حين تكتب المرأة في خانة الوظيفة ربة منزل فإن ذلك يعني في أذهان الجميع أنها لا تعمل.. أي بالضرورة عاطلة وحين يقولون أن نسبة إسهام المرأة في الناتج القومي 22% فهم يقصدون المرأة التي تعمل بوظيفة لكنهم لا يحتسبون ربة المنزل ولكن الحقيقة غير ذلك.. فربة المنزل تعمل أكثر من عشرة وظائف علي الأقل في نفس الوقت فهي تنظف المنزل، وتكوي الملابس وتطبخ وتوصل الأبناء للمدرسة، وتعتني بهم، وتوصلهم لأصدقائهم وتنسق الديكور وتشتري الطلبات وأعمال أخري لا تنتهي..وجميعها وظائف يدفع لمن يشتغلها أو يعمل بها أجور لكن المرأة تقوم بها مجانا. فحين يكون الرجل أعزب يدفع لتنظيف منزله ولمن يطهي طعامه ويقوم بكي ملابسه ومن يعتني بالأطفال إن كان عائلاً. فهل مازالت "ست البيت" عاطلة عن العمل ولا تسهم في الناتج القومي؟. هذا الكلامتجيب عنه وترفضه جملة وتفصيلا د. سلوي العنتري الخبير الاقتصادي ولم تكتف بالرفض، وإنما أعدت دراسة مهمة هي الأولى من نوعها تحت عنوان " تقدير قيمة العمل المنزلي غير المدفوع للنساء في مصر".. العنوان وحده يكفي لقلب كل الموازين المتعارف عليها عن "شغل البيت".. الدراسة بينت أن متوسط ساعات العمل المنزلي غير المدفوع للنساء المتزوجات يقدر بنحو 37.27 ساعة في الأسبوع، مقابل 13.8 ساعة لغير المتزوجات. النساء يوفرن المليارات للرجال وتراوحت تقديرات قيمة العمل المنزلي للنساء بين 307.6 مليار جنيه، إذا ما قيم عمل المرأة بما يمكن أن تنفقه لو استأجرت شخصًا آخر لأداء نفس العمل بما يمثل 20.4% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2012 وبنحو 455 مليار جنيه، إذا ما تم حساب قيمة الأجر الذي ستحصل عليه المرأة إذا ما استغلت نفس الوقت في أداء عمل آخر، بما يمثل 30.2% من الناتج المحلي الإجمالي لنفس السنة المالية. وتمثل النساء في مصر نحو 49% من السكان في الشريحة العمرية لقوة العمل، بما يمثل 46.2% على الأقل من إجمالي ساعات العمل المدفوع وغير المدفوع لتلك الشريحة. وحصرت الدراسة عدة وظائف غير مدفوعة للنساء في مصر هي: إعداد الطعام والشراب وتنظيف وترتيب والعناية بالمنزل، وغسيل الأواني وغسيل الملابس والعناية بها من كي وخياطة وإصلاح، والعناية بالحديقة والنباتات وجلب المياه وإعداد الوقود وتربية الدواجن لأغراض الاستهلاك المنزلي وإعداد الزبد والجبن للاستهلاك المنزلي وتنظيف وصيانة وإصلاح السلع المعمرة وشراء مستلزمات الأسرة والمنزل ورعاية أفراد الأسرة المسنين والمرضي ورعاية الأطفال والمذاكرة لهم. وذكرت د. سلوى العنتري في دراستها أن الزواج يؤدي إلى زيادة عبء العمل المنزلي غير المدفوع لكل من النساء والرجال، لكن تلك الزيادة تمثل نقلة نوعية ضخمة بالنسبة للنساء. ورغم التصور الشائع بزيادة تقبل الرجال المصريين للمساهمة في أنشطة الخدمات المنزلية فإن نتائج الدراسة تشير الي انخفاض الوقت المنفق علي هذا البند بين الرجال المتزوجين عن غير المتزوجين بحيث يؤدي الزواج إلى نقل الأعباء التي كان يتحملها الرجال وحدهم إلي النساء. وتعاني النساء العاملات في مصر من الظاهرة المعروفة بوردية العمل المزدوجة والتي تتمثل في ورديتي عمل إحداهما في السوق والثانية في المنزل ويترتب علي ذلك أن إجمالي ساعات العمل للنساء العاملات يبلغ نحو 68 ساعة في الأسبوع مقابل 53 ساعة للرجال، الملفت للنظر ان 91% من عمل الرجال المشتغلين في أعمالهم الرسمية مدفوع الأجر في حين أن 46% من عمل النساء المشتغلات غير مدفوع لأنه في المنزل. الدراسة طالبت الأجهزة الإحصائية الرسمية بضرورة الاعتراف بالعمل المنزلي غير المدفوع واحتسابه في الناتج القومي والضغط لاستصدار التعديلات التشريعية اللازمة في قانون العمل بما يضمن بيئة عمل صديقة للأسرة فيما يتعلق بإجازات الوضع ورعاية الأطفال وإمكانية العمل نصف الوقت والأهم من ذلك استصدار التشريعات الخاصة باقتسام الثروة بين الزوجين مع الاسترشاد بتجارب بعض الدول الإسلامية مثل ماليزيا وتونس والمغرب..