مصطفى أمين فى حوار مع محمد عبدالوهاب وبينهما موسى صبرى أوراق كثيرة منسية في حياة مؤسس أخبار اليوم الراحل مصطفي أمين الذي رحل عن عالمنا عام 1997.. في مثل هذا اليوم، الثالث عشر من ابريل عندما صدرت أخبار اليوم عام 4491.. لم يسأل أحد: لماذا نجحت وولدت عملاقة ووزعت 110 آلاف نسخة لتصبح اكثر الصحف العربية والمصرية توزيعاً، في وقت كان اكبر توزيع لجريدة يومية لا يزيد عن 80 الف نسخة؟! وفي ذكري رحيل عملاق الصحافة.. تفتح »أخبار اليوم« أوراق مؤسسها المنسية والتي لا يعرفها احد، لتكشف المزيد من اسرار نجاح الجريدة الاولي. بعد عودته من امريكا عام 1938.. كانت حياة مصطفي أمين مليئة بالازمات، كان أبرزها ازمة عمله بالصحافة، والتي كانت اسرته تعارضه بشدة! لقد سافر عام 1936 للحصول علي درجة استاذ في العلوم السياسية من جامعة جورج تاون الامريكية واستطاع هناك ان يقطع برنامج السنوات الخمس في ثلاثة سنوات فقط.. وكانت المفاجأة الكبري لكل من يعرف مصطفي أمين أنه كان اول الناجحين بين الاجانب والامريكان. واذهلت هذه النتيجة الكثيرين لأنهم لم يتصوروا انه يستطيع ان يبرز كطالب مجتهد في نفس الوقت الذي برز فيه كصحفي. يكتب اسبوعيا لآخر ساعة بتوقيع مصمص ويكتب في جريدة المصري ويراسلها بأهم الاخبار والموضوعات السياسية. ولكن مصطفي امين كان يحب أيضا العلوم السياسية التي كان يدرسها، ويشعر انها تفيده كصحفي، وانها دعامة يستطيع ان يبني عليها اسلوبه وتفكيره الصحفي. مشروعات صحفية كان اسم مصطفي أمين اثناء سفره يوضع في أي مشروع صحفي جديد في مصر ويكتب علي أمين في 15 سبتمبر عام 1937 إلي مصطفي في امريكا قائلا: ان اسمك الان يوضع في كل مشروع صحفي جديد.. ان الوفد يفكر في انشاء شركة صحفية .. ومكرم عبيد يرشحك في منصب كبير فيها.. والنقراشي باشا يريد انشاء جريدة وهو يقول انه يتمني ان ترأس تحريرها لولا خشيته من غضب ام المصريين اذا اشتغلت بالصحافة.. وتوفيق دياب صاحب جريدة الجهاد يقول انه مصمم ان تكون سكرتير تحرير الجهاد اليومية بأي مرتب تريد. ويضيف علي أمين: لقد قابلني انطون الجميل رئيس تحرير جريدة الاهرام وسألني عن موعد دراستك.. وطلب مني ان اخبرك ان الاهرام تستقبلك بصدر رحب. ولكن كل هذه العروض لم تكن تغري مصطفي أمين.. فقرر ان يعود إلي مجلة آخر ساعة ويستأنف عمله فيها بعد عودته إلي القاهرة وهو يعتقد ان صلته بمؤسسها محمد التابعي اقوي من كل هذه العروض، خاصة ان التابعي نفسه قرر ان يسند اليه رئاسة التحرير وانه سيترك المجلة ويتفرع هو لجريدة المصري الذي كان في هذا الوقت احد اصحابها وانه قرر ان يعطيه نفس المخصصات التي يأخذها فكري اباظة في مجلة المصور وهو مرتب خمسة وعشرين جنيها، وعشرة في المائة من الارباح. العودة للقاهرة وعندما عاد مصطفي أمين من امريكا، كان التابعي هو اسرع من اتصل به، وبل وكتب إلي وزارة الداخلية يبلغها ان مصطفي أمين اصبح رئيسا لتحرير آخر ساعة وكان الخبر حدثا مهما في عالم الصحافة فقد نشرته الاهرام في صفحتها الاولي، وكتب أحمد الصاوي محمد يوم 81 أغسطس عام 1938 يقول: مرحبا بالصديق والزميل الاستاذ مصطفي أمين في بلاط صاحبة الجلالة الصحافة.. ان المستقبل يبتسم له لانه أوتي كل صفات النجاح.. ونحن بحاجة إلي كثيرين جداً من طبقته ومن درجته. ويتولي مصطفي أمين آخر ساعة ويصبح علي أمين مساعداً لرئيس التحرير.. وبعد بضعة اشهر يترك التابعي المجلة ويسافر إلي أوروبا ويدخل التوأمان في آخر ساعة نوعاً جديداً من الصحافة الاسبوعية ويحاولان ان يحققا فيها احلامهما، التي كانت علي رأسيهما في انجلترا وامريكا. رغبة تقلا جبرائيل تقلا صاحب الاهرام معجبا بمصطفي أمين جدا، ويري ان مكانه الطبيعي في جريدة الاهرام وكان يحرص علي ان يجتمع به كل يوم تقريبا وهو رئيس تحرير آخر ساعة ولم يترك فرصة تمر دون ان يطلعه علي مشروعاته لجريدة الاهرام وعرض عليه تقلا ان يستقيل من آخر ساعة ويعمل في الاهرام، ورفض مصطفي أمين.. وعاد تقلا يكرر العرض مرة أخري، ورفض مصطفي أمين ايضا، وقال له انه مستعد ان يعاونه ولكن مجانا، وانه مصر أن يحتفظ برئاسة تحرير آخر ساعة.. ووافق تقلا وكان مصطفي أمين علي اتصال تام بتقلا وانطون الجميل رئيس التحرير في كل ما يتعلق بسياسة تحرير الاهرام. ولكن تقلا عاد مرة آخري وطلب من مصطفي أمين أن يكون رئيسا لقسم الاخبار ووافق مصطفي أمين ولكنه اشترط لقبول المنصب الكبير شرطين، ان يوافق التابعي وان يحتفظ برئاسة تحرير آخر ساعة مع رئاسة تحرير قسم الاخبار في الاهرام ووافق جبرائيل تقلا. واستمر مصطفي أمين يعمل في الاهرام حتي عام 1946 بعد صدور »أخبار اليوم بعامين« ورغم بقائه في الاهرام هذه المدة، الا أنه لم يوقع بامضائه إلا سبعة موضوعات فقط، اي بمتوسط موضوع واحد كل عام. تجربة الاثنين وقد استفاد مصطفي أمين قبل صدور أخبار اليوم من عمله كرئيس لتحرير آخر ساعة، وعمله كرئيس لقسم الاخبار في الاهرام.. واما التجربة الاكثر تأثيرا علي نجاح اخبار اليوم فهي عمله في مجلة الاثنين وهي التي تسبق أخبار اليوم مباشرة. ففي عام 1939، واثناء عمله في الاهرام اتصلت به دار الهلال وعرضت عليه العمل فيها.. وكان العرض الاول ان يكون مصطفي أمين مساعداً لفكري اباظة رئيس تحرير المصور ورفض مصطفي أمين العرض.. ثم كررت دار الهلال عرضها بأن يكون مصطفي رئيساً تحرير الاثنين ووافق مصطفي أمين، وكان الاتفاق ان يتقاضي مرتبا 70 جنيها وعشرة في المائة من الارباح وعندما تولي رئاسة التحرير وكانت المفاجأة بدأ عمله في مايو 1941 وكان ثمنها قرشا ونصف القرش.. واذا بمصطفي أمين يرفع سعرها إلي قرشين، ومع ذلك وهو الاهم يرتفع توزيعها إلي 96 الف نسخة. وأصبح دخل مصطفي أمين اكثر من دخل رئيس وزراء مصر وعمره 28 عاما فقط وفي اكتوبر عام 1944 حدث خلاف بين اصحاب الهلال ومصطفي أمين، وقدم استقالته وكان توزيع الاثنين قد اقترب من 100 الف نسخة. وفكر هو وعلي امين .. في أخبار اليوم.. وكانت فكرتهما: لماذا لا تكون موضوعات مسجلة ولكنها في حجم الجريدة اليومية؟ وهكذا صدرت أخبار اليوم بصورتها الحالية لتكون مفاجأة للوسط الصحفي ويصبح توزيع العدد الاول 110 ألاف نسخة.