أكدت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الخمسين لتعديل الديتور أن ممثلي حزب النور تعمدوا إثارة الخلافات والظهور أمام الشارع علي أنهم المدافعين عن الدين وحماة الشريعة تحقيقاً للمكاسب السياسية ليس إلا. أضافت في حوارها ل "عقيدتي" عشية التصويت علي الصيغة النهائية للدستور أنها تري أن الأزهر الشريف لم ينقص من قدره في الدستور الجديد وأن حرمان المرأة من الكوته لا يمثل حواراً عليها وأن ما تشهده الجامعات من فوضي وثورة للشباب لن يردها إلا هيبة الدولة والقانون. حول كل هذه القضايا وغيرها كان هذا الحوار * تم التصويت النهائي علي الدستور بعد خلافات حول مواد الهوية وتزعم حزب النور الدعوة بالنص علي أن مصر دولة إسلامية ورفضت الأحزاب الليبرالية والكنيسة ذلك.. فهل ترين أن هذا الخلاف كان في محله؟! * * رغم الخلافات الكثيرة التي وقعت داخل لجنة الخمسين خاصة فيما يتعلق بمواد الهوية والشريعة الإسلامية إلا أننا جميعاً حرصنا علي أن نخرج بصيغة معتدلة وتحديداً في القضايا الشائكة التي تخص الأمور الدينية وهوية الدولة والكنيسة وما يتعلق بالأقباط وكذلك الأزهر . لذلك كان يستغرق الحوار داخل اللجان الفرعية وتحديداً لجنة المقومات الأساسية التي كنت عضواً بها عن المجلس القومي للمرأة التي كانت تعد بمثابة العيون علي الأديان المختلفة ومن مثار دهشتي وإعجابي أننا كنا بعدما ننتهي من الاتفاق علي بنود بعينها أفاجأ في اليوم التالي أننا نبدأ من الأول ليس لسبب سوي خشية الشارع وذلك الضجيج الذي يوجد في الشارع به كل صغيرة وكبيرة لكل حرف يخرج من لجنة الخمسين وتربص الشارع بنا.. لذلك كنا نشعر بعبء كبير يقع علي كاهلنا وليس هذا فحسب فما كان يحدث من فصيل معين داخل لجنة الخمسين كان سيئاً مخزياً ومخجلاً فهذا الفصيل راح يقوم بالمناورات ويصور نفسه علي أنه حامي حمي الدين وأن الدين الإسلامي كان يتيماً قبلهم وكنت أرد عليهم بسرد الأمثلة في حياة النبي صلي الله عليه وسلم مع أهل المدينة بمسلميها ومسيحيها ومهاجريها وأنصارها مع الكفار الذين كذبوا النبي ولم يدخلوا في الإسلام كنت أوضح كيف جعل منهم النبي أمة واحدة علي هدي القوانين المدنية التي جمعت كل المختلفين بمقتضي وثيقة المدينة التي رسخت مفهوم المواطنة وأعطت كل إنسان حقه بغض النظر عن معتقداته وثقافته وأفكاره. وفيما يتعلق بمادة الهوية واللغة الذي ثار حولها عندما أقول "مصر" فهي كلمة جامعة مانعة واضحة المعالم ذات جذور لا يختلف عليها وهي أن مصر اجتمع في هذا الاسم العظيم الحضارة الفرعونية أو الحضارة القبطية والإسلامية فمصر علي مر العصور احتوت كل المختلفين دون تصادم وعدم التصادم كان أعظم سمة لأهل مصر وكأن أكبر دعاية للاعتناق الإسلام لكل واحد علي مصر.. فهذا الحب وذلك التفاهم لم يعرفه أحد إلا في الدين الإسلامي فكم في الأقباط من آلام لمجرد الاختلاف في المذهب .. ففي القرن الثالث الهجري وتحديداً في عصر المعتصم العباسي حيث قام أمام مسجد ومؤذن بهدم معبد للنار وأخذوا قوالبه وبنوا بهذه القوالب مسجداً فما كان من الخليفة المعتصم إلا أن قام بجلد المؤذن والأمام لهدمهما المعبد وأعاد بناءه .. لذا أري بكل صراحة أن هوية مصر لا تستحق كل هذا الجدال فمصر علي مدي ألف وأربعمائة سنة مشهود لها بالتدين ولشعبها بتسامحه . ولا داعي لما أشاعه هؤلاء من جدال لمغازلة الشارع المصري وتحقيق مكسب ليظهروا أمام الشارع أنهم حماة هذا الدين الذي خرج من مصر وسيعود علي أيديهم!!؟ مبادئ الشريعة * إصرار حزب النور علي إضافة تفسير لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية في ديباجة الدستور وتلويج حزب النور بالانسحاب في حالة الامتناع عن اضافته .. فهل ترين أنهم كانوا علي حق في هذا؟ * * في حقيقة الأمر كلمة مبادئ لم نرفض ومن ادعي ذلك فهذه ومزايدة غير مقبولة. أما إصرار حزب النور علي إضافة تفسير لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية فقد رأيته من باب المتاجرة بالدين كما أن اضافة هذا لا داعي لها علي الاطلاق. المادة 219 * الحديث عن وضع المادة 219 في الدستور وقول البعض بأنها لم توضع علي أي حال هل ترين وجود أهمية لوضع هذه المادة في دستور 2013؟ * * في حقيقة الأمر هذه المادة لا يجب أن توضع في الدستور بتاتا لأن اجتهاد فقهائنا اجتهاد بشري يؤخذ منه ويرد وهؤلاء هم من قالوا لنا هذا فالإمام أبو حنيفة رضي الله عنه قال "هذا رأينا منا قدرنا عليه فما يتفق ويتوافق مع المصالح المرسلة فخذوه وما يتعارض فردوه" وكذلك قال الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب وكذلك قال الإمام مالك رضي الله عنه:" كل شيء قابل للأخذ والرد إلا ما صدر عن صاحب هذا المقام وأشار إلي مقام النبي صلي الله عليه وسلم".. وهذه المادة أري أنه لا قيمة لها. ومزايدة حزب النور عليها إنما لهوي سياسي في أنفسهم يريدون تحقيقه وهذا ما جعلنا نقف أمامهم. وضع الأزهر هل أنت راضية عن وضع الأزهر في الدستور؟! * * لا أجد تقييداً لوضع الأزهر في الدستور وما أثير حول مرجعية الأزهر في الشئون الإسلامية ورفض الكنيسة لذلك ومطالبتها بأن تكون المرجعية للملكة فهذا أمر طبيعي لأن الأزهر نفسه لم يرحب بأن يؤخذ رأيه في كثير من الأمور وكم من القضايا التي ترد للمحاكم وكم من قضايا أخري يتم الرجوع فيها للأزهر الشريف من باب احترام التخصص.. فهذه الأمور لا يجب أن ينص عليها في الدستور إنما المسائل تشير بشكل سلس طبقاً للمنفعة العامة دون تعقيد وعلي أي حال فالأزهر مؤسسة تربوية وعلمية ومرجعية دينية عريقة يعرف قيمة نفسه ويدرك جيداً كيف يضع نفسه سواء بالدستور أو بغيره. * الخلافات الكثيرة التي كانت تحدث داخل لجنة الخمسين ذهبت بالبعض وجعلته يقول بأن الإخوان المسلمين كانوا أكثر توافقا عند وضع دستور 2012 فهل تتفقين مع هذا الرأي؟ ** لا أتفق إطلاقاً مع من يردد هذا الرأي فهذه مبالغة غير صحيحة وليست في محلها فرغم الخلافات الكثيرة التي شابت لجنة الخمسين إلا أنني أستطيع أن أقول وبصدق إن الجميع كان حريصاً علي تقديم دستور يحمي هوية مصر وشريعتها والجميع كان يقدم المصلحة العامة علي المصالح الفئوية .. لذا أتوقع التصويت علي الدستور بنسبة تزيد علي 70% وليست العبرة بالدستور فهو مجرد مؤشرات مثل علامات الطريق فهناك من يكسرها وهناك من يلتزم بها وأناشد الشعب المصري أن يخرج من هذه الشرذمة وهذه الانقسامات ويخلص لهذا البلد ويجد ويجتهد لأنه حان وقت العمل الذي تأخر كثيرا ولا نظل قابعين في أماكننا والجميع يتقدم ونحن نتأخر وبلادنا وأبناؤنا هم من يتكبدون الثمن. كوتة المرأة * باعتبارك كنت تمثلين المجلس القومي للمرأة فهل توافقين علي إلغاء كوتة المرأة رغم رفض معظم الجمعيات النسائية لهذا الأمر وتصريحهم بأن دستور 2013 جاء مخيباً لأمال المرأة؟ * * أستطيع أن أقول إن حظ المرأة مكتوب في كل حياتها وهذا ليس بجديد علي المرأة المصرية.. أما مسألة الكوتة فلا أعتبرها علاجاً لأن هناك فئات كثيرة تريد كوتة كالشباب والأقباط والنوبيين. فهل تنقلب مصر إلي كوتات وطوائف فأنا لا أرحب بهذا علي الإطلاق إنما علي المرأة أن تعمل وتجتهد وتقتحم الحياة السياسية والعلمية والاجتماعية وتقدم نفسها للناس وتنزل الشارع وتشارك في كافة الأنشطة والمجالات علي الإعلام أن يرتقي بوعي الناس تجاه المرأة وكفانا سفسطة كلامية لا عائد منها ولابد أن نعرف طبيعة الوقت ونجتهد في العمل.. فالكوتة لن تحل مشكلة المرأة إنما المرأة هي من تقوم بحل مشكلتها بنفسها ولنتحد معها جميعاً إذا أردنا لها التقدم والرقي. قوة القانون * كيف ترين ما يحدث في الجامعات المصرية وتحديداً بجامعة الأزهر من مظاهرات وإضراب عن الدراسة وامتناع عن الامتحانات؟ * * قلبي يعتصر علي ما آراه يحدث داخل بيتي الأكبر والأول وهو جامعة الأزهر من تخريب للمنشآت واقتحام للمباني وتطاول علي الأساتذة وسباب وشتائم غير مبررة وغير مقبولة من هؤلاء الذين تعلموا وتربوا في كنف الأزهر الشريف علي الدين والاخلاق ولذا أنا أؤيد القبض بيد من حديد علي كل متطاول ومخرب داخل الجامعة .. فالأزهر قيمة وقامة رفيعة لا تعرف قيمته في مصر إنما في كل بلاد العالم. الشباب الثائر * هل يمكن احتواء هذا الشباب الثائر والتحاور معه وتفويت الفرصة علي من يريد استخدامه لتخريب الجامعة والنيل منها؟ لقد فات وقت الحوار والاحتواء فهؤلاء لن يتم احتواؤهم إلا بقوة القانون لأن ثورة الشباب لا يردعها إلا هيبة الدولة وقوة القانون.. فنحن في محنة كبيرة لن نتخطاها إلا بتفعيل القانون وتطبيقه علي كل خارج عنه.