كنت ومازلت أرى أن مشوار الحياة هو مزيج من العرق والكفاح والفرح والانتصار, وأيضا الانكسار والانتكاسة .. كل ذلك فى إطار مشيئة الله تعالى وإرادته. وإيمانا منى بأننى خضت تجربة حياة سمحت لى الظروف ومجريات الأمور أن تتحول إلى حياة سخية مثمرة .. فقد تصورت أنه ربما يكون قد آن الآوان لأن أعرض بعض ملامحها متوخية الحقائق .. هذه الكلمات كانت بداية لاحدي كتابات كريمة العروسى أول نائبة داخل دائرتى عابدين والموسكى وجاء فى كتاب حمل عنوان »حياة نائبة«. وحول اقتحام المرأة عالم البورصة أوضحت كريمة فى نفس الكتاب كيف اقتحمت المرأة هذا العالم فكتبت: بينما كنت أطالع صحيفة أخبار اليوم ذات صباح فوجئت بإعلان خاص يطلب شبانا مصريين للعمل فى بورصة الأوراق المالية بدلا من الأجانب الذين هاجروا إلى بلادهم الأصلية، وراودتنى فكرة اقتحام ذلك المجال المجهول تماما بالنسبة للمرأة رغم أن الإعلان كان يطلب بالتحديد شبابا، وبعد حوار هادئ وتفكير عميق وافقنى زوجى على التقدم لهذا الامتحان فى محاولة لقيدى فى بورصة الأوراق المالية ولكن طلبى تم رفضه بحجة أن المرأة لا تعمل فى هذا المجال ومازلت أذكر رسالة رئيس لجنة البورصة ردا على طلبى حيث أشار فيها إلى أن المرأة اقتحمت جميع الميادين حتى ميدان مصارعة الثيران لكنها لا تستطيع اقتحام ميدان العمل فى البورصة، وأحسست من خلال هذه الرسالة بخيبة أمل تحطم أحلامى فبدأت على الفور أفكر فى كيفية مواجهة هذا التحدى لماذا لا أبدأ بدراسة لائحة وقانون البورصة؟ .. وبالفعل درست جميع اللوائح والقوانين المنظمة للعمل داخل البورصة ووجدت أنها لا تتضمن نصا خاصا يمنع المرأة من العمل فى مجال البورصة, وكان هذا الاكتشاف بمثابة ضوء الفجر الذى يجدد ظلمة الليل الحالك. وازددت إصرارا حينما قابلت د.عبدالمنعم القيسونى وزير الاقتصاد وقال لى إنها مهنة شاقة ولا يوجد فى العالم إمرأة واحدة تعمل فى هذا المجال, فقلت له أن قدرة المرأة على تحمل المصاعب تفوق قدرة الرجال، وأمام إصرارى مد لى الوزير يده ليتناول منى الطلب الذى كنت أحمله وفوجئت بالتوقيع عليه آمرا بأن يعقد لى إمتحان أمام لجنة البورصة، مكونة من 16 عضوا سألنى كل منهم سؤالين لمدة 3 ساعات ونصف الساعة إلى أن قالوا لى »طيب«، ولم أفهم معناها، فألقيت كلمة أمام اللجنة وجهت فيها الشكر الى أعضاء اللجنة والسادة مندوبى الحكومة وشكرا خاصا للسيد الوزير الذى تفضل مشكورا لفتح باب جديد للمرأة لم يسبق لها اقتحامه فى مصر أو غيرها فى دول العالم بما فيها الدول المتقدمة نفسها، ووجدتهم يصفقون لى بحرارة يقولون مبروك ألف مبروك، وهكذا أدركت أننى نجحت بعد هذه الساعات الرهيبة وحصلت على الدرجة النهائية 40 من 40 وكنت الوحيدة وسط المتقدمين التى تحصل على مثل هذا التقدير, وكان الخطوة الأولى لطريق طويل وشاق. أما عن عضويتها فى مجلس فكتبت : كنت على موعد مع القدر حيث كنا فى مستهل عام 1964 وأعلن عن فتح باب الترشيح للانتخابات ودون حسابات تقليدية لاحتمال فوزى أو سقوطى فى مثل هذه المعركة الانتخابية وجدتنى أرشح نفسى لانتخابات مجلس الأمة رغم أننى لم أحلم يوما بأن أكون عضوة فى البرلمان, وكنت السيدة الوحيدة لأسماء المرشحين فى الدائرة وعددهم 17 عضوا. وبدأت أطرق أبواب المنازل منزلا منزلا وشقة شقة وحفزنى على مواصلة هذه الجولات الشاقة ذلك الترحاب والارتياح والمودة التى قابلنى بها الناس فى بيوتهم, ولا استطيع وصف المجهود الذى بذلته فى تلك الفترة الى أن جاء يوم الانتخابات وهكذا كلل الله جهدى وحصلت على 18 ألف صوت وأصبحت عضوة فى مجلس الأمة الذى كان يرأسه المرحوم الرئيس السادات فى تلك المرحلة وبعد ثلاثة ايام من عضويتى دخلت مكتبه وقلت له: أريد أن أتتلمذ على يديك حتى أصبح جديرة بلقب البرلمانية، وتعددت مرات دخولى للبرلمان عاصرت خلالها رؤساء عدة منهم حافظ بدوى والمهندس سيد مرعى ود.رفعت المحجوب.