"الجبلي" رئيسًا.. ننشر تشكيل هيئة مكتب لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ    رئيس مجلس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بذكرى نصر أكتوبر    ماراثون رياضي بجامعة عين شمس احتفالًا بالعام الدراسي الجديد    خدمة عامة في الصرف الصحي.. تخريج دفعة جديدة من "المكلفات" بالإسكندرية- صور    توقيع إعلان نوايا مشترك بين وزارة الكهرباء وحكومة ولاية بافاريا الألمانية    انكماش معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 2.4% خلال العام المالي الماضي بأكثر من التقديرات    محافظ القليوبية يقود مسيرة نيلية احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر    محافظ كفر الشيخ يتابع سير العمل بالمركز التكنولوجي ومنظومة التصالح بالرياض    صحة غزة: استشهاد نحو 41788 شخصًا جراء العدوان الإسرائيلي    مسؤولون غربيون: مخاوف حيال محدودية نفوذ واشنطن في منع التصعيد بالشرق الأوسط    روسيا: 3 قتلى وعشرات الجرحى جراء هجوم أوكراني على بيلجورود    سفير مصر بالدوحة يبحث مع وزير الدولة للشئون الخارجية القطرى العلاقات الثنائية    سام مرسي يعلق على استبعاده من قائمة منتخب مصر    مدرب بولونيا: لم يمكننا فعل شيء أمام هدف صلاح.. وخرجنا برؤوس مرفوعة    "سيؤثر على الفريق".. تن هاج يعلن غياب ماسون ماونت عن موقع بورتو في الدوري الأوروبي    العثور على جثة شخص بالطريق الأبيض بكرداسة    حريق داخل مخزن كرتون أمام مدرسة خاصة بالمرج    كوكتيل مخدرات وميزان حساس.. الداخلية تطارد تجار الكيف بالإسكندرية ودمياط    13 مصورًا من غزة.. تفاصيل معرض الصور الفلسطيني بمهرجان الإسكندرية السينمائي    تعرف على موعد حفل وائل جسار بدار الأوبرا    الصحة: تشغيل جراحات القلب في مستشفى الزقازيق وإجراء أول قلب مفتوح بطامية المركزي    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    رئيس "الطب الوقائي": اشتراطات وإجراءات صارمة لمراقبة تطعيمات الأطفال    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل القيادي في حركة حماس روحي مشتهى    حبس عامل سرق محتويات من محل عمله بالجمالية 4 أيام    المنيا: ضبط 124 مخالفة تموينية خلال حملة على المخابز والأسواق بملوي    ب367 عبوة ل21 صنف.. ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية في حملات تفتيشية بالشرقية    التعليم تعلن موعد اختبار الشهر لصفوف النقل.. وعلاقة الحضور والغياب بالدرجات    14محضرا تموينيا بساحل سليم وإزالة تعديات الباعة الجائلين بأبوتيج فى أسيوط    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة بالعاشر من رمضان لزيادة الخدمات    توقعات برج القوس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024: الحصول على هدية من الحبيب    فيلم عنب يحتل المركز الثالث بدور العرض.. حقق 47 ألف جنيه في يوم واحد    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    نائب وزير الإسكان يتابع موقف تقديم خدمات مياه الشرب والصرف بمحافظة دمياط    تصل ل9 أيام.. مواعيد الإجازات الرسمية في شهر أكتوبر 2024    محامي أحمد فتوح يكشف تفاصيل زيارة اللاعب لأسرة ضحيته لتقديم العزاء    بحث سبل التعاون بين وزارتي الصحة والإسكان في المشاريع القومية    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    اليوم العالمي للمعلم| الإحصاء: معلم لكل 27 تلميذًا للعام الدراسي 2023/2024    نقيب الأطباء: ملتزمون بتوفير فرص التعليم والتدريب لجميع الأطباء في مصر إلى جانب خلق بيئة عمل مناسبة    وزير الثقافة يفتتح الدورة 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    عبد العزيز مخيون يكشف تفاصيل مشاركته في الجزء الثاني من مسلسل جودر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجانية التعليم.. للأغنياء فقط
القادرون يستحوذون على 80% من نسبة الالتحاق بالجامعات.. وفرصتهم 7 أضعاف الفقراء
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 02 - 2015

بين واقع محنة التعليم، وحتمية وضعه فى مقدمة أولويات الدولة كشرط لتحقيق التقدم، تأتى أهمية الدراسة التى أعدها مؤخرا «مجلس السكان الدولي» عن قضية مجانية التعليم ومدى تطبيقها على أرض الواقع على قاعدة العدالة فى الالتحاق للجامعات بين طبقات المجتمع.
وتكشف الدراسة الأجرأ بين نظيرتها، عن أن فرص الالتحاق بالتعليم الجامعى للطلاب الذين ينتمون للأسر الغنية، يمثل 7 أضعاف الأسر الأقل دخلا، وتصل إلى 10 أضعاف إذا كان الطالب ينتمى لأسرة غنية بالحضر مقارنة بطالب ينتمى لأسرة محدودة الدخل بريف الوجه القبلي، مع وجود تفاوت فى التكلفة التى يتحملها الطالب الجامعى سنويا حسب الكلية والتخصص، فيما تكاد تتضاعف التكلفة فى الكليات العملية عن الكليات النظرية، بما يتراوح ما بين 5000 إلى 8000 جنيه سنويا.
وتظهر الدراسة. عدم إلمام معظم الطلبة بالدعم الجامعى وبإجراءات الحصول عليه، ومن لديه معلومة عن الدعم لا يحبذ اللجوء إليه لما يتسم به من إجراءات معقدة وطويلة ، وأن الدعم هزيل لا يستحق كل هذا العناء، فضلا عن التخوف من أن يكون هذا الدعم عائقا للالتحاق بالعمل فى بعض الجهات كالنيابة العامة مثلا، وعليه فإن سياسات التعليم الجامعى فى الوقت الراهن لا تحقق العدالة الاجتماعية بل ربما يؤدى استمرارها إلى تعميق الهوة بين محدودى الدخل والأغنياء. وتوضح الدراسة أن مجانية التعليم لم تنجح فى إسقاط الحواجز أمام الأسر محدودة الدخل للالتحاق بالتعليم الجامعي، حيث ظلت معدلات التدرج من مستوى تعليمى إلى آخر تحمل تمييزا ضمنيا ضدالأقل دخلا، وان التفاوت بين الطبقات يبدأ بعد المرحلة الإعدادية وتبلورت توصيات الدراسة، حول سبل دعم الطلبة غير القادرين من خلال توفير فرص عمل داخل الجامعة والمدن الجامعية للطلبة مقابل اجر، تشجيع القطاع الخاص والمجتمع المدنى على توفير فرص عمل للطلبة تتناسب مع ظروف الطالب من حيث نوعية العمل وأوقاته، الإعلان عن الدعم المتاح وإجراءاته بصورة واضحة للطلبة وتعديل الإجراءات الحالية لتحفظ كرامة الطالب وتدريب وتأهيل القائمين على إجراءات الحصول على الدعم لضمان حسن أدائهم وتعاملهم مع الطلبة، وإتاحة الكتاب الجامعى عبر المواقع الالكترونية أو تحميله على قرص ممغنط أو توفيره بمكتبات الكليات بالاتفاق مع الأساتذة على تعويض عادل مقابل ذلك، مع فرض إجراءات صارمة ضد الأساتذة الذين يفرضون شراء الكتاب على الطلبة، وتمكين أبناء الأسر محدودة الدخل لتجاوز العقبات المتوالية للالتحاق بالتعليم الجامعى من خلال تفعيل برامج التمييز الايجابى لصالح أبناء هذه الأسر وإنشاء صندوق لمساندتهم فى الالتحاق بالتعليم الجامعى (بتمويل من القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني)، وتخفيف وطأة الأعباء المالية عن كاهل الأسر الأقل دخلا والتى لديها أبناء ملتحقون بالتعليم الجامعي، من خلال دعم إضافى يوجه عن طريق بطاقة الأسرة (بطاقات التموين)، بالإضافة إلى توجيه التمويل الحكومى على نحو متحيز للطلاب الأكثر احتياجا، من خلال توجيه موارد أكبر للمدن الجامعية وصندوق دعم الطلاب، مع تخصيص بنود مستقلة يستفيد منها أبناء الريف وأبناء الأسر الأكثر احتياجا.
المساواة والعدالة
وتنبه الدراسة، إلى أن تحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين فى الالتحاق بالتعليم الجامعى يرتبط ارتباطا بنائيا بالمرحلة الثانوية وفرص الالتحاق بها، وان الفجوة بين الذكور والإناث لا تزال قائمة فى مصر على مستوى التوزيع الجغرافى والتخصصات الأكاديمية، مما يشير إلى إن سياسات التعليم الجامعى وإن اقتربت من تحقيق المساواة بين الجنسين إجمالا إلا أنها لا تحقق العدالة الاجتماعية للجنسين ، وجاءت توصيات تلك الورقة بضرورة التوسع فى إنشاء جامعات صغيرة تسمح بتوزيع جغرافى عادل ليوفر فرص تعليم للإناث فى محيط إقامتهن وتوفير وسائل مواصلات آمنة ، مع التوسع فى إقامة المدن الجامعية مع تمييز إيجابى للإناث فى الالتحاق بتلك المدن، وإيجاد شراكة بين الجامعات والمجتمع المدنى والقطاع الخاص لرفع الوعى بأهمية تعليم المرأة.
منظومة معقدة
يقول الدكتور ماجد عثمان مدير المركز المصرى لبحوث الرأى العام «بصيرة « ووزير الاتصالات الأسبق، أن منظومة التعليم فى مصر معقدة جدا والموارد قليلة والسياسات لا تساعد على تغيير تلك المنظومة للأفضل، وهذه الدراسة إحدى الدراسات التى تناولت سياسة التعليم بالجامعات المصرية، فسياسة المجانية والإعفاء من المصاريف ودخول الجامعة بطريقة عادلة «والممثلة فى مكتب التنسيق «، آليات وإجراءات محمودةٍ ولكنها لم تتمكن من تغيير الواقع وتحقيق الإنصاف والعدالة المنشودة منها ، فالواقع الفعلى يؤكد أن الأغنياء فقط هم من يجدون مكانا فى الجامعات المصرية ، فوسائل الانتقال المتوالية بين المراحل التعليمة وصولا للجامعة تعمل ضد الفقراء والمحصلة النهائية من تلك المنظومة عدم استفادة الفقراء من مجانية التعليم ، ففرصة دخول أبناء القادرين للجامعات سبعة أضعاف فرصة الفقراء، وذلك يستدعى وضع سياسات تتحيز للفقراء ولا تدعم الأغنياء.
ويبرهن دكتور ماجد على ذلك، بأن معدل الالتحاق فى مرحلة التعليم الابتدائى وفقا للإحصائيات يتساوى فيها عدد الفقراء والأغنياء ، أما فى مرحلتى الإعدادى والثانوى فيتسرب منها الفقراء ، وذلك نتيجة لعوامل مرتبطة بالتعليم فى مرحلتى الإعدادى والثانوى واللتين تتطلبان تكاليف ليس فى مقدرة الفقراء توفيرها، وبالتالى لايستفيدون من المجانية سواء فى مراحل التعليم الأولى ولا التعليم الجامعى أيضا وتذهب الأموال التى تتكبدها الدولة لمجانية التعليم الجامعى للأغنياء ويشير إلى أن السبيل لإحداث إنصاف وعدالة فى الالتحاق الجامعى بخلق فرص متساوية للبسطاء ومحدودى ومعدومى الدخل فى مراحل التعليم الأولي، فالسبب الرئيسى الذى مكن القادرين من الالتحاق بالجامعات حصولهم على المجموع العالى لتلقيهم الدروس الخصوصية، وهو ما لا يستطيع غير القادرين القيام به لضيق ذات اليد، وهذا يستوجب ضرورة تحسين منظومة التعليم بالمناطق الفقيرة بل وتتحيز لها الدولة بحيث تنال الحيز الأكبر من الاهتمام بالتعليم بها عما هى عليه الآن، ويتم انتقاء أفضل المعلمين للتدريس فى هذه المناطق، وتوفير انترنت فائق السرعة بها، ووضع المقررات والمناهج الدراسية على أجهزة الكمبيوتر وتوزيعها على الطلاب، وخاصة أن تكلفتها اقل بكثير من عملية طباعة الكتب والتى تتلف خلال فترة وجيزة بينما جهاز اللاب توب لا تزيد تكلفته خمسمائة جنيه ويكفى أكثر من ثلاث سنوات ،كما أن تلك الطريقة ستعوض بعض الشيء غياب المعلم لما فيها من قدرة على التعليم الذاتى .
نافع للوطن
أما الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة فيرى أن المشكلة تتجاوز فكرة المجانية التى لا تستطيع الدولة أن توفرها الآن على مستوى جيد أو نافع للوطن ،بحيث أصبح التعليم هو المشكلة الرئيسية فى مصر ، التى لا يمكن أن تحل إلا بحلول غير تقليدية وبتفكير من خارج الصندوق . ويلفت نصار إلى أن ما كان يصح وضروريا ومقبولا من خمسين عاما علينا الآن أن نمحصه ونفكر به، فى إطار تغير معطيات كثيرة، منها أن الدولة لم يعد فى مقدرتها أن تكفل مجانية التعليم لكل أبنائها فى ظل الارتفاع العالى فى معدلات النمو السكانى الأمر الذى ترتب عليه أن المدارس والجامعات أصبحت لا تتسع لهذه الأعداد، والتى تم حشرها بالقاعات والفصول إلى أن أصبحت تلك المؤسسات التعليمية مرهقة ومنهكة، مما أدى لتدنى العملية التعليمية وأصبحت عملية غير منتجة للعلم والمعرفة أو للبحث العلمي، بحيث أصبحت الصورة النهائية للعلم بالتصنيفات الدولية وتأتى الجامعات المصرية خارج الحضور والتصنيف الدولى باستثناء جامعة القاهرة التى تمكنت من أن تفلت جزئيا من ذلك التدني، والذى يعود لاثنين من العوامل أحدهما تكدس الطلاب بالجامعات والمدارس ، والآخر يعود لنقص التمويل بصورة شديدة ،فموازنة التعليم فى حقيقتها توجه للرواتب والإداريين والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس ،
ويشدد على أن تلك الصورة الصعبة والخطيرة لن تحل بالمسكنات أو بحلول تقليدية أو بأفكار شاخت يجب الخروج منها،وإذا نجحنا فى تصنيف وفهم هذه المشكلة بهذا الشكل فمن المؤكد سنجد سبل العلاج.
وينوه إلى أن هناك مجموعة من الفروض علينا التفكير فيها ومنها : هل على الدولة أن تساوى فى إطار مجانية التعليم سواء بمرحلة ما قبل التعليم الجامعى أوالجامعى مابين القادر وغير القادر؟ مضيفا: لا أحد يختلف فى ضرورة إتاحة التعليم الإلزامى للجميع ، أما التعليم الجامعى وما علاه فلا يتصور أبدا أن تكون مرحلة الدراسات العليا مجانية أبدا وستؤدى لتعليم مشوه ، لأن كثيرا من طلاب الدراسات العليا يسجلون الماجستير والدكتوراه ويحصلون على درجاتهم بالإلحاح على الأساتذة أو بالفساد ولذا تمتلئ الساحة بمؤهلات لا قيمة لها، فلابد أن نقرر مجموعة من القواعد الحاكمة فى التعليم الجامعى ، تبدأ بحجب المجانية عن الطالب الذى يرسب بغير عذر، فليس هناك أى منطق فى أن تلتزم الدولة بتقديم تعليم مجانى لطالب يرسب لعشرات السنين والتى يدعمها للأسف مادة بالقانون تمنع فصل الطالب الذى يصل للصف الثالث وللأسف نتيجتها أن لدينا بجامعة القاهرة نماذج لطلاب يرسبون لأكثر من ثلاثين عاما ولدينا الوالد والابن والحفيد، ومن تلك النماذج الكثير وهم طلاب لايرغبون التخرج فى الجامعة لأن رسوبه لايترتب علية أى أعباء أو مسئولية. ويتابع نصار أن الأمر يحتم علينا الآن إذا أردنا بحق تطبيق العدالة الاجتماعية أن يكون التعليم مجانيا بالجامعات لغير القادرين فقط أما الطلاب الذين تمكنوا من دفع مصروفات فى مدارس خاصة لاتقل عن خمسة آلاف جنيه فى مرحلة رياض الأطفال وقد تصل لمائة ألف جنيه بالمرحلة الثانوية، ثم يأتى ويشارك معدومى الدخل فى المجانية ولا يدفع سوى 165 جنيها سواء فى هندسة أو طب القاهرة بينما يدفع أقرانه بالجامعات الخاصة بالكليات المناظرة ما لايقل عن مائة وخمسين ألف جنيه سنويا ، فمن المؤكد أن ذلك عبث كبير، فإتاحة المجانية لمن يستحقها فقط أمر بالغ الأهمية وعن النص المتواتر بالدستور على مجانية التعليم يلفت دكتور جابر نصار إلى أن ما لا يلاحظه أو يدقق فيه البعض أن الدستور المصرى نص على تطوير فكرة المجانية وتحسين فكرة الاستفادة منها، وان تكون للطالب الذى يستحق ويجتهد فى تحصيل دروسه.
سقف التعليم
وعن رؤية جديدة لتطوير منظومة التعليم والارتقاء بمستوى الجامعات المصرية، يقول الدكتور حسام بدراوى رئيس مؤسسة النيل بدراوى للتعليم والتنمية، إن هناك مقولة عبقرية بشأن التعليم ما قبل الجامعى «أنه لا يوجد تعليم فى أى منطقة بالعالم أعلى من مدرسيه» فسقف التعليم مرتبط بالمدرس ومدى كفاءته ،ونحن فى مصر ندخل أولادنا لنظام تعليم على مدار اثنتى عشرة سنه يأخذ منهم ولا يعطيهم ويقلل من قدراتهم لأنه نظام سلبى ويوثق ويعمق كل القيم التى لا نرغب لأولادنا اعتناقها، مما يؤدى لخروج منتج تعليمى لا نرغب به ويوضح بدراوى أن سبل التغيير ليست صعبه وسياسات تطوير التعليم معروفة عالميا وطبقتها معظم الدول ، أما لدينا فالفكرة دائما مدى سعينا لتفعيل تلك السياسات من عدمه ، وهناك مقولة لأينشتين «انه لا يمكن الحصول على نتائج مختلفة إذا داومت على الفعل بنفس الطريقة « ويرى أننا فى مصر نعيش ونفكر داخل صندوق واحد لا يتغير ، و تواجهنا تحديات تتمثل فى تضخم جهاز التعليم بمن لا يعملون فى الحقل التعليمى وكل إجراء يقترب من مصالحهم يعارضونه، ويضاف لهؤلاء أصحاب المصلحة فى بقاء الأمر على ما هو عليه وبقاء نظام الدروس الخصوصية ، ويزيد على كل ذلك ثقافة المجتمع نفسه، التى تطلب التغيير وترفضه فى ذات الوقت، بحيث أن كل شخص ينادى بالتغيير وإذا ما اتخذ إجراء مسه بضرر على الفور يرفض التغيير برمته،
أما المعوق الأخير كما يراه بدراوي، هو أن الرؤية فى تطوير التعليم غير متكاملة، رغم وجود دراسات محترمه بهذا الشأن وينقصها الترابط لتكون رؤية شاملة لكى تسمح بخروج نتائج ايجابية، على أن تدعمها رؤيا عليا من الإرادة السياسية تطلع على جميع الدراسات لتبدأ فى تفعيلها، ويجب على الإرادة السياسة أن تضع التعليم فى أولويات عملها بحيث لا تسمح لأولويات أخرى أن تسبقها أو تلغيها، كما حدث ويحدث الآن ،ويأتى البترول ورغيف العيش قبل التعليم. ويمضى بدراوى قائلا : إذا أردنا أن نحدث طفرة فى بناء الإنسان فعلينا بتقوية المهارات والقدرات لدى المعلمين والمسئولين ،فنحن عبر الزمن فقدنا القادة من المعلمين ذوى المهارات، وينبغى أن يكون مدخلنا لتطوير التعليم من مديرى المدارس والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس ، فدونهم لا يمكننا أن ننفذ بندا من بنود سياسات التعليم العالمية والتى تحتاج لعوامل ثلاثة لنجاحها وتفعيلها وهي» إرادة سياسية وموارد وجرأة فى التطبيق « مع أهمية الوقوف على معوقات التنفيذ وسبل التعامل معها ، وعن مدى تطبيق مجانية التعليم، يشير بدراوى إلى أن هناك خللا كبيرا فى تطبيق مجانية التعليم، والواقع يؤكد لنا أن الفقراء ومحدودى الدخل يقتطعون من قوتهم ويتكبدون كل ما يحصلون عليه من مال للإنفاق على الكتب الخارجية والدروس الخصوصية، فالواقع على الأرض يثبت أنه لا وجود لمجانية التعليم لتلك الفئات ،ومن لا يتمكن من توفير تلك النفقات يتسرب من التعليم وهؤلاء كثر، وللأسف الشديد أن أموال الموازنة المخصصة لمجانية التعليم تنفق على الأكثر ثراء ،وللأسف أيضا عندما نأتى ونطالب بإيجاد سبل لإنفاق أموال مجانية التعليم على الأكثر احتياجا ستواجهنا معارضة شديدة من الأكثر ثراء ،تحت عنوان «المجانية للجميع تحقيقا لمبدأ العدالة»، ولكن واقع الأمريفيد بأننا لو أردنا تفعيل مبدأ العدالة يجب أن تكون تكلفة التعليم الجامعى عشرة ألاف جنيه على أن تنشأ الدولة مؤسسة تمويل للطلاب وتمنحهم أموال نفقات الجامعات على ألايتم استرداد تلك الأموال إلا فى حال تخرج الطالب والتحق بعمل مكنه من تكوين إيراد مالى يمكنه من السداد للمبلغ الذى حصل عليه دون فوائد ، وهذا النظام المتبع فى بريطانيا حاليا.
استثمارات جديدة
وعن ربط سوق العمل بالتعليم يرى بدراوي، أنه لا يمكن أن ننظر للتعليم بعيدا عن التنمية الاقتصادية، وإتاحة دخول استثمارات جديدة بالبلد لتسمح بإيجاد فرص عمل جديدة ،فنحن بحاجة لإيجاد مليون وظيفة سنويا بتكلفة 60 مليار جنيه ،وعلينا أن نعى جميعا أنه دون نمو اقتصادى لن يتقدم التعليم بأى صورة من الصور، فأى طالب بعد دراسته سيتخرج لن يجد فرصة عمل فى ظل الوضع الاقتصادى السيئ ، فلا يجوز أن ننظر للتعليم بمفرده بل يجب أن يواكب تطويره تنمية اقتصادية ،و من يضع العراقيل أمام الاستثمارات الخارجيةعليه أن يعلم أنه بذلك يعوق التنمية الإنسانية فى مصر.
مستجدات العصر
أما الدكتور أحمد جمال الدين موسى وزير التربية والتعليم الأسبق، فيري، أن التعليم فى مصر يواجه مجموعة من التحديات مثل دول كثيرة بالعالم ،والمشكلة الرئيسية التى نواجهها تتمثل فى كيفية التعامل مع مستجدات العصر، فالاحتفاظ بنظام تعليمى غير متطور وجامد فى ظل عالم يتابع احدث تكنولوجيا العلوم يكون مصيره الفشل، وهذا ما حدث لدينا، وفى المقابل التعليم بالخارج يتطور باستمرار بسرعة رهيبة، ونحن لا نواكب تلك التطورات سواء المتعلق منها بالعولمة أو بالحياة الاجتماعية داخل مصر مقارنة بالدول الأخرى ونبقى نظم تعليمية تستمر عقودا تلو عقود على أساس قديم ، وهذا لا يمكنا من التكيف مع المستجدات وبالتالى ينكسر النظام التعليمى ويعجز عن أداء وظيفته وهذا ما هو حادث بالتعليم فى مصر سواء بمراحل التعليم ما قبل الجامعى أو الجامعى نفسه
ويواصل: السؤال المهم ما السبل لزيادة التمويل فى ظل عجز ميزانية الدولة عن توفير تلك الزيادة المطلوبة واللازمة فى الوقت ذاته، ولكن الإجابة كمسئول سابق ولو كان فى يدى الأمر سأعطى للتعليم قبل الجامعى الأولوية فى الإنفاق، لأنه يمس كل المصريين سواء كانوا فقراء أو أغنياء، أما التعليم الجامعى فيتفق الجميع معى على أن المستفيد منه هو الأغنياء فقط، وهذا الإجماع مقرون بدراسات أعدت على مدار العشرين عاما الماضية التى أوضحت أن التعليم الجامعى عبارة عن مصفاة و فلتر اجتماعى لا يحوى سوى طلاب الأغنياء والطبقات العليا من الشرائح المتوسطة، وإن التحق فقراء به فنسبتهم لا تتوافق مع نسبتهم المجتمعية ، فرغم أن الأغنياء نسبتهم لا تتعدى ال20% من المجتمع إلا أن نسبة التحاقهم بالجامعة تتعدى ال80% من نسبة الالتحاق بالجامعات وبذلك فإن دعم هؤلاء يعنى إننا نأخذ من حق الفقراء ونوفره للقادرين ، ويرى أن المنطقى أن نحمل الأغنياء نفقات تعليم أبنائهم ونعفى الفقراء فقط و نقوم بمنحهم إعانات لتشجيعهم على استكمال مشوارهم العلمى ،ولكن هذا للأسف لا يفعل لوجود نص الدستور المتواتر بمجانية التعليم ، وإذا كان النص الدستورى نص على المجانية إلا أن واقع الأمر أن التعليم غير مجانى حتى الآن ،فهناك برامج تدرس بلغات أجنبية بالتعاون مع جامعات أجنبية و يدفع فيها الطالب تمويلا ، وهذا يدل على أننا نتصرف كالنعامة وندفن رءوسنا فى الرمال ولا نواجه الحقيقة التى أصبح لزاما علينا مواجهتها الآن . وينبه إلى أن مؤتمر العدالة والإنصاف فى الالتحاق بالجامعات قام بإلقاء الضوء ولفت الانتباه لهذه القضية المهمة ، وما نآمله أن يفكر أعضاء البرلمان المقبل بشكل جدى لمواجهة أزمة التعليم بجميع المراحل وصولا للتعليم الجامعي. وعن تسرب الإناث من التعليم ومدى ارتباطه بثقافة المجتمع، يبدى جمال الدين، عدم موافقته على أن التمييز بين الرجل والمرأة فى التعليم يعود لثقافة المجتمع وهذا لايعد سوى عنصر هامشى فى تلك القضية ، لان السبب الرئيسى فى تسرب المرأة من التعليم لسوء السياسات المتبعة ،وهو الأمر الذى يتضح من البيانات التى تؤكد أن ثلثى الأميين من النساء ومعظم المتسربين من التعليم الأساسى من الإناث
الشرائح الاجتماعية
وفى الاتجاه نفسه تؤكد دكتورة نهلة عبد التواب رئيس المجلس الدولى للسكان، أن الدراسة التى أعدها المجلس ركز فيها على شق مجانية التعليم فوفقا لدراسات سابقة للمجلس وجدنا أن معظم الذين يلتحقون للجامعات من الشرائح الاجتماعية الأكثر دخلا ، وذلك وقفت عليه الدراسة بعد تحديد خصائص الطلاب من خلال الكليات التى التحقوا بها سواء كانت كليات طب أو هندسة أو حقوق أو علوم ، ثم بدأنا فى سؤال الطلاب أنفسهم عن مبلغ المصروفات التى يدفعونها للجامعة والمصاريف الأخرى التى تلزمهم لاستكمال العملية التعليمية بالجامعة وذلك لكى نتمكن من تحديد الأسباب التى تمنع الطلاب غير القادرين عن الالتحاق بكلية الطب أو الهندسة رغم حصولهم على المجموع الملائم لالتحاقهم بها.
وتضيف نهلة عبد التواب، أن الدراسة أوضحت أن مصاريف الكليات العملية تفوق نظيرها من الكليات النظرية على الرغم من مجانية التعليم و أن المصاريف الرسمية لتلك الكليات لا تتعدى المائتى جنيه ، لكن الفارق يأتى من المصروفات الإضافية والموزعة مابين الدروس الخصوصية والمستلزمات والمعامل ، وهذا جانب مهم جدا يستوجب الالتفات إليه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.