كانت مصر من أهم الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، والتى تحول اسمها إلى الاتحاد الأفريقى عام 1999 خلال القمة الأفريقية التى عقدت فى مدينة سرت الليبية، وأصدر خلالها "إعلان سرت" الذى دعا إلى إقامة الإتحاد الأفريقى ليحل محل منظمة الوحدة الأفريقية بعضوية 52 دولة. وقد بدأت الفكرة فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، الذى كان له دور كبير فى دعم حركات الإستقلال الأفريقية، وتقوية علاقات مصر بدول القارة عامة. وكان لمصر دور كبير طوال تاريخها فى أفريقيا خاصة خلال فترة حكم جمال عبد الناصر، وكانت تمثل مجالا أساسيا من مجالات سياسته الخارجية، وهو ما أعلنه فى كتابه "فلسفة الثورة"، عن ثلاث دوائر أساسية لإستراتيجيته الخارجية، هى الدائرة العربية، والدائرة الأفريقية، والدائرة الإسلامية. وقام عبد الناصر بمساندة ودعم زعماء حركات التحرر فى أفريقيا وأمدهم بالسلاح والمال، بجانب الدعم السياسى والدبلوماسي، وقد ظهرت ثمار ذلك من خلال إستقلال جميع الدول الأفريقية حيث أعلنت 17 دول أفريقية إستقلالها فى عام 1960 وحده. كما دعم الثورة الجزائرية حتى نالت إستقلاها عام 1962، وقبلها ساند كفاح شعوب تونس والمغرب وليبيا، وكان لمصر دورها الفعال فى حركة تحرر دول شرق أفريقيا مثل الصومال وكينيا وأوغندا وتنزانيا، وفى غرب وجنوب القارة مثل غاناوالكونغو ونيجريا. كما قامت مصر بدور مؤثر فى إجهاض محاولات الإنفصال التى كادت تحدث فى بعض الدول الأفريقية، مثل منطقة بيافرا فى نيجريا بسبب الثروة البترولية، ومنطقة كاتنجا الغنية بالثروات المعدنية فى الكونغو، بالإضافة إلى أجهاض محاولة فصل جنوب السودان عن شماله، قبل أن تنجح المحاولة مؤخرا فى غياب الدور المصري. وبعد رحيل الرئيس عبد الناصر، لم تعد العلاقة مع أفريقيا بنفس قوتها السابقة، ففى عهد الرئيس الراحل أنور السادات حاول أن يبقى على نوع من التعاون مع دول القارة، لكن حدث تراجع كبير عقب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وفى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك تراجعت العلاقة نظرا لعدم وجود اهتمام واضح منه فى المحافظة على العلاقات بين مصر والدول الأفريقية، ثم امتناعه فيما بعد عن حضور إجتماعات القمة الأفريقية بعد محاولة اغتياله فى أديس أبابا عام 1994، وهو ما ترتب عليه ما يمكن وصفه بتجميد العلاقات المصرية الأفريقية، فى الوقت الذى بدأت فيه تحركات كثيرة لعدد من الدول لإقامة تواجد لها فى أفريقيا، وتوسيع علاقات التبادل معها فى كل المجالات، ومن هذه الدول إيران وتركيا والصين، إلى جانب الدور الكبير للولايات المتحدة فى أفريقيا. وفى عهد الرئيس محمد مرسى زادت الفجوة فى العلاقة بين مصر ودول القارة خاصة مع دول حوض النيل، وظهور الأزمة المائية بقوة، حيث لم يتخذ أى خطوات لتأمين حصة مصر من مياه النيل أو الحفاظ عليها. وقد إنعكس هذا التراجع فى العلاقة وابتعاد مصر عن أفريقيا على الموقف الذى إتخذه الاتحاد الأفريقى بتجميد عضوية مصر بعد ثورة 30 يونيو، لأن مصر تركت موقعها فى القارة، ولم يكن هناك دور مصرى لكى يشرح لأعضاء الإتحاد الأفريقى حقيقة ما جرى فى مصر، وهو ما تم تداركه فى الفترة الأخيرة بعد أن أعاد الاتحاد الأفريقى علاقاته مع مصر، والتى بدأت بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى القمة. وكانت مصر قد أبدت اهتماما كبيرا وواضحا نحو إعادة علاقاتها مع القارة الأفريقية إلى سابق عهدها، وهو ما شاهدناه فى زيارات متبادلة من رئيس الوزراء إبراهيم محلب وعدد من الوزراء لدول أفريقية عديدة وزيارات متبادلة من زعماء أفارقة إلى مصر خلال عام 2014، وهو ما بعث الحياة من جديد فى علاقة مصر بأفريقيا.