تاريخ الصحافة لا ينفصل عن التاريخ السياسي لأي دولة.. فالصحافة هي مرآة المجتمع ومصدر من أهم المصادر التي يعتمد عليها المؤرخون.. وبهذا الصدد لا شك في أن التوأم مصطفي وعلي أمين كانا ظاهرة قلما تتكرر في الصحافة. بين أيدينا الآن كتاب جديد، للدكتور عبدالله زلطة، أستاذ الصحافة المتفرغ بكلية الآداب جامعة بنها، حيث أصدر مؤخرا الجزء الأول من دراسته الشاملة بعنوان "توأم الصحافة..قصة حياة مصطفي وعلي أمين"، ويقع هذا الجزء في 656 صفحة ويضم 14 فصلا، تناولت تاريخ التوأم منذ مولدهما في بيت سعد زغلول عام 1914 حتي قيام ثورة يوليو 1952، ويتناول المؤلف في الفصول الأولي من كتابه ما سماه (مرحلة المراهقة الصحفية) للتوأم، حيث أصدرا العديد من المجلات وهما تلميذان صغيران، ثم اتجها للعمل في الصحف من وراء ستار دون علم أسرتهما. وينتقل المؤلف للحديث عن مرحلة انفصال التوأم عام 1931 بسفر علي أمين إلي بريطانيا لدراسة الهندسة بجامعة شيفيلد لمدة خمس سنوات، ثم سافر مصطفي أمين إلي أمريكا لدراسة العلوم السياسية بجامعة جورج تاون، حيث كان يعمل والده محمد أمين يوسف وزيرا مفوضا بالسفارة المصرية بواشنطن، وخلال تلك الفترة الواقعة في عقد الثلاثينات من القرن العشرين احتضنهما الصحفي الكبير محمد التابعي، وأتاح لهما فرصة العمل بمجلة "روزاليوسف" ثم "آخر ساعة" ثم جريدة "المصري"، وكانت تلك الفترة بمثابة القاعدة التي انطلق منها مصطفي وعلي أمين إلي عالم الصحافة اليومية والأسبوعية. ويتحدث المؤلف الدكتور عبدالله زلطة عن عقد الأربعينيات وأوائل عقد الخمسينيات من القرن العشرين، حيث تبوأ مصطفي أمين عام 1941 وعمره 27 عاما رئاسة تحرير مجلة "الإثنين"، التي كانت تصدر عن دار الهلال، ثم أصدر مع شقيقه علي أمين جريدة أخبار اليوم عام 1944، واشتريا رخصة مجلة "آخر ساعة" من أستاذهما محمد التابعي عام 1946، ثم أصدرا جريدة "آخر لحظة" عام 1949، ومجلة "الجيل" عام 1951، وجريدة "الأخبار الجديدة" في 15 يونيو 1952. ويلقي المؤلف الضوء علي الفترة التي قضاها مصطفي أمين صحفيا بجريدة الأهرام، حيث عمل تحت رئاسة أنطون الجميل رئيس التحرير في ذلك الوقت، وكان يري ضرورة تطوير المادة الصحفية بالأهرام، وكان جبرائيل تقلا- صاحب الأهرام- يؤيد وجهة نظر مصطفي أمين، لكنه لم يكن يود فرض رأيه علي رئيس التحرير أنطون الجميل، الذي كان يهدد بالاستقالة إذا حدث تجديد في الجريدة .. بل إن أنطون الجميل لم يكن متحمسا لنشر أسماء الصحفيين علي موضوعاتهم، وكان يقول لهم: أنا شخصيا لا أوقع مقالاتي بإمضائي.. وهذا مبدأ كان يفرضه علي كل كل محرر يعمل بالأهرام! لذلك، فإنك لو بحثت في أعداد الأهرام، خلال الفترة الواقعة بين عامي 1939 و1946، وهي الفترة التي عمل فيها مصطفي أمين رئيسا لقسم الأخبار بها- حتي بعد إصداره أخبار اليوم عام 1944 – لا تجد توقيعا علي أي خبر أو موضوع نشر له، رغم انفراده بالعديد من الأخبار والموضوعات التي كانت تحوز إعجاب جبرائيل تقلا وأنطون الجميل. ومن الصعب تلخيص كتاب يقع في 656 صفحة في سطور قليلة، لكنه يستحق أن يُقرأ، وأن يستفيد منه شباب الصحفيين والإعلاميين وعامة القراء في مصر والوطن العربي. الكتاب: توأم الصحافة.. قصة حياة مصطفي وعلي أمين المؤلف: د. عبد الله زلطة الناشر: دار نشر أم القري 2014