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد
