ونحن نحتفل بالذكري الأولي لثورتنا يمر قرنان بالتمام والكمال علي أديب عالمي مهم دعا الي تخليص المجتمعات البشرية مما يحيط بها من شرور وبؤس وأوضاع اجتماعية غير عادلة, انه الأديب الانجليزي تشارلز ديكنز الذي ولد يوم7 فبراير.1812. ولا أظن أن أحدا من المثقفين بل المتعلمين في العالم لا يعرف القيمة الحقيقة لديكنز الذي يعتبر أشهر الكتاب منذ عرف الانسان الرواية الأدبية. كم هزت مشاعر أجيالنا المتتالية نحن المصريين رواياته حيث ان من ابنائنا وأحفادنا من لا يزالون يدرسونها, كم آلمنا البؤس الذي عاشه أوليفر تويست مفتقدا للرحمة والحنان حتي قيض الله محسنا كريما خلصه من العذاب وقسوة الكبار الذين يستغلون فقر واحتياج أبناء الشوارع كما لا يزال يحدث عندنا في مصر ومفروض ان تغير الثورة من هذا الواقع المؤلم. لقد كانت من رواياته المهمة التي درسها ابناء جيلي في المرحلة الثانوية( قصة مدينتين) التي تجري أحداثها بين لندن وباريس في السنين الأولي للثورة الفرنسية. وذلك رغم أن مولده كان بعد23 سنة من قيامها, في تلك الرواية يحكي جوانب من أحداث الثورة متضمنة قصة حب نبيلة لمحام شاب يحب فتاة في الوقت الذي تعشق هي فيه صديقا له محسوبا علي حاشية الملك وماري انطوانيت ومحبوسا معها حتي يجري اعدامه بالمقصلة, فيقوم العاشق بالحصول علي تصريح لزيارة صديقه المحبوس.. وفي داخل السجن يتبادل ملابسه مع السجين, ويخرج المحبوس ويبقي الشاب ليواجه المقصلة مضحيا بنفسه في سبيل سعادة الفتاة التي أحبها ولكنها تعشقه, كم ابكتنا رواية تشارلز ديكنز تلك ونحن في مطلع الشباب تأثرا بنبل المشاعر وروعة سرده لجوانب اجتماعية وانسانية خلال الثورة الفرنسية من رواياته ايضا التي عصفت بمشاعرنا واثرت في وجداتنا, وكانت من المقررات الدراسية في اللغة الانجليزية:( آمال كبيرة), و(ديفيد كوبر فيلد), و(مذكرات بيكويك). وقد كانت الطفولة البائسة التي عاشها تشارلز ديكنز هي السر في عبقرية تعبيره عن البؤساء والمعذبين, فقد كان والده يعمل كاتبا حكوميا ولأنها وظيفة شديدة التواضع ولأن أسرته كبيرة العدد, وللفقر الذي تعانيه أسرته اضطر لترك المدرسة والعمل في أحد المصانع وعمره أقل من10 سنوات ليسهم في إعالة اسرته وأثر ذلك عليه وترك انطباعات انسانية عميقة في حسه ووجدانه وقد كتب عن هذه الانطباعات والتجارب المريرة المؤلمة التي مر بها في طفولته في العديد من قصصه ورواياته التي ألفها عن أبطال من الأطفال الصغار الذين عانوا الكثير من العذاب. ولكن ديكنز يعود للمدرسة في سن كبيرة عندما هبط علي الأسرة ميراث ضئيل, وبعد فترة يعمل مراسلا لإحدي الصحف, مما أتاح له تأمل أحوال الناس, وقد عبر ببراعة ايضا عن تلك الأحوال كما عبر عن الطفولة البائسة المعذبة, وكان أول ما صوره من روايات( مذكرات بيكويك) وكان في الرابعة والعشرين من عمره. وإننا بتلك السطور نحيي ديكنز الأديب الداعي للعدل والقضاء علي البؤس الانساني بمناسبة مرور200 سنة علي مولده الذي يتوافق مع الذكري الأولي لذكري الثورة في مصر الذي اشاع فيها العهد المباركي بؤسا وفقرا وتشردا, كما كان حال لندن في زمان تشارلز ديكنز في القرن ال.19 المزيد من مقالات محمد صالح